تراكبت العقارب الثلاث تتراكم متوحدة، كأنها سيوف حرب متراصة تنصهر معًا خلال ثانية زمنية واحدة، لأجل حرب واحدة ... الساعة الخامسة مساءً، وخمس وعشرون دقيقة وألف وخمسمائة ثانية ... صمت الزمان والمكان معًا، ثم عاد نبض الساعة يتصاعد وضغط الهواء يرتفع في نسيج خالد دائم الحركة.
أدّى الرقاص النحاسي للساعة الجدارية المستطيلة الخشبية جوار الباب رقصةً متناغمة ... يهتز منتظمًا، لا يقطع مسافة نحو اليمين أكثر مما هي نحو اليسار ... ثم يخدع البصر كأنما يلاحق بعضه بعضًا، ويهرب من بعضه بعضًا ... إن طال النظر يصنع أثر خمول، شعورًا بالخواء ... والضياع كأن هناك ذكرى مفقودة، كالانسحاب نحو عالم من التنويم المغناطيسي.
الساعة التي وقع عليها بصر الماستر قبل عشرين عامًا في متجر ساعات صغير مغبر ضائع عن الأنظار ... واقتناها، من قلة الأشياء التي تعجبه، وبقيت تعجبه ... وبقي فخورًا بها رغم أن لا أحد سواه يتنبّه عادةً لوجودها، حتى ماكسيل لم يفعل ... اعتبرها جزءًا من التراث العتيق للمنزل، لكنها تفوقه عمرًا، وتستحق تبجيلًا بنظر جده.
كثيرًا ما قابلها ماتياس سالفاتور ووقف خاشعًا أمامها كما لو أنها قبر لكل تلك الأيام الفائتة، كان رجل ساعةٍ يحب أن يتذكر بقدر ما يرجو أن ينسى.
قد يتخذ النسيان أكثر من طريقة، وهو اختار أسوأها ... ألا يفعل، ينسى أن ينسى.
بياتريس ولكنتها الإيطالية التي تحاول إخفاءها، روي المثالي منذ صغر سنه يمضي وقته بين الكتب ويناقش كيلارد المدعي أنه ناقد حاذق ... آدريان الطفل يركض في الأرجاء مع أليثيا ثم يسقط في حضن والدته.
هذه ذكريات تفوق ساعته الثمينة عمرًا حتى ... لكنه يسترجعها جوارها بأي حال، وكأنها آلته للسفر عبر الزمن ... ارتشاف بعض من الأيام السالفة، ثم العودة مجددًا ... الملك لن يضيع في الزمن الماضي.
روي للمرة الأولى يدرك سبب وقوف أبيه في هذا المكان، جوار باب المنزل ... في هذه البقعة، كانت الساعة ذات الرقّاص هي السبب إذًا ... طوال هذه الأعوام.
تملك سحرًا خاصًا ... تجعل المرء يستحضر كل الآلام والآمال السالفة، يتأرجح بينهما كأرجحة الثواني ... لأن هذا ما حصل مع روي ... ذكرى كيلارد ستيفانوس، الابتسامة الضئيلة المرتفعة من جانبها الأيمن فقط، والعينان التي يستحيل نسيانها.
سبعة عشر عامًا ... أو ثمانية عشر، يدرك توًا كم افتقد ذلك الوغد.
سنوات كاملة من الحنين، كأنها سماوات معتّقة لأرض ضائعة مهجورة ... ولتلك الأسقف السماوية ما زال هناك رائحة وعبق، لون وإن بهت، ملمس مخملي وثير، ولغة خاصة من رعد خافت، ما زالت تصدر صوتًا لتذكره أن الحنين كائن وموجود، حي.
لا أحد استطاع أن يحكم ما إن كان آدريان محظوظًا أم لا، لخلاصه الأبدي من كل ذلك الحنين ... بألمه، معاناته وحبه، لكنه أشفق على أخيه الفارغ للحظة ... آدريان الآن وحيد جدًا، وحيد من كل ذلك.
أنت تقرأ
ُمتفرَّد: ذهبي
Fantasyكان يملك عقلًا من ورق ... وقلبًا من شظايا زجاج ... هناك حيث مزقتنا الورقة الأخيرة التي لم نظن أننا سنصلها يومًا ... هناك حيث لم يبقى أحد، حيث لم أجد إلا حكاية عشوائية. هل يُستهلك الشعور حتى رمقه الأخير ... حد الفراغ؟ هنا حكاية الذي ما كان عليه أن...