* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
صباح السَّبت || التَّاسعة وثلاثٍ وعشرين دقيقة.
-
كَان الجَميع قد انطلقوا بطريقة عودتهم إلى مَنزلهم عَقب قَضاء أيامٍ لا تُنسى كما كان مُتفقًا عليه باستثناء غُرابي الشَّعر وزوجته، إذّ أنّ الأخر قد أخبرهم بكونه يَرغب يومين إضافيين لتعويض الفتاة عن يوم إصابتها...
تَلقى الكَثير من الشَّكوى والانزعاج تجاهه منها اثر إجباره لها على البَقاء بهذا المَّكان الذِّي أصبحت تَمقته بعد الحادثة، لكنه حافظ على هُدوئه، مُنصتًا لكل ما يَخرج مِنها دُون إبداء أيّ ردة فعلٍ مُنزعجة...
كَان بهذه الأثناء قد أقنعها بتبديل ثيابها للمغادرة برفقته وبِدء رِحلتهما، لكن الأصغر كَانت تُواصل عِنادها ونفورها مِنه بكل ما تملك، فيَنتهي المَّطاف بها مُجبرةً على فِعلها.
واصل الأكبر مُشابكة كفيهما معًا رُغم إدراكه لغضبها منه، لكن الخطة التِّي رَسمها بعقله ستَجعلها سعيدةً بالنِّهاية وهذا ما يَثق به.
حَال وقوفهما أمام مَقصدهما الأول، والفتاة ما تزال تُحدق بالنَّاحية الأُخرى بلا رِضا، فيَقوم بطلب وجبتين لهما مِما اعتقد أنَّه يَبدو شهيًا، فيَلي ذلك إفلاته لكفها لحمل الطَّعام، مِما ضاعف انزعاجها منه أكثر، ولم يمض ذلك دُون ملاحظةٍ منه، لكنه وجدها عِند تَقدمهما قد قَبضت على قميصه من الخَلف مُنذ كانا يسيران بمنطقةٍ قريبةٍ من البحر، شاعرًا بازدياد قلقها حد ارتعاش جَسدها، مِما كان مُحزنًا بالنِّسبة له رُغم مُحافظته على تعبيره، حتى وَصلا إلى البُقعة المُّناسبة للجلوس، واضعًا ما كان بين يديه قَبل أن يدفع بهما إلى الخَائفة أمامه، والتِّي واصلت التَّحديق بخوفٍ نحو الأمواج، كما لو كان البحر سيهيج بأي لحظة، فيتحدث بنبرةٍ ليَنة: تعاليّ واجلسي بين قَدميّ يُولي.
كَانت الفتاة قد بدأت بالبُكاء لحظة تَحدثه إليها مِما كان مُتوقعًا منها، والشهقات تتدافع واحدةً تلو الأُخرى من حُنجرتها، فيُعانقها الأكبر بجانبية ما أنّ استقرت قريبًا مِنه، مُسندًا رأسها على رأسها صَدره، ومن ثُمَّ يُخاطبها بقوله: شش اهدئي عَزيزتي، لن يَحدث أيُّ شيء، أنا هُنا معك والمَّكان آمن.
لم تُجبه الفتاة بأيِّ شيءٍ عَدا مُواصلة البُكاء لدقائق إضافية حتى أخرجت كل ما بجوفها واكتفت، فيَقوم بإطعامها من طَبقه قليلًا حتى استجابت وأصبحت تتناول بمُفردها، فيقضيا هذه الدَّقائق الصَّامتة بالأكل، دُون أنّ يَتوقف غُرابي الشَّعر عن تفقدها بين حينٍ وأخر...
حَال فراغهما من الطَّعام، وقف كِلاهما عَقب إلقاء العبوات الفارغة، فيَلتقط كَفها، بادئين بالسَّير بعشوائية لعدة دقائق، يحفهما صَمتٌ مُريح، حتى أصبحا قَريبين من المِّياه، مِما تَسبب بتَحوّل حالها الهَادئ إلى واحد مُضطرب حد مُحاولتها سَحب كَفها من الأكبر، مِما دَفعه لتَطويقها بذراعه دُون إفلات كَفها، فيَجدها قد بدأت بالبُكاء كما في السَابق طالبةً إياه أنّ يَدعها، لكنه كَان يُحاول تهدئتها رُغم شُعوره بالحُزن الشَّديد عليها، حتى بَلغ حُدوده باحتمال هذه الهَيئة، جاذبًا إياها بعناقٍ ضَيق، بادئًا بالَهمس لها: استرخي عزيزتي، لن يَمسك شيء، ألا تثقين بي؟
أنت تقرأ
Lost.
Short Storyعاطفة وعنف متمازجان ✨ 🟡 ملحوظة : المعلومات الطّبية المذكورة معظمها غير صحيح