27

923 108 169
                                    

هل كنت أبحث عن عينيه المتباينة في الأرجاء؟ لا أعلم ... ولا أعلم إن خاب ظني أم لا حين وجدت الأزهار التي وضعها كريسنت ظهيرة اليوم في موضعها.

إما أن ذاك الشاب لم يعد يرتاد المقبرة، أو أنه لم يفعل بعد لهذا اليوم.

صوت صفير من بعيد ... عند مدخل المقبرة " هنا! عذرًا لجعلك تنتظر "

كان هو ... ذو العينين البندقية والزرقاء، يلف الوشاح الرمادي الباهت ذاته، قبعة فتيان البريد ذاتها ... قميص أبيض خفيف، اعترض قبر ما طريقه، لكنه لم يغير مساره ... وضع كفه على أعلى نقطة، شاهد القبر، ثم قفز متجاوزًا إياه.

أي نوع من الأشخاص هذا الذي لا يحيد عن مساره أبدًا وإن واجهته كتلة حجرية لقبر؟

رغم العرج في إحدى ساقيه ... لم يكترث، وبطريقة ما، جعلني أظن أنها ميزة أكثر بكثير مما هي إصابة أو ذكرى سيئة له، ربما.

لم تكن ألمًا له، كانت اختلافًا ... حين حدقت فيه، كنت مستعدًا للتخلي عن كينونتي كمتفرد له، هذا ما يجب أن يكونه المتفرد، هو.

واثق جدًا أني هنا لأجله، كان علي أن أنفي ... حتى من داخلي، لكني أعلم أنه ليس موعد تواجد كريس هنا، ولم أفقد أحدًا للموت بعد، فإذًا، لماذا ارتدت المقبرة إن لم يكن لأجله؟ سؤال صعب لا أريد الإجابة عنه ولا حتى في أفكاري.

أنا لست مهتمًا ... لا أريد أن أكون.

- " سارق الأزهار! لست هنا من أجلك "

- " بالطبع! أنت هنا لأجل الأزهار تحرسها ... والفراشة، تطمئن عليها "

- " نعم " همست بوقار تام، أتلافى سخريته المريرة كأني لم ألحظها، والتي لا تكفيه، حين غمزني بالعين البنية مضيفًا " والقليل من أنا "

- " أقل مما تعتقد ... لا تغتر، حديث صغير فقط ربما ... لأن الجميع حولي ممل "

- " مشاكل عائلية؟ "

لم يكن الوضع مملًا حقًا، لكنها النزاعات ... غادرت المنزل أصفع الباب خلفي حين قرر آدريان أن فترة الهدنة قد انتهت، دخل إلى غرفة أبيه الماستر ليقدم له ما هو أشبه بامتنان لما قاله أمام ديمتري بيتروف، قوله أن الحارس هو المسؤول المباشر عن كل قرار يُتخذ حول المتفرد.

لكن جدي أخبره أنه لن يكون إلا صورة أمامية وهمية، القرارات الحقيقة هو بنفسه من سيتخذها، ثم يعلنها باسم الحارس ... وأن ما قيل، لم يكن سوى لتجحيم أعضاء المجلس حولي، لئلا تكون الإقرارات شائعة بالتصويت بينهم، بل عائدةً لشخص واحد يظنونه الحارس الأب، لكنه واقعًا ... الماستر ذاته.

اعترض آدريان طبعًا، لكن جدي أسكته بهدوء تام بإخباره " أنت لم تعرف مصلحتك الخاصة آدريان، فهل ستعرف مصلحة ماكسيل؟ هل تظنني حقًا قد أجعلك قيمًا أو وصيًا عليه؟ "

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن