73

555 62 136
                                    

اختلفت البشرية في تعريف معنى الحرية على مر العصور ...

لكن شخصيًا، كانت الحرية تتمثل لي في إنسان.

كل ما عنته لي الحرية هو شخص تبوح له بكل أفعالك وأفكارك السيئة، بكل تقلباتك، مزاجياتك ... ولا تخشى مقدار ذرة أن يتراجع عنك، أو يصنفك كوغد سيء.

أن تتحرر بكل اعترافاتك أمامه ... وهو يصغي وحسب، يسند وجنته لباطن كفه ... يحدق نحوك، ولا ترى تغييرًا في نظرة عينيه، لا تلمس ترددًا أو نفورًا ... ولا حذرًا، لا ينفك يراك الشخص ذاته ... تلك هي الحرية، هذا هو الحرية.

أن تضع ذنوبك أمامه ... تفردها على طاولته، يراها ... يتمعن، ثم يوظبها لك بنفسه ويبتسم ... لأنك أنت، لا سواك ... لا يخشاك ... ولأن الصلاح والسوء تفقد معناها حين يتعلق أمره بك.

كان أول شخص في العالم يخبرني أن الأشياء السيئة تحصل، لسبب أو لآخر ... وهذا لا يعني أننا سيئون على وجه الخصوص، استمراريتها وقبولنا بها للأبد وحده ما يجعل منا سيئين ...

كان أول شخص في العالم يجعلني أرغب بإسقاط الصورة النمطية التي حملتها عن نفسي، وحملها الجميع عني ... تلك التي تظهرني دائمًا كالطفل السيء، ثم الفتى الذي يسمم غيره دون اكتراث، وينظر لهم من الأعلى بعد سقوطهم ... ثم يرحل.

لم يصنع لي يومًا مقاسًا ثم يجبرني على وضع نفسي فيه ... بل لطالما تركني أُحدد ذلك المقاس بنفسي ... هذا هو آدريان، هذا هو الأب الذي أملكه.

كان يجلس متربعًا على الأريكة ... بينما أجلس مقابلًا له، أحتضن الوسادة المربعة الصغيرة ... ولا أظنني كنت فخورًا بما فعلته كي أحكي أحداثه بصوت مرتفع ... كنت أهمس، كأني أحادث نفسي وأجعله يستمع أثناء حواري المليء بالنقد الذاتي ... وهو بطبيعة الحال، صامت وحسب ... يهز رأسه، يحثني لأتابع ... ثم ينحني من حين لآخر ليلتقط صوتي الخفيض.

ألقيت خطابًا طويلًا ... ثم اكتشفت أن الملقي أنا، والجمهور أنا ... وجميع المحاورين أنا، وأني لن ألقى أي تصفيق، لأن المستمعين الذين هم أنا ... تشتتوا بسبب اختلاف الآراء المطروحة ... وكنت مستعدًا تمامًا لافتعال شجار مع نفسي.

متى سأتعلم التوقف عن التصرف بمفردي؟ لأني غالبًا ما أفسدت الأمر ... لا أعلم، كم من تجربة فاشلة علي القيام بها بعد؟ لا أعلم ... لكن أظن أن القرار الأخير الاستعجالي الخاطئ الذي اتخذته سيترك بي صدمة نفسية تمنعني من التصديق يومًا أني قادر على إحكام السيطرة على شيء.

الناس تتعلم كيف تؤتي نفسها مزيدًا من الثقة ... بينما أتعلم مزيدًا من حاجتي للتردد.

كنت خجلًا نسبيًا من إخفاقي ... ولا يهم كم مرة أنقذت فيها الموقف من قبل، علمتني أمي أن إخفاقًا واحد لأمثالنا، يهدم كل الطريق الطويل المثالي الذي بنيناه من قبل ... خسارة واحدة، ستطيح بكل تاريخنا في النجاحات ... وهذا تمامًا كان الوضع هنا ... هذا تمامًا ما فكرت فيه.

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن