التاسع والأربعون

33.7K 2.2K 261
                                    

روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )

هزت مها راسها بأسف وهي تنظر إلي رافت الذي جلس خلف مكتبه بوجوم واضعا رأسه بين يديه بعد ذهاب المحامي الذي كان يخبرهم بمقدار الديون التي تركها رياض خلفه والتي اتنقلت الي رافت بتبعيه عملهم سويا
لتقول بصوت متعلثم : انا مش عارفه اقول لحضرتك ايه ياعمي .....نظرت له بطرف عيناها وتابعت بكذب : مش متخيله بابا ازاي يعمل كده
فرك رافت صدره بقليل من الضيق الذي بدأ يراود أنفاسه وهو يفكر كيف استطاع صديقه خداعه بتلك الطريقه وهو من كان يثق به ثقه عمياء
عقدت مها حاجبيها قائله بقلق وهي تري ملامح رافت الضائقه : مالك ياعمي ...حضرتك تعبان ؟!
هز رافت رأسه واعتدل واقفا ليغادر ولكن بنفس اللحظه اهتزت خطواته لتهرع مها إليه تمسك بيده وهي تنادي بصوت عالي علي ليليان وصالح : الحقيني ياطنط ....الحقني ياصالح
استند رافت الي يديها قائلا : انا كويس يا بنتي
صممت مها وعادت تنادي بصوت اعلي لتهرع ليليان إليهم بقلق بينما أسندت ياسمين صالح الذي لم تساعده خطواته علي الإسراع ليدخل الي الغرفه بقلق حينما وجد والدته تساعد والده بارتشاف القليل من الماء : ايه اللي حصل ....مالك يا بابا ؟!
هز رافت رأسه بينما بدأ العرق البارد يتصبب علي جبينه وهو يقول بصوت واهن : انا كويس
هز صالح رأسه وسرعان ما التفت الي ياسمين ؛ ياسمين اطلبي دكتور عوني بسرعه .....هتلاقي رقمه علي تليفوني
أومات ياسمين واسرعت تحضر هاتف صالح وتطلب رقم الطبيب .....نظر صالح الي مها التي بدأت تذرف الدموع التي اضطرت إليها حتي لا يراها الجميع مشاركه لأبيها بالجرم : انا مش عارفه بابا أزاي يعمل كده .... المحامي قال إنه كان واخد قروض كتيرة بضمان الأرض و التلاجات عشان كان عنده خسائر كتيره اوي ومخبيها
زم صالح شفتيه بإشارة منه لها أن تصمت لينظر الي ابيه قائلا : اهدي يا بابا وكل حاجه هتتحل أن شاء الله
قال رافت بخزلان : تتحل ازاي ..... أنا مش بس خسرت فلوسي ....كمان التلاجات كلها البنك حجز عليها
أسرعت ياسمين تدخل بقلق : الدكتور جاي علي طول
اوما صالح والتفت الي ابيه قائلا : هتتحل يابابا ....دي مش اول ازمه تقابلنا ...أن شاء الله انا هقعد مع البنك وهشوف حل ....المهم صحتك دلوقتي
امسك يد ابيه وحاول أن يتحامل علي نفسه وهو يقول : تعالي ارتاح في اوضتك لغايه ما الدكتور يوصل
قالت مها وهي تتدخل سريعا : انا هسنده يا صالح ....خليك مش هتقدر عشان رجلك
تدخلت ليليان : انا هسندك يا رافت
تحامل رأفت علي نفسه لتحاول ياسمين المساعده ولكن صالح قال سريعا وهو يمسك بكتفها : لا يا حبيتي بلاش انتي عشان ضهرك
لم يترك جملته ناقصه ليلتفت الي والدته ووالده ويتابع : ياسمين حامل
تهلل وجهه ليليان ولم يستطع رافت اخفاء الفرحه من فوق ملامحه وهو يتطلع الي ياسمين التي ارتبكت
بينما جاهدت مها أن تخفي ملامح وجهها المصدومه وتتنفس سريعا بينما قال رافت : بجد ياابني
اوما صالح بابتسامه لتجد ياسمين نفسها بين ذراعي ليليان تبارك لها : مبروك يابنتي ...الف مبروك
أومات ياسمين بخجل : شكرا ياطنط
قال رافت وهو يربت علي كتف ابنه : مبروك ياابني
رفع عيناه الي ياسمين وتابع : مبروك يا بنتي
أومات ياسمين له لتحمحم مها وترسم ابتسامه علي وجهها وهي تقول : مبروك
...........
....
قالت تهاني بتأفأف وهي تتابع سيرها بينما بسمه لا تتوقف عن الحديث : خلاص خلصنا يابسمه
نظرت بسمه لوالدتها قائله : يعني خلاص مش زعلانه مني بسبب موضوع الدراسه
هزت تهاني راسها بينما اجتذب نظرها تلك الجالسه بأحد اركان الحديقه والتي كانت فيروز بينما بقيت جالسه تضع يدها علي خدها بصمت ورأسها لا يتوقف عن التفكير
اتجهت تهاني إليها وتبعتها بسمه
لتقول تهاني : ايه اللي مقعدك هنا في نص الليل كده ؟!
تنهدت فيروز قائله : زهقانه قولت اقعد افكر مع نفسي
رفعت تهاني حاجبها ولم تستطيع منع تعليقها الذي أخفت به فضولها بنبره ساخره : وبتتنيلي تفكري في ايه دلوقتي وسايبه جوزك لوحده ؟!
ضيقت فيروز عيناها الي تهاني قائله باستنكار مرح : اتنيل ؟!!
وكزت بسمه والدتها التي لم تصمت وتابعت : اه تتنيلي ...ايه مش عاجبك
هزت فيروز راسها ضاحكه : اه مش عاجبني ...احترميني شويه ...
افلتت ضحكه تهاني وهي تجلس في المقعد المقابل لها وسرعان ما أخفت ضحكتها وهي تقول : وهو ايه عدم الاحترام فيها ... ماهي بسمه قدامك زي الشحطه وطول النهار مفيش علي لساني الا تتنيلي وتهببي وعمرها ما اعترضت
ضيقت فيروز عيناها وشاكست تهاني قائله : افهم من كده انك بقيتي تعتبريني زي بسمه
افلتت ضحكه بسمه علي فطنه فيروز وسرعه ردها الذي لجم لسان تهاني للحظات قبل أن تزفر وهي تتصنع الجديه : سيبي بقي المهم واقعدي قولي زي بسمه ولا مش زيها
ضحكت فيروز من قلبها : انا مش عارفه ليه مصممه متعترفيش انك طيبه وبقيتي بتحبيني
رفعت تهاني حاجبها.  : وهو انا في القسم عشان اعترف ....احتدت نبرتها وهي توكز فيروز متابعه  : بطلي ضحك وقولي في ايه ....اتخانقتي مع مهران
أومات فيروز واجتاح الحزن وجهها سريعا بينما تقول : ضربني بالقلم
شهقت بسمه قائله : ازاي يعمل كده ؟!
وكزتها تهاني بحنق : وانتي مالك انتي ....؟! اسكتي خالص ومتتدخليش
صمتت بسمه علي مضض لتلتفت تهاني الي فيروز وتسالها : وهو عمل كده من الباب للطاق ؟!
صمتت فيروز قليلا قبل أن تفيض بمكنونات صدرها
وما أن أنهت حديثها وهي تقول : هو بصراحه انا استفزيته وهو صالحني علي طول بس مش عارفه انا اللي عملته صح ولا غلط بأني سكتت وقبلت كده علي كرامتي
هتفت بسمه برفض واندفاع : لا طبعا انتي ازاي تسكتي
علي حاجه زي دي .... انتي لازم تاخدي موقف .... قاطعت تهاني كلام بسمه بحنق تعنفها : اخرسي انتي ...
رفعت بسمه حاجبها : الله ياماما مش بقولها رأيي
قالت تهاني بتوبيخ : وانتي ايه اللي حشرك اصلا ....قومي من هنا وحطي لسانك في بوقك
تدخلت فيروز قائله : هي مقالتش حاجه غلط ...اصلا انا قاعده متضايقه وعماله اقول لنفسي ازاي اسكت وأنه لو سكتت مره هسكت الف مره
رفعت تهاني حاجبها باستنكار : هو انتي بتغني وبتردي علي نفسك يا بنتي ....مش قولتي انك استفزتيه
أومات فيروز : أيوة بس مش يضربني
قالت تهاني بمسايرة : امال كان يعمل ايه .....يقولك اه انا مش راجل وعندك حق
هزت فيروز راسها بحيره : مقولتش كده ....بس كان يتفاهم معايا ويتكلم براحه
لوت تهاني شفتيها : وهو انتي كنتي اتكلمتي براحه ولا انتي اللي بدل المره الف تتكلمي في نفس الموضوع اللي حذرك منه
هتفت فيروز بدفاع عن نفسها : وهو مش من حقي اتكلم
قالت تهاني وهي تهز راسها: حقك بس لما يكون وقته .....تنهدت وتابعت : اسمعي يا بنتي انا لو كانت بسمه ولا سحر مكانك كنت هقول نفس الكلام لها ..... صوني نفسك بلسانك وافعالك عشان هو كمان يصونك  ....لما تحترمي جوزك هيحترمك وانا مع طول عشرتي لمهران اعرف انه هادي وبيعرف يقول ايه ويعمل ايه وكونه عمل كده معناه انك استفزتيه جامد
قالت فيروز باستنكار : يقوم يضربني ؟!
هزت تهاني راسها : غلطان بس علي قولك صالحك وطيب خاطرك
هزت فيروز راسها بحيره : يعني اسكت
افلت لسان بسمه باندفاع : لا طبعا متسكتيش
التفتت لها تهاني بحنق : تعمل ايه ؟! ....تضربه هي كمان !!
اندفعت بسمه مجددا : انا لو مكانها هعملها
وكزتها تهاني بغضب هاتفه : تضربي جوزك يا متربيه ....قومي من هنا
زفرت بسمه وهتفت ؛ خلاص هسكت
هزت تهاني راسها : أيوة اخرسي خالص .....ال تضربيه ال ....بلاش قله ادب ...يلا قومي اعملي لينا شاي
قامت بسمه علي مضض بينما عادت تهاني  لتنظر الي فيروز وتتابع : متسمعيش كلام قليله الربايه دي ..... الست ست والراجل راجل ولو الراجل غلط عمرك ما تعملي زيه ابدا
قالت فيروز بحيره : امال اعمل ايه ؟!
قالت تهاني : زي ما عملتي بالضبط ..... تحسسيه بغلطته ...بشرط ...انك تبقي عارفه انها مش مقصوده منه ولا قاصد يهينك بيها وقتها يكون في تصرف تاني ...إنما لو زي ما انتي قولتي هقولك أنه بني ادم مش ملاك وكلنا وقت الشيطان ياما بنعمل ....راجل غيره كان عمل اكتر من كده وكمان لو شكيتي لاهلك كانوا عملوا فيكي اكتر .....الادب ادب والبنت لازم تكون بتحترم جوزها طالما زي ما قولتلك مش قاصد .... لو روحتي لامك هتقولك نفس كلامي ...عاتبيه وخدي حقك منه بالادب إنما مش بطوله اللسان زي ما الهبله دي بتقول ....
ويا بنتي هو اشتري خاطرك وصالحك ومرضاش انك تسيبي البيت
تنهدت وتابعت : ولو كان سابك تمشي كنتي هتروحي فين ....عند عمك ؟!
هزت راسها وتابعت : جوزك عززك وطيب خاطرك علي غلطته ومرضيش يسيبك تمشي من بيتك 
زمت فيروز شفتيها وصمتت لتتابع تهاني وهي تربت علي يدها : اوعي تزعلي نفسك وتفضلي تبكتي فيها انك بقلب طيب سامحتيه عشان انتي من جواكي عارفه أنه مش قاصد ..... الدنيا بين الاتنين كده ....لازم تتحملوا بعض مش تقفوا لبعض علي الواحده ...
انتي ميزان نفسك لو عارفه أنه مقصدش وانك غاليه عنده يبقي تعديها إنما لو عارفه أنه قاصد يهينك متسكتيش وانا من اللي قولتليه شايفه أن الغلط منكم انتم الاتنين وهو بسرعه لم الموضوع ....
سحبت نفس عميق وزفرته ببطء وهي تتابع : شوفتي ايه من الدنيا ولا من ظلم الرجاله عشان تقولي كده ....
أنا من يوم ما اتجوزت ابو بسمه وهو مكنش علي لسانه الا الاهانه وطوله الايد وانا كنت بسكت .....بس مش زيك بسكت عشان كان بيراضيني ولا يطيب خاطري ولا حتي عشان كنت راضيه بقله الكرامه ....لا كنت بسكت عشان
انا مكنش ليا أهل يدافعوا عني قدام ابن العمده .....مكانش قدامي الا اني اسكت ويابنتي ده مش ضعف ولا ذل لما يكون اللي قدامك اقوي منك لا ده كلام اي حد يقوله لو مش مكانك إنما لو مكاني يقولي كنت هروح فين ...ارجع بيت اهلي اللي كانوا هيرموني برا أو يعيشوني في ذل اكبر انا وبنتي اللي كانت لسه لحمه حمرا .....فكرت وقولت اسكت طالما الظروف اقوي مني
وكان الحاج عمران الوحيد اللي بيدافع عني وتعدي الايام ويتجوز عليا الخدامه ووقتها مقدرتش اسكت واخدت بنتي وقولت لا الا كرامتي ....اهلي قالولي ولا انتي اول ولا اخر واحده جوزها يتجوز عليها وطالما مكفيكي انتي وبنتك ترجعي بيتك .....رفضت واخدت بنتي وفضلت الف بيها في الشوارع وانا بقول لنفسي اهون عليا اعيش في الشارع ولا اني ارجع .....بس تعرفي يا بنتي
نظرت لها فيروز بتأثر لتتابع تهاني : وقتها وبعد ما كانت الجلاله وخداني لقيت نفسي غلبانه اوي وكل الكلام ده سهل بس التنفيذ صعب .....صعب اترمي انا وبنتي في الشارع ....صعب اقف في وش ظروف اقوي مني ....صعب كمان ارضي بالذل ونظرات أهل البلد ليا اني سكتت ورضيت ....بصيت لبنتي وفكرت اعمل زي ما بسمع وارفع عليه قضيه بس ارفعها بأيه وازاي وانا في الشارع ومحدش واقف جنبي وقتها بقي فكرت أن فعلا الكلام سهل واخدت بنتي ورجعت ....رجعت وانا بقول لنفسى لو كان عندي أهل يقفوا جنبي مكنتش رجعتله من اول يوم مد أيده عليا ....رجعت وانا بصبر نفسي واقول أن لكل واحد ظروفه اللي لازم يفكر فيها ويحسبها مش كل الظروف زي بعضها وان الكلام سهل عشان اللي أيده في الميه مش زي اللي أيده في النار ... مرجعتش عشان معنديش كرامه ولا عشان رضيت ....بس وطيت للريح لغايه ما تعدي عشان لو وقفت قدامها كنت هتكسر وقولت لنفسي أن مش عيب اني ارضي بوضع مؤقت لغايه ما ابقي قادره اقف علي رجليا .... وفعلا رجعت وانا بفكر في اليوم اللي هغلب فيه ضعفي وقله حيلتي قدامه
بعد ما مكنتش بطلب منه حاجه بقيت بطلب كل حقوقي زيي زي الخدامه اللي اتجوزها عليا .... عملت ليا قرش
وضهر
سألتها فيروز بلهفه : وعملتي ايه ...وقفتي قدامه ؟!
هزت تهاني راسها وارتسمت ابتسامه ساخره علي شفتيها وهي تقول : مات
افلتت ضحكه فيروز دون إرادتها : قتلتيه ؟!
وكزتها تهاني بحنق : بت انتي !
ربنا فيروز علي كتفها : بهزر ...مش قصدي ...بس اول مره اعرف انك عيشتي ايام صعبه كده
تنهدت تهاني قائله : اهي كلها ايام وبتعدي وزي ما فيها الوحش فيها الحلو .....ربنا عوضني بالحاج عمران اللي بالرغم من شده طبعه إلا أنه عمره ما ظلمني
قالت فيروز بلهفه : اتجوزتيه ازاي ؟!
قالت تهاني بابتسامه : كانت الحاجه ام مهران تعيشي انتي من سنين ولما ابو بسمه مات هو كمان زي عوايدنا قالوا هو أولي بيا وببنت اخوه .....نظرت إلي فيروز وتابعت بشرود وابتسامه هادئه : مكدبش عليكي وقتها خوفت اللي حصل مع اخوه يحصل تاني بس كانت اول حاجه طمني فيها الحاج هي دي وقالي عمره ما هيظلمني ابدا وقالي لو برضه مش عاوزة اتجوزه أنه مش هيغصب عليا وهيقف في ضهري انا وبنتي
غمزت لها فيروز : شكل الحاج عمران كان بيحبك اوي يا توتو
وكزتها تهاني بتوبيخ وهي تخفي خجلها : اتحشمي يا بنت حب ايه وكلام فارغ ايه .....توتو في عينك كمان
ضحكت فيروز : طيب اقولك ايه
لوت تهاني شفتيها تخفي ضحكتها : قولي يا طنط يااختي زي ما بتقولي
أومات فيروز وقالت بحماس : طيب كملي بقي
رفعت تهاني حاجبيها باستنكار : اكمل ايه وهي حدوته .....وبعدين انتي مش كنتي شايله الهم من شويه ...خلاص بقيتي عاوزة تسمعي حواديت
أومات فيروز : بصراحه حكايتك حلوة اوي
ضحكت تهاني بسماحه : اهو كل واحد وله حكايه.   .. نظرت لها وتابعت بمغزي : زي حكايتك مع مهران ....اهو كنتي غريبه وشوفي بقيتي فين وبين يوم وليله لقينلاكي في وسطنا
تنهدت فيروز وشردت قليلا تتذكر لقائهم لتقول باعتراف : عندك حق
أومات تهاني وهي تربت علي يدها : قومي يا بتي نامي وبكفايه تفكير ..... البني ادم ميزان نفسه وهو وحده يعرف يقرر إذا كان اللي عمله صح ولا غلط ولا تاخدي بكلامي ولا بكلام غيري ....لو انتي من جواكي عارفه ومقدره أنه مش قاصد يبقي عين العقل انك سامحتيه
ولو من جواكي عارفه أنه قاصد اهانه اياك تسكتي ولا ترضيها ولو كررها تاني اقفي قصاده وانا في ضهرك
تنهدت فيروز وابتسمت لتهاني وسرعان ما قامت من مكانها واحتضنتها لتبتسم تهاني للحظات وتربت علي كتفها : ربنا يهدي سرك
زدات فيروز من احتضان تهاني قائله : انتي فعلا بقيتي بتحبيني
زجرتها تهاني وهي تبعدها عن حضنها : يا بوي عليكي بت ....انا عارفه مهران متحملك ازاي
أسرعت فيروز للداخل وهي تغمز لتهاني بشقاوة : زي ما الحاج عمران متحملك
توعدتها تهاني بنظراتها ولكن سرعان ما ركضت فيروز الي الداخل لتشهق بهلع حينما اصطدمت بهذا الشيء الصلب .....اسرع مهران يمسك بها قبل أن تقع ليقول بقلق شديد : انتي كويسه ؟!
أومات فيروز وهي تلتقف أنفاسها : اه ....انت ....انت صحيت امتي ؟!
رفع مهران حاجبه : انتي اللي كنتي فين وبتجري كده ليه ؟!
هزت كتفها قائله : ابدا كنت قاعده مع طنط تهاني شويه
نظر لها بعدم فهم : قاعده مع مين ؟!
هزت راسها : طنط تهاني
عقد حاجبيه باستفهام : ليه ؟!
كادت ان تخبره ولكنها تراجعت سريعا لتقول ببرود متعمد : عادي
نظر لها بعدم فهم : عادي ايه .....مالك يا فيروز فهميني يا بنت الناس
ترددت فيروز ولكنها سرعان ما اخذت قرارها لتقول بهدوء : ماليش ... أنا طالعه انام
لحق مهران بها ليدخل خلفها قائلا: فيروز في ايه!
التفتت له قائله وهي ترسم خطه بناء علي كلام تهاني : مفيش .... وبعدين بطل تسألني كل شويه مالي وانت عارف كويس مالي
رفع حاجبه بعدم فهم : عارف ؟!!
أومات فيروز : اه عارف ....ولا فاكر خلصت كده ...لا انا مش ناسيه ولا صافيه ليك انك ضربتني
نظر لها مهران بغباء مطلق بينما كاد لسانه أن ينفلت وهو يريد تذكيرها أنها قبل ساعات كانت بين ذراعيه وظن أن الأمر انتهي لتضيق فيروز عيناها بمكر بينما تدللت وهي تدرك جيدا أن صدره سيتسع لدلالها الان ويتحملها لتقول : مهما تعمل برضه لغايه ما قلبي يصفالك مش هسامحك
.........
عقد صالح حاجبيه باستنكار : عاوزة تسبيني يا ياسمين ؟!
هزت ياسمين كتفها بينما اكتست كل ملامحها بهذا الحزن الذي كتب الا يبارحها : انا مقولتش كده .....قولت هسافر يومين اطمن علي عبد الرحمن وأشوف بابا كمان
أبعدت عيناها عن عيناه وهي تتابع : هما يومين
هتف صالح بامتعاض : يومين هتبعدي عني فيهم
هزت راسها بإصرار بينما هي بالفعل بحاجه للابتعاد ولو قليلا حتي لا يضغط عليها أكثر بقاءها بهذا الوضع الذي أصبح مفروض عليها ببقاء زوجته الأخري معهم بنفس المنزل : معلش ياصالح ....محتاجه اطمن علي عبد الرحمن
اوما صالح قائلا : وانا معنديش اعتراض ياحبيتي ...انا بقولك استني بس كام يوم اكون قدرت اتحرك احسن من كده وانا هاخدك ونسافر ....تعلثم وهو يتابع بوعد زائف في ظل تلك الظروف : احنا حتي هنرجع بيتنا مش بس هنسافر يومين
نظرت إليه بعتاب فهمه وهي تقول : هتسيب والدك وهو تعبان ....هزت راسها وتابعت : مفتكرش ياصالح هينفع ....لو سمحت سيبني اسافر انا
هز رأسه : مش هكون مطمن عليكي لو سافرتي لوحدك وخصوصا انك حامل ...هز رأسه مجددا برفض : لا لا يا ياسمين استحاله اسيبك تسافري لوحدك
زفرت ياسمين بضيق : صالح لو سمحت ....مش هيحصل حاجه
نظر لها صالح بوجوم لتطرق والدته الباب وتدخل مقاطعه حديثهم : معلش ياصالح ... ابوك عاوزك
اوما صالح لتخرج ليليان بينما تقول ياسمين : انا هجهز شنطتي و اشوف مواعيد القطر
...........
...
التفتت مي الي مالك الذي أوقف سيارته اسفل منزل عائلتها قائلا : لو حابه تقعدي كام يوم مع مامتك مفيش مشكله .... هطلعلك عندهم وابقي كلميني وقت ما تكوني عاوزة ترجعي البيت
أومات مي بملامح باهته بينما لم تستطيع الرفض تلك المره ومالك يأخذها ويعودون في إجازة حيث طال سفرهم دون العوده بإجازة وحدث مالك نفسه بأن لابد وأنها افتقدت عائلتها وأنها بحاجه لتكون والدتها بجوارها ظنا منه أن حالتها الساكنه بسبب تعبها من الحمل بينما لايدري أنها تتحطم كل يوم أكثر بينما يعاملها بتلك الطريقه التي لا تستحقها وتموت من الخوف الآلاف المرات كلما فكرت أنه سيعرف أنها السبب فيما أصاب أخته .... !!
لقد عرف منذ يومان بفقدان أخته لجنينيها حينما أخبرته والدته ولم يحتمل أكثر ليقرر أخذ إجازة لمده اسبوع والعوده ....
بأيدي مرتعشه فتحت مي باب السيارة وهي تفكر كيف سيكون استقبال والدتها ووالدها لها ...؟! 
لم يشتاقوا إليها مؤكد والاكيد أنهم لن يستقبلوها
نظرت إلي مالك الذي نزل خلفها ليحمل طفله من الخلف وبيده الأخري يأخذ حقيبتها الصغيرة ويسير الي داخل المنزل ليرتجف قلب مي .... لو لم يكن سيصعد معها لكانت انتظرت حتي مغادرته ثم غادرت الي منزلها ولكنه هاهو سيصعد معها لذا هي مضطرة للصعود الي منزل عائلتها ...!
اختطف مالك نظره الي ملامحها الممتقعه بينما يضغط زر المصعد ليقول بجيبن مقطب : انتي كويسه ؟.
أومات مي بصوت متحشرج : اه كويسه
ماذا فعلت بنفسها لتصل إلي تلك الحاله من الخزي فهي ليست منبوذه من كل من حولها فقط بل منبوذه من نفسها فكم تشعر أنها وضيعه كلما رأت تعامل زوجها معها بتلك الطريقه المتحضرة حتي في غضبه منها ...كانت دوما تغار من ماس وتظن جاسر يحبها أكثر مما يفعل مالك ولكنها لم تكن تري نعمه وجود زوج حسن الأخلاق بكل شيء كزوجها بجوارها .....كلما تذكرت انهيار جاسر واعترافه أنه كان السبب بفقدان ماس طفلها تتخيل بأسي ما عاشته تلك المسكينه  و اوصلها لدرجه فقدان جنينها ...تألم قلبها بشفقه علي ماس كثيرا حتي أنها أصبحت تعجز عن النوم وهي تري أنها السبب بموت هذا الطفل وانكسار فرحه والدته به ...وليس ماس فقط هي من خسرت بل أخيها الذي خسر طفله  وأمها وأبيها خسروا حفيدهم والعائله باكلمها تعيش حاله من الحزن بسبب ما حدث وماحدث كانت لها اليد العليا به ...أنها كما قال جاسر شيطان !
اعجزتها الصور والتخيلات عما عاشته ماس بسببها ....تمنت كثيرا لو لم تكن بهذا الخبث وتلك الدناءه وهي تقتطع جزء من حديثها وتشحن أخيها عليها بتلك الطريقه الوضيعه وبالفعل سالت نفسها نفس السؤال الآلاف المرات ....ماذا ستستفيد ؟!.نعم ماهو وجه
استفادتها من ذلك الاذي الذي قدمته الي ماس او الي أخيها او حتي للجميع واولهم نفسها التي سيلازمها هذا الذنب !

قيد من ذهب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن