موسيقى حادة ...
قادمة من نهاية الممر، لا ... بل من الأعلى حيث سطح المنزل.
بدا تمييزها صعبًا في البداية، لكنها اتضحت ما إن غادرت غرفتي أتبع الصوت ... يحتد أكثر، طبقاته ترتفع ... صرخة عميقة تتبعها صرخات أقل علوًا وتنخفض بالتدريج، ثم تتابع الكلمات واللحن المتسارع.
مصدر الموسيقى كان سطح المنزل الأولي المنخفض، أميز الموسيقى والأغنية تمامًا الآن ... الناي السحري، ملكة الليل، مسرحية أوبرالية ألفها موزارت.
كانت الساعة السادسة صباحًا ... الشمس طالعة لكن السماء ما زالت نعسة راكدة، آدريان يوليني ظهره ويتفقد سلة الثياب الكبيرة الموضوعة جواره ... يأخذ بضع قطع ثياب، ينفضها ثم ينشرها ويثبتها.
يمكنني معرفة السبب ببساطة ... هو لا يحب التصرف كسيد للمنزل أبدًا، لا يضع أي حواجز بينه وبين الخدم، كثيرًا ما عاونهم في أعمالهم وشاركهم وجباتهم، خلافًا لروي وجدي الذين يتسمان تمامًا برسمية التعامل مع الخدم رغم كونهم موثوقين.
آدريان شديد البساطة فقط ... المكانة، الفروقات الطبقية، العنصرية ... كل ذلك لا يعني له شيئًا، ولا يملك غرور الملوك الذي يولد معهم، ثم يكبر.
ارتفع حولنا نسيم بارد بعض الشيء فلففت ذراعي حول جسدي أضمه ... تطاير شعري ولم أستطع تصفيفه حتى، ما أسرع إثلاج كفي ... كنت أدسهما نحو صدري أدفئهما من مجرد نسيم، بينما استمر هو فاعل ما يفعله.
ما الذي أوقظه في هذه الساعة؟ بل ربما لم ينم، أرجح أن الكوابيس ستطارده لما لا يقل عن نصف حياته بعد ما عاناه مؤخرًا.
ارتفع صوت الموسيقى كثعبان يفتح فمه ويغرس أنيابه ثم يطبقها على الفريسة، ولا أعلم كيف فعل ... كانت تصدر عن مذياع قديم بعض الشيء مستطيل الشكل وبأزرار كثيرة بعضها صدئ، مع شاشة سوداء على نصف طوله ترتعش تزامنًا مع جودة الترددات.
هو يكره الأوبرا ... أعلم ذلك، يظنها مزيجًا من الأصوات السريعة المثيرة للقلق.
إذًا ليس يستمع ... فقط استخدم أي شيء يُذاع على أي محطة واضحة ورفع صوته ليتظاهر أنه لا يسمع إن حادثه أي أحد، ليتجاهل الجميع ... شعر بوجودي فرفع الصوت أكثر بقدرته محركًا أحد الأزرار الدوارة دون أن أرى ... أيظنني لن أفهم ما يحاول فعله حقًا؟
- " آد ... "
لم يقدم على رد ... تابع عمله المنزلي وحسب.
- " أبي ... " رفعت صوتي، بينما مجددًا أكمل خطته بجعل الموسيقى العالية حاجزًا بيني وبينه، هو لا يسمع ... هذا عذره.
- " عليك أن تعلم ... أن ما قلتُه حينها، كان ما أفكر به، وليس ما أشعر به "
- " يسرني معرفتك أن هناك فرقًا بينهما ماكسيل " سخر مني بينما يتفحص إن كانت آلة غسيل الثياب تؤدي مهمتها بشكل جيد، وأن بقعة المثلجات قد اختفت عن ثيابي، وإن لم تفعل لا بد أنه سيذهب لتفكيكها مع منظومة الماء الساخن، شيء آخر يحب فعله.
أنت تقرأ
ُمتفرَّد: ذهبي
Fantasyكان يملك عقلًا من ورق ... وقلبًا من شظايا زجاج ... هناك حيث مزقتنا الورقة الأخيرة التي لم نظن أننا سنصلها يومًا ... هناك حيث لم يبقى أحد، حيث لم أجد إلا حكاية عشوائية. هل يُستهلك الشعور حتى رمقه الأخير ... حد الفراغ؟ هنا حكاية الذي ما كان عليه أن...