* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
عَقب انقضاء الثَمانية عَشر يومًا ذات الطَّابِع الاعتيادي البَاهت، والتِّي خَلّفت الكَثير بصدر غُرابي الشَّعر على وجه الخصوص والبقية من حَوله، كَانت الفَتاة قد استعادة وعيها صَباح التَّاسِع عَشر وهيَ بين ذِراعي الأكبر، رَغب باحتوائها بين ذراعيه لأطول وقتٍ مُمكن، فكَونها قد عادت لوعيّها وقامت بفتح عيّنيها، كان كفيلًا بعصف مَشاعره واستبدال إحباطه بمَسرّة نَقية، استمرت بالتَّراقص داخل قلبه بعد العِجاف السَّابقات.
كَانت يُوليان تُواصل التَّحديق بالفَراغ مُنذ لحظة استيقاظها وحتى تَسقط نَائمةً بسبب التَّعب أو الأدوية التِّي تُعطى لها، دُون أنّ تُعطي استجابةً واحدةٍ لأحدهم أو تُجيب أحاديثهم الطَّويلة وأسئلتهم المُّتكررة، فيفهم كِين عِندها أنَّها تَقطع بهاوية الصَّدمة، تمامًا كتلك التِّي وقعت بها عندما استعادة ذكرياتها.
كَان غُرابي الشَّعر قد اعتاد نَمط تَغذيتها المُّنظم من قَبل المَّشفى، كَونه يأتيه مُعدًا ولا يحتاج إلا لسكبه في عُبوة التَّغذية المُّعلّقة بجانبها، ومن ثُّم إضافة القليل من المَّاء لإنزال ما بَقيّ عالقًا بالأنبوب لئلا يُسد وتُضطر لوضع واحدٍ أخر.
خِلال اليَوم الذِّي يَلي خُروجها، احتاجت لإدخال إبرةً وإبقائها حتى مَوعد الخُروج، أتت مُمرضتان لوضعها كما طَلبت الطَّبيبة منهما، وبحُضور الأكبر الذِّي كَان المُّوكل بالإمضاء على أيِّ تَدخلاتٍ تَطلب توقيعًا وإشرافًا من الوَصيّ.
كَان اليَافع يُواصل التَّحديق بكلتيهما والاستنكار يَنمو بداخله شيئًا فشيئًا، فرُغم جَهله بالجُزء المَّرتبط بعملهما، إلا أنَّه كَان متأكدًا من وجود خطأ بما تقومان بفعله، إذّ أنَّه لم يَسبق له أنّ رأى إبرتين ثُبتان بجانب بعضهما البعض، وبحجمٍ أكبر مِما اعتاد أن يُوضع لها وبفرقٍ شديد الوضوح.
شُتت انتباهه حَال رُؤيته للدموع قد تناثرت على وجنتيها، ليفهم عندها أنَّها تتألم بصمت، فيهتف لهما بنبرةً عالية: توقفا!! ما الحماقة التِّي تقومان بارتكابها؟!
أفزعتهما نبرته العَالية وتوبيخه المُّفاجئ لهما، فيتزامن ذلك مع دُخول الطَّبيبة بتعبيرٍ مُستنكر إثر الضَّجة الصَّادرة، فتستفهم عن سببها، فيُجيبها: ولأنّني جاهلٌ لا يَفهم شيئًا من عملكم، فلتأتِ أنتِ وتنظري إلى ما قامتا به وتُخبريني عمَّا تقومان به!! أيُعقل أنّ فعلهما صحيح؟ لم يَسبق أنّ احمّرت كفّها هكذا بعد إدخال الإبرة، فلم الأن؟
حَدقت الطَّبيبة بحَيث أشار، فتُذهل مِما فعلتا، لكنها لم تَعلم السَّبب الذِّي دَفعهما لارتكاب حماقةٍ كهذه، فتهتف بهما بنبرةٍ مُوبخة: أخرجاها في الحَال!! من يَقوم باستخدام الإبر بهذه الطَّريقة؟ لن تنتفع بأيِّ شيءٍ بفضل حماقتكما، فكل ما سيحدث هو إحداث ضَغطٍ كِبيرٍ على يدها فقط وتنزف فيما بعد، لم أطلب منكما وَضع اثنتين لذا عليكما إخباري بمن طَلب ذلك!، واحدةٌ فقط لإكمال عِلاجاتها الوَريدية وستُنزع فيما بعد، أيُّ فوضى هذه التِّي أحدثتماهما؟
أنت تقرأ
Lost.
Historia Cortaعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح