الفصل الثالث والعشرون

35.3K 1.9K 219
                                    


(روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
شددت فيروز من وضع ذلك الوشاح الاسود السميك حول وجهها بينما تتلفت كل لحظه والاخري تنظر باتجاه وصول القطار ثم تعود تنظر إلي رصيف المحطه الذي كانت عليه حركه خفيفه بمثل هذا الوقت الذي كان يمر عليها ببطء شديد بينما لم تفارق عيناها النظر الي ساعتها لتجد الدقائق وكأنها لا تتحرك ....رجفه خفيفه سرت باوصالها حينما داعب تفكيرها علي استحياء ماسيحدث لتهز راسها برفض لأي تفكير. أو توقع قد يخزل من عزيمتها وتلهيى نفسها بمراقبة الطريق دون السماح لأي أفكار أن تجذبها إليها فهي بالنهاية تدافع عن نفسها ضد سطوة كل من حولها سواء عمها الذي قدمها قربان مقابل اطماعه وكذلك والدتها التي لا تمانع بتقديمها قربان أيضا ولكن في سبيل مستقبل إخوتها ومستقبلها الذي تراه من وجهه نظرها حياه رغيده برفقه رجل هو الآخر لم يتردد في اخذها قربان لعداوة لا شأن لها بها سوي أنها اقدمت عليها من أجل الدفاع عن نفسها .... لا احد فكر بها والكل فكر بمصلحته فلماذا عليها التفكير بهم وعدم التفكير بمصلحتها .... زواج كهذا لن تقبله اي فتاه فلماذا عليها هي قبوله هل يتوقعون منها أن ترقص فرحا لمجرد زواج من رجل غني .... لا لن تفعلها فلم يكن طموحها أن تعيش حياتها بارتياح بعرق غيرها كل ما إرادته هو بناء مستقبلها الذي هو حقها المشروع .....تريد أن تنجح وان تكون هي وان شاء القدر وتزوجت لا يكون بتلك الطريقه .....أبعدت اي ذنب من نفسها يتوقع الآخرين أن تشعر به بينما لم يشعر أحد بأي ذنب تجاهها أو تجاه ما تشعر به أو شعرت به حينما عرفت مقدار ضألتها أمام هذا الرجل وعائلته
لم تعتاد أن تعيش وهي مطأطأة راسها وليس عليها أن تفعلها وتكون تلك الفتاه التي تتضرع حمدا لانه تزوجها ليس عليها أن تري نظرات الاستقلال بها في عيون الجميع وليس عليها سماع الهمهمات بأنه تزوج من هي دون مستواه فهي ليست كذلك ....اعتادت أن تكون راضيه للغايه بحياتها بالرغم من بساطتها وكل قناعتها ورضاها ذهب اداراج الريح حينما وطأت قدمها تلك البلده لقد تشتت في صراع الحفاظ علي شخصيتها أمام كل ما تمر به ولم يشعر أحد بصراعها بينما الكل مشغول بصراعه الشخصي فلماذا تهتم الان ....دفنت يديها بين ثنايا ذراعيها لعلها تشعر بالدفء بينما ضراوة البرد تزداد حولها وتنبع من داخلها لما هي مقدمه عليه فهي بالنهاية فتاه لاتعرف ما قد ينتظرها في عالم ستذهب له وحيده بقرارها ....ليس هذا المجتمع من قد يقف بجوار فتاه مثلها تريد أن تبدأ حياتها ولكنها بكل الاحوال ستحاول. ...ستحاول كما علمها ابيها وستسير علي نهج ما رباها عليه فليس عليها ترك كل ما نشأت عليه والانسياق خلف مفاهيمهم التي لا تناسبها .... حركت أهدابها الكثيفه حتي تمنع تلك الدموع التي بدأت تشق طريقها عبر حلقها من الانسياب فوق خدها وسجنتها خلف اهدابها وانحنت برأسها تتطلع الي الارضيه الاسمنيته وهي تسحب نفس مطولا تقنع نفسها إنها فعلت الصواب ولم تؤذي أحد حتي هذا الرجل هي تركت له كل شيء منحه لها ومسحت هذا الفيديو منذ حينها إذن فهي أيضا لم تضره بشيء ولن تفعل فهو بكل الاحوال دخل حياتها وخرج دون أن يؤديها بل وقف بجوارها وهي ليست بناكرة للجميل لذا فليبقي الأمر مجرد دين في رقبتها برد جميله أن جمعهم القدر مرة أخري مع انها تشك أن تلتقي طرقهم مرة أخري .... خيال ضخم انعكس من خلال انوار محطه القطار الصفراء وكان يقترب تجاهها وبدأ يتجلي علي الأرض التي نكست فيروز نظرها فوقها ليزداد شعورها بالبرد مع تقدم هذا الخيال تجاهها لترفع راسها ببطء ومعها تلتقي عيونها بعيناه التي انذرت بشرور العالم أجمع .....
انتفضت كل دماء فيروز من عروقها حينما وجدت مهران يقف أمامها .... !!
............
.....
جذبت ياسمين معطفها ووضعته فوق التيشيرت القطني الذي ترتديه وجذبت مفتاح الغرفه واتجهت الي المصعد لتنزل بعد أن تلقت اتصال من استقبال الفندق يخبرها أن هناك شخص بالبهو يريد مقابلتها ...تقدمت بضع خطوات ومع كل خطوة كانت ظنونها تتأكد بأن هذا الشخص هو صالح الذي تبينته جالس بمقهي الفندق يوليها ظهره .....ارتشف صالح القليل من قهوته ثم أعاد الفنجان الي الطاوله وهو شارد في الفراغ أمامه بينما حركه الجميع حوله ذكرته تماما بما وصلت له حياته فالكل يمضي هنا وهناك وهو ثابت بمكانه ..... يلمح كثيرا في عيون من حوله ويهتمون لأمره بأنه سلبي وهو ليس بحاجه ليعرف هذا فهو يدرك بالفعل انه تحول الي رجل سلبي بعد ما حدث ولكن ما لا يدركه هو السبب بينما كل يوم يتحول الي كتله من اللامبالاة والسلبية لكل شيء حوله يسير ويعيش وهو فاقد الشغف ..... غرس بعقله الكثير من سهام تأنيبه وجلده لذاته بأنه ليس اول ولا اخر رجل يفشل بحبه وعليه المضي قدما ولكنه لم يجد ما يجعله يمضي ..... واقف من حيث تركته وقد يكون طفل وليس رجل بالغ أن اعترف أنه حتي الآن مازال بصدمه أنها غدرت به وفضلت نفسها وحياتها المترفه عليه لتعترف أنه من جعلها تسرق ابيها وحتي لم تلتفت إليه .....أولاها ظهره وحاول السير ولكنه ظل واقف مكانه ولم يتحرك بشيء إلا حينما ظهرت بحياته مرة أخري وهاهو بنفس الموقف امام غدرها ....ولكن تلك المره لن يمضي قدما الا بعد أن ينزل بها جروح داميه كالتي جرحته بها ليخبر نفسه أنه آفاق من صدمتها وأدرك مقدار سذاجته ..... كان في صراع دامي مع نفسه ولكنه لن يصارع وحده فعليها أن تصارع هي الأخري بينما تري في عيناه للمرة الأخيرة نظرات الاحتقار بينما أدرك ورأي حقيقتها وهاهي أمامه .....اعتدل صالح واقفا والتفت ناحيتها ما أن بدأت رائحتها تغزو كيانه .... وقفت ياسمين أمامه وكما أدرك أنه اللقاء الأخير وقرر ترك ذكري داميه لها كانت هي الأخري تدرك أنه اخر لقاء وقررت أن تترك له هي الأخري ذكري ولكنها ستكون ذكري ندمه علي كل ما اقترفه بحقها من اثام ....
بدأت هي تلك المره بالحديث بينما مازالت تحتمي بجدار تلك القوة التي اكتسبتها بالساعات الماضيه من كلمات ماس بأنه عليها أن تكون قويه ولا تنتظر من أحد إنقاذها أو حتي تصحيح رؤيته لها فليراها كما يريد
: صالح. ... ايه في اتهام جديد ؟!!
باغتته بنبرتها وسؤالها الذي بالرغم من قوة مضمونه وكأنها تقف علي أرض صلبه إلا أنه رأي نظرات عتاب في عيونها ....عتاب قوي لايدرك من اين اتت لها القوة لتشعر به وكأن لها الحق في عتاب أو لوم !!!
أخرج نصل حاد من كلماته وغرسه بها : انتي عندك حاجه جديده تدافعي بيها عن نفسك
ابتلعت ياسمين سمومه ورفعت راسها بكبرياء فلن تترجي منه السماح لتهز راسها قائله : عندي ....نظر لها صالح للحظه يريد فيها سماع ما يبرد نيران قلبه لتسكب ياسمين بنزين فوق نيران قلبه بكلماتها : عندي ياصالح بس انا مش مضطره ادافع عن نفسي طالما انت شايفني كدة ....
استهجنت ملامحه ردها الذي اهتز وهو يسمع ثبات كلماتها وهي تتابع بينما نظرات العتاب واللوم تتشعشع في عيونها : انا مش هقولك اي حاجه غير انك في يوم من الايام هتعرف الحقيقه وهتندم .....لمعت الدموع بعيونها وخانتها دون إرادتها ولكنها تابعت بقوة بالرغم من دموعها : هتندم اوي وافتكر كلامي ده لما تيجي تطلب مني اسامحك .....! !
............
....
نظرت بسمه بغل الي والدتها التي كانت تكاد تحلق فوق السحاب وتلك السعاده الجارفه مرتسمه علي وجهها وهي تطلق الزغاريد وكأنها بالفعل سعيده بزواجه.     . .... وقد كانت تهاني بالفعل سعيده ولكن ليس بزواجه بل بنجاح خطتها .... قامت من بين النساء وهي تكبح دموعها واتجهت راكضه الي غرفتها لتلحق بها تهاني بعد قليل ...دخلت وأغلقت الباب خلفها واسرعت تجاه ابنتها التي دفنت وجهها في الوساده تبكي : بتعيطي ليه يا بسمه
التفتت بسمه بعيون باكيه الي والدتها تعاتبها : عاوزاني افرح زيك وهو بيتجوز غيري
ضحكت تهاني بقوة لتنفجر بسمه باكيه ظنا منها أن والدتها تسخر منها ولكن تهاني سرعان ما جذبتها الي حضنها قائله : بس ياعبيطه وبطلي عياط.  ..مين قال إنه هيتجوز غيرك ....
قالت بسمه ببكاء : امال هو بيعمل ايه ...ده فرحه بكره
قالت تهاني بخبث : فرحه بكره اه بس علي مين ...؟!
قطبت بسمه جبينها باستفهام لتهمس لها تهاني بما علمته عن هروب العروس لتتسع عيون بسمه بعدم تصديق : هربت ...؟! انتي متأكدة ياماما ؟!
أومات تهاني بثقه : طبعا .....مررت يدها علي وجهه ابنتها تمسح دموعها : طبعا بعد ما البت هربت عمران مش هيرضي ابدا بالفضحيه واول واحده هتكون قدامه يجوزها لمهران هي انتي
لمعت عيون بسمه التي برقت ضحكتها من بين دموعها بعدم تصديق : يتجوزني انا
أومات تهاني بثقه : طبعا امال هيطلع قدام الناس يقول العروسه هربت ....لا هيقول أنه اختار بنت اخوه يجوزها لابنه
دق قلب بسمه بقوة بينما انسابت وراء ذلك الحلم الجميل الذي أخذت تهاني تزينه لها لتختم كلماتها وهي تربت علي كتفها :
دلوقتي انتي تمسحي دموعك دي و تنزلي تقعدي معانا تحت وتتفرجي علي عمك وهو بيكتب كتابك علي مهران
   ........
........

قيد من ذهب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن