* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
التَّاسِعة وتِسع دقائق.
+
كَان الثَّلاثة قد عادوا للجلوس بأماكنهم عَقب انتهائهم من الحَديث كحَال رِفاقهم على الطَّاولة، عادت الفتيات للتحدث فيما بينهنّ وكلُّ شابين معًا كالسَّابق، قصّت ألما على يُوليان رؤيتها هيَ وشقيقها لصديق والدها بعد وقتٍ طَويل، مُظهرةً سُرورها خِلال نَبرتها، وتعبير البهجة ذاته يعلو شقيقها ما أنّ ألقت نظرةً عليه، تحدثت الفتاة عن كونهما كان مُعتادين على قضاء الوقت برفقته عندما يَنشغل والداها بعملٍ أو أمسية، فلم يكونا يأمنا طِفلهما أن يَبقيا عند أحدٍ أخر غيره، وأحاديث أخرى مُرتبطة بذات الشَّخص، جعلت يُوليان ولُونا تشهدان مثل هذه التَّعابير على أكبر الفتيات، فتشعرا بسُكون شعورٍ ظريفٍ بداخلهما تبعًا لذلك.
عند لَحظتها هذه، بقيت هيَ بمُفردها على الطَّاولة بعدما اضطر مرافقاها للذهاب والتَّحدث إلى أحد الضيوف، والبقية رغبوا بالسَّير قليلًا بعد جلوسهم الطَّويل.
كَانت يُوليان تضع احتمال اقتراب ذات الشَّخص منها منذُ أنَّها بمُفردها، واحتمال عودتهم إليها قبل أن ينتبه لذلك، فتكون متأهبةً للحالة الأولى حال حُدوثها.
وقد صَدق تَوقعها الأول بشأنِّ قدومه قبل أن يعود البقية، إذّ أنَّها قد استطاعت رؤية انعكاسه في المِّرآة المُّقابلة لها، يَرتدي ابتسامةً مَاكرة، لطالما تمنّت لو باستطاعتها صفعه وإزالتها عن مُحياه.
تَقدم بخطواتٍ ثابتة نحوها حتى استقر عند الطَّرف الأخر من الطَّاولة، ويتحدث بنبرةٍ تُشابه تَعبيره: مَضى وقتٌ طَويل منذُ رُؤيتي لهذا الوَجه، ألم تَشعري بالاشتياق لي بالمِّثل؟
أشاحت بعيّنيها إلى النَّاحية الأخرى مُحاولةً تجاهله علّه يَذهب، لكن سُرعان ما وجدته قد أضاف كلماتٍ بعد تِلك التِّي لم يَحصل على إجابةٍ لها: ذات الاستجابة المُّزعجة، ألا تظنين أنَّكِ تُواصلين اختبار صبري؟ أنا أتحدث إليكِ أجيبي بالحُسنى.
اكتفت بالبقاء على حَالها كما هي، مما ضاعفَ استفزازه، لكنه اكتفى بالضحك على برودها وتجاهلها، مُكتفيًا بكلماتٍ معدودة في النِّهاية: لنَرى ماذا بعد هذا الصَّمت.
سَلك طَريقه بعيدًا عنها، لتنفث أنفاسها الثَّقيلة بارتياح، فلم تعتقد أنَّه سيكتفي بالتَّحدث هكذا فقط، فلا تبدو أنَّها من طباعه، لكنها اختارت نِسيان الأمر، والعودة للتَّركيز على أمورٍ أخرى حتى يَعود البقية إليها.
دَقيقة، اثنتان، حتى اقتربت من اثنيّ عشر دقيقة قد انقضت بهدوئها عليها دون أن يَعود أحدهم إليها، تَلقت قبل بِضع دقائق اعتذارًا من شقيقها لتأخرهم، بجانب إخباره لها أنَّهما سيأتيان بعد وقتٍ قصير، واعتذارٍ أخر قد خُتمت به الرِّسالة، اقترحت إحدى العَاملات عليها الخُروج والسَّير قليلًا ما دام الوقت مُبكرًا على البدء، فتجدها فكرةً جيدة للتخلص من التَّشتت الذِّي تتعايش معه بلحظتها، مُقدمةً شُكرها لها.
أنت تقرأ
Lost.
Short Storyعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح