Unstoppable ♦️

27 3 49
                                    



* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


فَجر الإثنين|| الثَّانِية وثَلاثٍ وثلاثين دَقيقة.

-

كَانت نَسائم اللَّيل السَّاكنة تَمر على سُكان المَّدينة بهذه السَّاعة، وكأنَّها مُلاطفةٌ بعيدة المَّدى لهم، وأمُنيةٌ صامتة بأنّ يَحظى الجَميع بنومٍ هانئ، يَمحو مَشاق نِهارهم الطَّويل.

بَمنزل غُرابي الشَعر، كَان كحال الجَميع غارقًا بنومه بجانب الأصغر، والتِّي كانت أسبق بالنَّوم هذه اللَّيلة بخلاف ما اعتادته مع استمرارها بالدَّراسة حتى ساعةٍ مُتأخرة.

لكن الأمر بالنِّسبة لها لم يَكن بذات الهُدوء الذِّي أرادت الحُصول عليه، إذّ أنَّها عادت لرُؤية كل ما حَدث معها قَبل بِضعة أشهرٍ بمنامها، كما لو أنَّها تَعيشه لمرةٍ ثَانية، وذات الخَوف والاضطراب عادا ليَسكنا قَلبها كالمَّرة الأولى.

كَان أنينها العَالي وحَركتها المُّتزايدة سببًا باستيقاظ الأكبر بقلق ما أنّ شَعر بكل هذه التَّحركات بجانبه، فيَنهض مُعتدلًا بجلوسه لبضع لحظات قَبل أنّ يَلتفت لإضاءة الضَّوء المُّجاور له، ومن ثُمَّ يَبدأ بهز الأصغر ما أنّ أصبحت هَيئتها واضحةً أمامه، شاهدًا الدُّموع وتعابير الانزعاج التِّي غَدت مُستقرةً على وجهها، مزامنًا بذلك لحظة هَمسه لها: إنَّه مُجرد حُلم يُولي عليكِ الاستيقاظ.

لم تَكن إلا لحظاتٌ مَعدودة عَقب هذا الهَمس حتى استيقظت الفَتاة من نَومها بفزع، مُندفعةً للجلوس على الفَور، وكفاها قد استقرتا على وجهها البَاكي، فيقترب كِين منها مُعانقًا إياها بجانبية، ومن ثُمَّ يَهمس حال إسناده رأسه على رأسها: لقد انتهى كل شيءٍ يُولي، فقط حاولي مُجاراة نمط تَنفسي.

لم يَستغرقها الأمر أكثر من ثَلاث دَقائق حتى تُغمض عينيها بسكينة دُون إعطاء أدنى إجابةٍ له، فيعتقد أكبرهما أنَّها عادت للنوم على الفَور بسبب تعبها، فيَعود للاستلقاء مكانه عَقب وَضعها بخاصتها، مُعدلًا الغِطاء لكليهما، ومن ثُمَّ يَتمنى لها نومًا هانئًا، بخِلاف السَّاعات المَّاضية، لكنه لم يَعلم أنَّها كانت ما تَزال مُستيقظةً حتى الصَّباح، بعدما عَجزت عن العَودة للنوم مُجددًا.

صَباحًا، كَانت يُوليان تحافظ على هُدوءها رُغم كل ما يَجري حَولها بيومها الدِّراسية، متضمنًا حَديث صَديقاتها معها، والذِّي اكتفت بإجابته بردودٍ مُختصرة إنّ حدث وأعادوه عليها مرةً أُخرى، بَجانب مُحاولاتها المُّستمرة للتركيز على يَشرحه الأساتذة خِلال أوقاتهم المُّحددة.

أثناء تَركيزها على الأوراق الخَالِية أمامها بعقلٍ مُنشغل، وَصلها هَتف الأستاذة مِيا باسمها، مِما دفعها لتوجيه أنظارها نحوها، فتجدها تُحدق بها بابتسامةٍ عَذبة، سائلةً إياها أنّ تُجيب عن السُّؤال التَّالي بما تعتقده مُلائمًا، فتُخرج ما كان بعقلها من إجابة، فتَكون ابتسامة الأكبر أمامها كافيةً لتأكيد أمر إصابتها القَول، فتعود للجلوس بمقعدها ما أنّ أشارت لها بذلك، مستأنفة بعدها ما كان تقوم به.

Lost.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن