- " كم مرة علي الهتاف باسمك لتسمعني ... كريس! "
أدخل كلارينت نفسه والمنزل في حالة إنذار وضوضاء، تحرك لولبيًا عدة مرات ... دس رأسه تحت سريره وقفز يلقي نظرة أعلى خزانته، منشدًا ربطة عنقه الذهبية ... كل التنقيبات لم تقده إليها.
أثناء ذلك ... تذكر أنه خلع سترته المدرسية السوداء ورماها في مكان ما لئلا تتسخ مع استطلاعاته في أوسع الأماكن وأضيقها، وانتهى الحال به يضيع أثر اثنين بدلًا عن واحد.
شقيقه مكتمل الهندام يسبقه بربع ساعة، كتبه مصطفة داخل الحقيبة، وزيه بلا نواقص ... لكنه يتنفس بقدر ضئيل، يقف كأنه في واجب لا بإرادة، ولا يبدو أن حواسه تستلهم شيئًا مما حوله إلا حيث بصره خاشع ... تحركت منه بضع شعيرات بسبب حركة الهواء التي أحدثها كلار ملوحًا بسترته بعد أن وجدتها له أليثيا توًا.
كريسنت وجم أكثر، ووسع لحظته المنظورة نحو التلفاز ... برنامج وثائقي حول الحياة البرية والمحميات، طيور، نمر أبيض بنغالي ... ثم غزلان، الكثير منها في قطيع، مصائد وصيادون، أسلحة ... وأقواس ما بين طويلة ومحنية.
لم يصحبهما جدهما أو أليثيا إلى حديقة حيوان من قبل ... لأنه ببساطة كان يخشى الحيوانات، فإذًا لماذا يبدو الغزال مُدرجًا في مألوفاته، كصورة طبيعية مُلئت بتفاصيل ليس محكية أو من كتاب، بل رآها عن كثب؟ ... كما الأقواس، كما لو أنه أمسك واحدًا من قبل، يستطيع أن يشعر بملمس نشارة الخشب في باطن كفه، كان قوسًا قديمًا وليس حديث الصناعة ... يذكر رائحة المطاط.
هذه هي المربعات والأجزاء الناقصة من فسيفساء ذاكرته ... لن تتضح إلا إن تجمعت وترتبت معًا، ثم نظر لها كليةً من بعيد ... حينئذ سيرى الصورة الكاملة.
تلك المشاهد المتقطعة غير المفصلة والمزيد، هي ذاتها تتربص له منذ منامات ليلتين ... تداهمه بغتة وتبقى عالقة تتكرر على هيئة أشرطة مطموسة المحتوى إلا قليلًا.
الآن أضحت تداهم يقظته ...
أليثيا وبخت كلارينت مع عقد ربطة عنقه وإغلاق زري قميصه لئلا يبدو كالفتيان الذين يحذر الآباء أطفالهم منهم ... يبدو أحيانًا كرفاق السوء، لكن منذ أن صديقهما لديه أول مخزون احتياطي من ذخيرة السوء أيضًا، فلا بأس.
أطفأت العمة التلفاز وجميع منافذ الكهرباء تعهد بالمنزل لخلوه ... طفلاها ذاهبان للمدرسة، كما لطالما فكرت ... ربما هما الشيء الوحيد الذي لم تتحرى عنه دقة صلتها به، هما الشيء الوحيد الذي أخذته دون استئذان ونسبته لنفسها ... طوال خمسة عشر ربيعًا ونيف لم تنظر إليهما إلا كصغيريها، ليس كابني شقيقها الراحل، رجل المفاجآت غير الراحل.
صغيرها الزجاجي الهش رفض برفق يدها التي تسمح على جبينه وترفع شعره، خشيت أنه به داءً أو حرارة ... وهو فقط أنبأها أنه جيد الحال بابتسامة وإيماءة، ثم سبقها وشقيقه نحو الخارج.
أنت تقرأ
ُمتفرَّد: ذهبي
Fantasyكان يملك عقلًا من ورق ... وقلبًا من شظايا زجاج ... هناك حيث مزقتنا الورقة الأخيرة التي لم نظن أننا سنصلها يومًا ... هناك حيث لم يبقى أحد، حيث لم أجد إلا حكاية عشوائية. هل يُستهلك الشعور حتى رمقه الأخير ... حد الفراغ؟ هنا حكاية الذي ما كان عليه أن...