* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
الثَّالِثة وواحدٍ وعِشرين دَقيقة.
*
كَان غُرابي الشَّعر قد غادر مَقرّ عمله برفقة يُوليان حال انتهائهما من أعمالهما، عائدين بطريقهما إلى مَنزلهما، وهالة الأصغر ما تَزال على حالها المُّبتهج مُنذ فَرغت من الاجتماع وحتى هذه السَّاعة، كما لو كانت الأحداث حولها عاجزةً عن التأثير عليها ولو بصورةٍ طَفيفة.
بجانبها، كَان كِين يُلقي نظَراتٍ سَريعةً عليها بين لحظةٍ وأُخرى ما أنّ وجدها تُواصل إظهار تعابيرٍ البهجة بكل الطُّرق المُّمكنة لها، إذّ أنَّها واصلت أرجحه كفيهما أثناء سيرهما في الطَّريق، والأن تَفعل المِّثل بقدميها، مُواصلةً الهمهمة بمعزوفتها المُّفضلة.
حال توقفهما عند الإشارة المُّرورية، التفت الأكبر بشكلٍ جانبيٍ إليها، مُحدقًا نحوها بحاجبٍ مَرفوع، فيجدها تُبادله التَّحديق بذات الطَّريقة اللَّطيفة، فيُخاطبها بنبرةٍ مُستفهمة: هذه البَهجة كُلها لنجاح خُطتكِ دُون أدنى تَدخلات؟
أجابته الأصغر بنبرةٍ مُبتهجة: بالطَّبع!، من الأحمق الذِّي لن يَبتهج إنّ حدث معه شيءٌ كهذا؟ التَعابير التِّي اعتلتك أنت ويُوقي والصَّدمة التِّي اعتلت ذلك الوقح، لن يُنجح أحدٌ بإفساد مزاجي العَذب حتى نِهاية اليوم.
قام بطرق جبينها بإصبعيه حال ختمها الحديث، وذات التَّعبير المُّستنكر يعتليه، فتبدأ بفرك مكان الطَّرقة، مُلقيةً نَظرةً مُستفهمةً عليه، علّها تُدرك سَبب هذا الفعل، فيُخاطبها الأكبر حال انطلاقه: لا تَكفين عن كونكِ مُتهورة يُولي، أيًا كان المَّوقف الذِّي أنتِ به، ستختارين فعل ما برأسكِ دُون الاهتمام بالعواقب.
على كل حال، أخبرتكِ أنّ الأمر مَضى هذه المَّرة فقط لكونكِ سعيدةً في المَّقام الأول، وثانيًا لكونكِ لم تتعرضي للأذى من قِبله، لكنني لن أفعلها في المَّرة القادمة، أيًا كان الحدث وما تَرغبين بفعله، لن أقف مُتفرجًا عليكِ وأنتِ تَمرين بذات المَّوقف مع حُثالةٍ مُشابهة أو حتى عندما يَكون موقفًا يُمكن أنّ تُصابي خِلاله بخدشٍ واحد وإنّ كان الفاعل غَير موجودٍ أمامي.
هتفت الأصغر بفرح حال سماعها لقوله، كما لو كان هذا التَّحذير لا يُشكل شيئًا بالنِّسبة لها بهذه اللَّحظة، ومن ثُمَّ تُخاطبه بنبرةٍ مُتطلبة ما أنّ تَذكرت أمرًا أخر تَرغب بفعله: أُريد تناول طعامٍ بحريٍ بهذه المُّناسبة كِيني.
ألقى الأكبر نَظرةً مُتفاجئةً عليها قَبل أنّ يَعود للنظر إلى الطَّريق أمامه، بادئًا بتخفيف السُّرعة لئلا تختلط الطُّرق عليه، ومن ثُمَّ يُخاطبها بنبرةٍ مُستنكرة: طعامٌ بَحري؟ ومن العَدم؟ أأنتِ مَسرورةٌ إلى الحد الذِّي يَجعلك تُقررين قراراتٍ مُفاجئة؟

أنت تقرأ
Lost.
Kısa Hikayeعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح