10

1.1K 137 172
                                    

- " كوبان كبيران من مثلجات الفراولة "

ما الجنون الذي يجعل اثنين مثلنا لا يحتملان البرد، يأكلان مثلجات في جو شتوي خام كهذا؟ لا نحتاج سببًا سوى أننا نحن ... حيث لا قواعد.

- " لا مال في محفظتك، لكنك ستجد آخر مسروقاتنا من روي في جيبك الداخلي "

عملية بحثه سارت في طريقها الصحيح مع توجيهاتي ... نهدر أموال روي دون مسؤولية، نعيش في رخاء مطلق، وإلا سينتهي الأمر بالمتفرد والحارس يغسلان الصحون لأنهما ببساطة ... مفلسان، أو نسيا جلب أصغر مبلغ مالي.

- " لم أظنك قد تعطي انتباهًا "
النظارة الطبية التي نسي إزالتها عن عينيه بالطبع تعطيه مظهرًا ذكيًا، مبهرًا ... أشدد على كونه " مظهرًا " لا أكثر ... ألم يرَ حقًا كم يتباطئ الزمن عندي وأستخدم النظرية النسبية لعقلي فقط لأرصد دقائق كل حدث معه؟ يراها اهتمامًا، أراها حذرًا ... تختلف المسميات، لكن النتيجة واحدة وهي أني أخزن معلومات حوله أكثر.

ثم تتحول تلك المعلومات دون أن أدري ... إلى ذكريات محببة.

- " حسنًا ... اعتدت الدراسة كثيرًا، وها أنا ذا أدرسك "

- " وكيف هذا الدرس؟ "

- " درس لطيف "

- " لنقم بزيادة حصصه إذًا " ابتسم يجاري منطقي.

- " لن أمانع ... ماذا في عقلك؟ "

- " ليس بالكثير ... ربما مزيد من الوقت معًا، الحياة فارغة وأنت كل ما أملك "

قد مضى شهران وثلاثة أسابيع على هذا الحوار، أيام شتوية هادئة جدًا ... كل منا يتوق لإنهاء دراسته وعمله فنقضي بقية اليوم معًا، علمني بعض الإهمال والعشوائية الممتعة ربما، علمته بعض الانتظام ... حفظت أماكن أغراضه الضائعة، كلمات سره ... وذكرته على الدوام كما لو أني دفتر مواعيده وملاحظاته الخاص.

عقدت هدنة صغيرة مع روي، بالاتفاق أنها لأجل هدفنا الواحد، لأجل كتلة المشاعر الحساسة التي تطوف بيننا، أبي وشقيقه ... نصت شروط الهدنة على منع إطلاق نيران الشجارات في حضور آد، توقفه عن مراقبتي كموضع شك، وأنا سأكون هادئًا بما يكفي، تعلمت درسي ... ثم أن يحضر روي معنا بعض الأحايين الليالي المخصصة لمشاهدة الأفلام.

أنا أختار فيلمًا، روي يحضر الطعام ... وآد لا يفعل شيئًا -كعادته- ينتفع من امتيازاته الخاصة بالنسبة لنا.

ثم من أسبوع لآخر نزور أنا وإياه المكتبة، نقتني بعض الروايات والكتب ... نسختين من كل واحد، وننشغل بالقراءة معًا ... لم يسبق له وأن أحب القراءة، لكني رأيت فيه سرعة كبيرة حين بدأ يفعلها معي، يسبقني دائمًا ... أهدده لئلا يتحدث عن الكتاب قبل أن أنهيه بدوري.

تجاوزنا كثيرًا من عزلته الاجتماعية معي، تردده ... أوقظ طباعًا طفولية مفاجئة في كلينا، ينقر أنفي بلمسة خفيفة كثيرًا ... بعثر شعري ثلاث مرات دون تراجع، ثم قبّل جبيني مرةً واحدة في عيد مولدي الأول معه، تطلب الأمر منه مناسبةً كهذه ... جازفت بألا أبعده، ألا أدفعه ... انتظرت لحظة ندم، لكنها لم تحن بعد.

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن