* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *-
جُزءٌ من اللَّيلةِ المَّاضية || الحادية عَشر وسبعِ دقائق.
*
مَضت قُرابة الثَّلاثِ أسابيع مُنذ عادت يُوليان للاستقرار بَمنزلها بعدما كانت تَقضي الأيام بالتَّنقل من مكانٍ لأخر نِية تَنفيذ ما أوصاها به كَالفِن، لَكن حتى مع عودتها، لم تَكنّ ذات المُّبتهجة المُّنطلقة، قِلما كانت تَنظر إلى وَجّه أيّ شخصٍ عدا كِين، وحتى الحَديثُ معهم كان صعبًا بالنِّسبة لها، فقد كان عَقلُها مُمتلئًا بأفكارٍ عدة مثل اعتقادها بأنَّهمّ غاضبون مِنها، أو ربما يَشعرون بنوعٍ من المَّشاعر السَّيئة تِجاهها، لذا كانت باقيةً برِفقة الأكبر، كونها استطاعت مَعرفة ما لديه دون مُحاولة، وقلقها من التَّقدم نحو البقية أكبر من أنّ تَفعل بمثل هذا الوَقت.
قَريبًا من مَوعدِ نومهما، كان كِين يَتحدثُ إليها بما يدور بعقله بشأنِّ المُّحاولة وأخذ خطوةٍ إلى الأمام، فجميع ما تَضعهُ حاجزًا بينها وبين البَقية ما هو إلا مُجرد وهم، وعليها رؤية الحقيقة بنفسها بدلًا من الانعزال هكذا دون جدوى، لَتنفر هيَ منه بانزعاج، أخذةً مَقعدها بجانب النَّافذة، ليفهم من فِعلها هذا أنَّها لا تَرغب بالتَّحدث إليه عند هذه اللَّحظة.
قرر إشغال نفسه بالأعمال الوَرقية المُّتبقية حتى يَحين موعدُ نومه بدلًا من البقاء دون حِيلة، انهمك بين الأوراق المُّبعثرة أمامه حد عدم شُعوره بمرور دقائق طويلةٍ عليه وهو على ذات الحال، حتى أيقظه جَذبٌ خفيفٌ على قميصه، دعاه ليَرفع رأسه ويُحدق بالفاعل ولم تَكن عدا يُوليان، كانت الدُّموع مُتكدسةً بداخل عيّنيها، بوجنتين مُحمَّرتين من البكاء وشَفتين مُقوستين إلى الأسفل، يَظهر على وجهها مَزيجٌ من مشاعر الحُزن والنَّدم، لكن الكَلمات تبدو تائهةً داخل عقلها لذا لم تكن قادرةً على التَّحدث، لاحظ تَشكل يديها على هيئة قبضتين مُرتعشتين ليَمد كَفه مُطوقًا معصميها ويَجذبها لتجلس بحُضنه، يُحيطها بذراعيه لئلا تَقع، ووجهُها مُخبئٌ بصدره، سَمح ليده الحُرة أنّ تَربت على ظهره بتتابع فور شُعوره بدموعها قد رَطبت قميصه، دون أنّ يَنفكَ عن تَقبيل رأسها بين لحظة وأخرى، علّها تهدأ قليلًا حتى وإنّ لم تَرغب بالتَّحدث، فلم تَعد عنده أيّ مُشكلة في الوقتِ الرَّاهن، ليجدها بعد قرابة الأربعين دقيقة قد سقطت نائمةً بحالها الذِّي هي عليه، وكفّاها تَشدان قميصه كدلالةٍ على عدم رغبتها بالابتعاد عنه، أخذ يُكمل ما تَبقى له من أوراق لئلا يَتبقى لديه شيءٌ لفعله صباحًا قبل المُّغادرة، فقد أصبح يَكره أيَّ صباحٍ يبدأ بإكمال أعمال مُعلقة، ليتجّه بعد انتهاءه من ترتيب ما تبعثر من أوراقٍ وأغراضٍ فوق المَّكتب إلى سَريرهما، فيضعها بشقّها ويستلقي هو بشقه، واقعًا في النَّوم سريعًا بعد كل ما عمل عليه خلال يومه.
أنت تقرأ
Lost.
Short Storyعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح