29

784 98 149
                                    

- " إن كانت أختك الكبيرة ستكون زوجة والدي، هذا يجعلك بالنسبة لي ... ماذا تحديدًا؟ "

- " خالك ... يجعلني خالك "

ماكسيل خبط على ظهر كلارينت المتحمس لعلاقة السيادة هذه ... كلار قضى يومًا ونصف يوم لا يختزل أي ضحكة شامتة يملك " رويدك! لا يضرب الفتى خاله بهذه الطريقة! "

- " يضربه بطريقة أُخرى إذًا؟ "

ربما كانت صفة عامة كرهها الأغلبة في ماكسيل، بداهة ردوده، سرعة مجاراته لأي حديث حتى يستسلم محدثه ... ذلك النوع الذكي من الوقاحة ... لكن ليس بالنسبة لكلار، كانت ممتعة له، كثيرًا ما يتوق لها كلما انتابه ملل، وقليل من الشعور المحبب.

يتجادلان أو يتقاتلان ثم يقرران فجأة أخذ وقت استراحة مستقطع، حتى ساعة الإنهاك التام.

لم يصفاها حتى الآن بالصداقة، كما الحال بإنكار الاعتراف أن تلك الرابطة هذبت سلوك كليهما، بالطبع فإن كلارينت لم يتحول إلى فتى ودود مبتسم، لكن التقطيبة والأنف المرفوع قد اختفيا، ماكسيل بدوره لم يكن نموذجًا يُحتذى به في توثيق علاقاته مع محيطه، لكنه على الأقل ليس بوحيد.

إن كان هناك تسمية قد يطلقانها على بعضهما فهي " علاقة تبادل منفعة أو تعايش " ... على أنها كانت أكثر من ذلك.

كريسنت لمرته الأولى بدا سعيدًا، سحب معصمي توأمه وصديقه آخذًا إياهما نحو المقهى الصغير احتفالًا ... سيكونون عائلة واحدة منذ الآن فصاعدًا، كريس تجاوز كل هلاوس مخاوفه، ولمسهما فقط ... دون أن يشعر بحاجته لتكرار إزالة آثار تلك اللمسات من جلده وغسلها مرارًا وتكرارًا، ربما أجبر نفسه على الاحتفاظ بها.

نسي كل أفكاره القلقة جدًا حول انسكاب أكواب العصير، حول مقدار تلوث الهواء المُعاد تدويره بين الرئات والأنفاس، حول عدد الأشخاص الذين سبقوا وجلسوا على كرسيه ذاته ... وحول طريقة نظر المحيطين ناحيته، وتناسق كل الأشياء حوله، قرر أن يصبح فتىً طبيعي ولو ليوم واحد، يتحدث بطلاقة، يستمتع ويبعثر ... رغمًا عن عقله.

الأب الموشك على الزواج أتلف خلايا عقله التي قد تذكره أن ثمة حدثًا كبيرًا كهذا في حياته، أهمل كل الجزئيات الكبيرة والتفاصيل الصغيرة ... يدعي الانشغال بعمله كثيرًا، يتهرب من كل متطلبات يومه المهم، كان على أليثيا تولي كل مسؤوليات الزفاف دونه، هي لم تتذمر.

لأن نسخته المصغرة من بعد الرفض، راح يمارس هوايته بدس نفسه والتدخل في كل شيء، عرض آرائه ورؤية كم تقدرها أليثيا وتستخدمها فعلًا، رافقها كثيرًا ... تذوق واختار الكعكة بنفسه، بالطبع كانت مليئة بالفراولة، تساءل في نفسه إن كانت الفراولة لأجل زفاف والده حقًا، أم أنها مصلحته الخاصة فقط.

وتساءل أكثر إن كان أي من المدعوين قد يصله شيء من تلك الكعكة في ظل وجود أب وابن يهيمان حبًا بالفراولة، إن لم يكن يحب العلوم لاختار مهنة تذوق الكعكات ... أو ربما يملك حقلًا من الفراولة.

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن