* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
-
الإثنين || الثّانية عشر وواحدٍ وثلاثين دقيقة..
*
كان كِين واقفًا أمام خزانته المُمتلئة ببعض الملفات المهملة والتّي ظهر وأن بعض موظفيه قد قاموا بنسيان تقديمها له في الأسابيع الماضية مما جعلها تتراكم عليه على غير العادة، لكنه قرر ترك الأمر يمر لكونها أعمالًا غير مُستعجلة ولا ضرر بتأخيرها، بدأ بقراءتها واحدًا بعد الأخر مُدققًا بما قام الموظفون بكتابته من أراء وتقييم أعمالهم بهدوء بعدما انشغل في الساعات الماضية بالاجتماع معهم والتّحدث لوقتٍ طويل، أيقظه من شروده بعض الطّرقات على بابه ليتنهد كونه كان مُتأكدًا من انتهاء الأمر مع الموظفين، أذن للطّارق بالدّخول دون أن يرفع عيّنيه عن الملف حتى عندما سمع صوت فتح الباب وإغلاقه، قرر التزام الصّمت والبقاء ساكنًا حتى يتطرق الزائر بالتّحدث والإفصاح بما عنده، لكن وبدلًا من أن يحصل على إجابةٍ لفظية، شعر بذراعين تلتفان حول جذعه حاصلًا على عناقٍ خلفي، ابتسم بجانبية حال تمييزه لصاحبة الفعل والتّي كانت يُوليان دون سواها، شعر بها تطلق تنهيدةً طويلة وكأنها بدأت تشعر بالارتياح بعد سيرها الطّويل، ليمد احد كفية مُطوقًا معصمها جاذبًا إياها بين ذراعيه دون أن يُبعد عيّنيه عن الملف، أخذت الأصغر بضع لحظات لتعيّ فعله قبل أن تتقوس شفتاها بابتسامة لطيفة، دفنت الأصغر وجهها بعنقه أكثر تاركةً إياه يُكمل ما بين يديه لكونها تعلم كم أنه يكره أن تتمّ مُقاطعة عمله...
بضع دقائق سكنت بها الأصغر بين ذراعيه مُستعيدةً أنفاسها قبل أن تشعر بحركاتٍ صغيرة منه دلتها على كونه قد أنهى الاطلاع على ما بين يديه وها هو ذا يقوم بإعادة كل شيءٍ مكانه وترتيب بعض الأوراق الأخرى ومن ثمّ أقفل الخزانة الخشبية بالمفتاح الخاص بها، سلّط الأكبر اهتمامه وانتباهه على الفور نحو المُختبئة بين ذراعيه ليشد بعناقها مستطردًا: تستمرين بفعل ما يحلو لك والقدوم سيرًا على قدميكِ إلى هنا، المسافة طويلة بين الشّركة وجامعتك، لمَ لمّ تتصلي بي فقط؟
ضحكت الأصغر مبتعدةً عنه ببضع سنتمترات مُحدقةً بداخل مجرتيه السّوداء مُجيبةً إياه: إنها عشر دقائق يمكنني بالطّبع قطع هذه المسافة...
نقر أنفها مُمازحًا إياها ليُجيب: مُخادعة، السّير العادي يحتاج إلى قرابة الربع ساعة في حال كان الطّريق غير مزدحم، أنتِ ركضت طوال الطّريق لذا أتيت بوقتٍ قياسي، هل أنا مُخطئ بهذا يُولي؟
نفت الأصغر برأسها مُقابلةً إياه بابتسامة بريئة تُظهرها وكأنها لم تقم بأي شيءٍ خاطئ مما دعاه لتحرير قهقهةٍ مبتهجةٍ بسببها، أخذ كفها جارًا إياها خلفه أخذين مكانهما على الأريكة، بدأت الأصغر تقصّ عليه كما اعتادت منذ بداية دراستها ما يحدث خلال يومها، بشأن الأساتذة الذّي يقومون بتدريسها والطّلاب الأصغر سنًا منها والكثير من التّفاصيل التّي لم يكن الأكبر ليمل من سماعها منها وبالتّحديد تلك التّي تتلون بها نبرتها دلالةً على سعادتها أو ربما ضحكها والكثير مثلها، أشار كِين لها بالاستعداد للمغادرة حالما دقّت ساعته الحائطية مُشيرةً إلى الواحدة والنّصف، إعانته على حمل بعض الملفات التّي رغبّ بتفقدها بهدوءٍ في المنزل بينما حمل هو المُّتبقي، تاركًا إياها تغادر أولًا ليتمكن من إغلاق باب المكتب خلفه، لكن وقبل أن يتمكنا من أخذ خطوةٍ واحدة أوقفهما قدوم أحد الموظفين قاصدّا كِين وعلا ملامحه علامات الارتباك، تحدث مخُاطبًا كِين بنبرةٍ راجية: من فضلك سيدي لديّ شيءٌ مهمٌ لمناقشته ولتويّ قد أنهيته وعجلت بالقدوم إليك، أردت القدوم في وقتٍ أبكر لكنك كنت مشغولًا مع بقية الموظفين ولا أرغب بالتحدث بينهم، لذا...

أنت تقرأ
Lost.
Kurzgeschichtenعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح