* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
-
الثَّالثة وتسعٍ وعشرين دقيقة بعد مُنتصف اللَّيّل|| مَنزل كِين
*
كَانت يُوليان تستيقظ من غَفواتها القَصيرة بتتابع اثر احتشاد الأفكار بَداخِل رأسها منذ أخبرها كِين بما عنده، حَاولت تَجاهل حَقيقة القَلق الذِّي يَعتريها بمُجرد تَذكرها لعودتهم في الغَد إلى مَنزل العَائلة بعد تغيّب ثمانية أيامٍ عنه، إضافةً إلى تَفكيرها بما قد يقوله البَقية عن انقطاعهما المُّفاجئ هذا وامتناعهما عن الإجابة على الرَّسائل والاتصالات المُّتكررة، لكنها كَحال النَّائم بجانبها، قد احتاجت إلى وقتٍ كافٍ لاستيعاب الذَّي جرى بجَانب ما قصّه هو عليها وتَرابط كل شيءٍ ببعضه، التفتت إلى جَانِبها الأيمن مُحدقةً بملامحه المُّتعبة وخُطوط الإرهاق أسفل عيّنيه، كان يستيقظ بسهولة عندما يَشعر بأيّ حركةٍ أو همس، لكنه وبسبب قضائه لليالٍ مُتواصلة بلا نومٍ كاف، بالكَاد تحامل على نفسه خلال ساعات النَّهار لئلا يَسقط بأي لحظة...
رفعت كَفها مُمرِرةً إياه على ظاهر ملامحه، وعيّناها قد امتلأتا ببعض الدُّموع، مُتذكرةً حُزنه الذِّي وَصلها وهو يَقص عليها ما حدث في الماضي، تمّنت لو أنّها استطاعت العُثور عليه بتلك الأيام والتَّحدث إليه، أو لو أنّها كانت تعلم بصداقته هو ويُوقي، لرُبما وجدت فُرصةً مُبكرة لسد احدى فَجوات الحُزن المُّشتعلة آنذاك.
دنت قريبًا منه حتى أصبحت المَّسافة بينهما شِبه مُعدومة، ارتفعت بجِذعها قَليلًا مُقبلةً جَبينه بخِفة، خرجت مع فعلها هذا بضع قطراتٍ من عيّنيها بحُزن، فحتى بإقناع نفسها ألا حاجة لتشعر هكذا، إلا أنّها وكلما أطالت النَّظر إليه، ألفت مشاعرها تُصارعها للخروج، ودت لو تُفصح بكل ما يختبئ بقلبها لولا خَشيّتها أن تُفسد راحته وتَزيد شقاءه، اختارت حَبس كل شيءٍ كعادتها، عائدةً للاستلقاء بجانبه، كَفها يَشد كفه الواقع على الوِسادة بينهما، تتمنى لو أنّه يَحظى بما يَكفيه من الرَّاحة ولو لليلةٍ واحدة، بعد الذِّي جرى..
+
التَّاسِعة واحدى عشر دقيقةً صباحًا...
*
كان كِلاهما قد بدأ بالاستعداد للمغادرة والعَودة إلى مَنزل العَائلة، لم يَكن كِين يملك شيئًا ليَقوله منذ استيقظ، وما زاد صمته هو تِلك المَّلامح التِّي استيقظت الأصغر بها وهالة الهُدوء المُّحبط حَولها، أخذ ينظر نحوها بين حينٍ وأخر فِي حال أرادت التَّحدث أو ظهر شيءٌ ما على ملامحها، ولكنها بقيت كما كانت حتى أوشكا على الخَطو ومُغادرة الحُجرة، لتستوقفه بشدها على كفه، داعيةً إياه ليلتفت ناظرًا نحوها باستنكارٍ وقلق، لم تتمكن هيَ في النَّاحِية المُّقابلة التَّحدث بشيءٍ عدا ذكر اسمه بنبرةٍ مُهتزة، تُقاوم وبوضوحٍ رغبة البُكاء القَوية، مدّ كِين كفّه الحرّ، رافعًا به وجهها لتنظر نحوه، فيجد ما توّقعه من تلك المُّحاولات، غطَت الدُّموع وحُمرتها وَجنتيها واندفعت شهقاتٌ ضعيفةٌ من بين شفتيها بعدما فشلت بحبسها، حَاول جَذبها نحوه وعِناقها، لكن سُرعان ما استوقفت فعله، مُتسببةً بظهور العُقدة بين حاجبيه، تَسائل عمّا تحمّله وتَرغب بالتَّحدث به، لتُجيبه بعد لحظاتٍ من السُّكون: لا يُمكنني الاستمرار هكذا كِين...
أنت تقرأ
Lost.
Short Storyعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح