50

787 81 253
                                    

- " هناك عاصفة قادمة ... "

- " سأحاول إيقافها ... "

" لم أطلب منك إيقافها، كيلارد ... أغلق النافذة وحسب! " الضحكة الساخرة اللطيفة جعلته يدرك أن عليه إيقاف نمط الساحر، وتشغيل نمط البشري.

كانت أول أيام عطلتهما بعد نهاية فترة من الامتحانات المطولة شبه المستعصية، اعتاد ليليان وكيلارد أن ينسجا كثيرًا من الصمت في جلسات كثيرة، يصغيان لوابل الأمواج التي يمكن سماع صوتها مع بعض التركيز، من أحد الغرف وشرفتها ... أحبا ذلك.

من حين لآخر وعن كثب لم يكن يبدو لها شخصًا يستطيع ببساطة دفع أذرع الصمت حين تطوقهما، لذا لطالما كانت تلك مهمتها ... وهو أحب ذلك، حين تنتشله من لحظات تسارع جسيمات أفكاره بشكل لا معقول، كانت تعيده نحو الواقع حين يحتاج، وتخلق له سكونًا ملائمًا لنوبات التركيز حين يتطلب الأمر أيضًا.

ربما للمشاعر وزن ثقيل عليه، عن كثب لم يكن الشاب المثالي اللطيف العفوي أبدًا، لكنهما تفاهما كثيرًا.

أي زوج هو الذي تخبره أن هناك عاصفة ترابية تتجه نحوهم فيحاول النهوض لتحييدها عوضًا عن إغلاق النافذة؟ ساحرها متباين العينين أبعد ما يكون عن البساطة.

كان يقلب مرجع علم الأدوية بلا هدى، يده أسرع من عينيه بالقليل فقط وهو يغير الصفحات بحثًا عن شيء ما ... لا بد أنه يحاول الربط بين تأثير دوائي وتعويذة من نوع ما، إحدى هواياته.

من يطلع على نمط حياتهما الهادئ الذي أحباه سيظنهما زوجين عجوزين، لا شابين في مقتبل العمر والحياة.

لم ينتبه لنهوضها من الكرسي مقابيله وقد فصلت بينهما طاولة خشبية مربعة صغيرة وقديمة، ولم ينتبه حين عادت للجلوس ... ولا حتى حين نادت اسمه، فعل فقط حين نقرت على يده كأنها تطرق بابًا وتنتظر الإذن للدخول.

- " شاي النعناع الذي تحبه ... "

ابتسم قليلًا وأومأ شاكرًا ... لا بأس أيضًا بأخذها عنه مرجع الأدوية، يحتاج استراحة بالفعل.

مُهمل ...نسي إغلاق النافذة حين طلبت منه ذلك، لو أنها لم تفعل بنفسها حين نهضت لإعداد كوبي الشاي، لتم اعتلاء المنزل بالغبار تمامًا.

لم يستطع سمعه استقبال حركة الموج وتصاعداته بعد الآن ... وتساءل إن كان البحر راقدًا مستترًا وحسب، أم أن صوت اللولب الهوائي الغباري متسارع الوتيرة خارجًا قد تصدر مجالي البصر والسمع معًا، يحجب ما هو دونه.

العاصفة الدانية، غضب الطبيعة المخفي، أشعره بمزيج من الانزعاج والكسل ... أغمض عينيه يتذوق الحلاوة المتوسطة المرافقة للنعناع، فاسترخى ... تصنعه بشكل مثالي كعادتها، ركز لعله يقتنص أي شيء مما حوله من أصوات أو طاقات سوى تلك القابعة في العاصفة ... أو سيشعر أنه في قلب تلك العاصفة.

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن