* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *-
السَّبت|| التَّاسِعة وثمانٍ وثلاثين دقيقة مساءً.
*
كان الحَياة قد عادت إلى طَبيعتها بعدما استطاع كِين جَعل يُوليان تُواجه مَشاعرها بدلًا من الاستمرار بالهَرب دون نَفع، إضافةً إلى سرده ليُوقي ما خُفيَّ عنه من تفاصيل، مِثل سبب غرقه بالغَضب وتَحطيمه للكأس وامتناعه عن العَودة إلى الحُضور وما يَتبعه بعد ذلك من أحداث.
كانت الفتاة قد عادت للتَحدث إليهم جميعًا بعد اعتذارها عن كل ما تَسببت به من إزعاجٍ لهم وعن عدم مَقدرتها على مواجهتهم طِوال تلك الأيام وبالتَّحديد والدتها، لكنها بالمَّقابل لم تَجد أيّ ردة فعلٍ مُنزعجةٍ أو مُستاءة، بل على العَكس تمامًا، كانت قد قُوبلت بعناقٍ ضَيقٍ من يُوتا وميساكي، ويوكي الذِّي استمر بالهتف بفرح لكونهم سيعودون لسُكون أيامهم المَّفقودة.
في هذه الأثناء، كان جَميعهم باستثناء يُوليان مُتواجدين بصالة الجُلوس العُلوية برفقة فِيرلا، وبقية الكِبار قد غادروا لتناول العَشاء معًا والحُصول على وقتٍ هادئ كإحدى عاداتهم الأسبوعية الثَّابتة، في حِين كانت أصغرُ الفتيات تَقضي ساعات فراغها خارجًا مع صَديقاتها بعدما قاموا بتسليم ما طَلبه الأستاذ منهم، استمرت لُونا ولِيا بطَرح ما يدور بداخلهما على مسامع الصَّامتتين، مُتلقين ردًا بين لحظةٍ وأخرى حسبما يَتطلب محور حديثهم، لينتهي المَّطاف بإعادة أصغرهم إلى مَنزلها ومن ثُمَّ يُوليان، وتتجه ألما ولِيا عائدتين إلى مُنزلهما سيرًا...
استنكرت حال رؤيتها للطَابق السُّفلي مُطفئًا بصورةٍ كلية حتى خدم المَّنزل لا يُسمع لهم همسٌ على غير العادة، إذّ أنّهم مُعتادون على الجُلوس به عندما يُغادر والداه والبقية، لكن سُرعان ما أخذت خُطواتها إلى الطَّابق العلوي حال سماعها لصوت التِّلفاز، كانت مع كلِ خطوة تقترب بها منهم يتضح لها صوت أحدهم حسب من يكون المَّتحدث بينهم حتى أصبحت واقفةً عند الباب الحُجرة، ومن ثُمَّ نَسبت جاذبةً انتباههم نحوها: لقد عدت...
وجدت ابتساماتهم مُرحبةً بها بجانب قفز يُوتا من مقعده مُعانقًا إياها حد سقوطهما أرضًا، مُتسببًا بضحكهم على حماسه المُّفرط كلما رأها، ربتت على رأسه كإشارةٍ له لينهض، لكنه نَفى مُتحدثًا: لم أركِ بالأمس بسبب امتحاني واليوم أنتِ انشغلتِ بالكَثير، هذا ليس عدلًا...
اقترب يُوقي منهما نِية إبعاد أصغرهم عنها ومُساعدة كليهما على الوقوف، ليتزامن ذلك مع تحدثه: أودُ لو أفهم لمَ تُحب إيقاعها أرضًا كلما اقتربت لعناقها يُوتا.
مَدت يُوليان كفها لشقيقها الأكبر طالبةً منه إقامتها بعدما نَجح بإبعاد الصَّغير، لتُردفَ فِيرلا مُخاطبةً إياها: هل ستأتين للجلوس برفقتنا أمّ أنَّكِ مُتعبة وتَرغبين بالنَّوم يُولا؟