تُعرف الأحلام عادةً على أنها منفذ اللاوعي نحو الوعي ... طريقة هرب الأنا السُفلى متسربة من المسامات نحو الأنا العُليا.
إن كان الشعور ورقة ... فاللاوعي دفتر.
وأنا كان لا وعيي مجلدًا عتيق لتاريخ مملكة مخفية ... وكانت أحلام الليل تُمحى بالضوء، علمت أنني ركم متشعب داخليًا، لكنما برسم هندسي منظم ... لم يكن هيكلي لينهار بسهولة، لذا لست أولي مناماتي أهمية تُذكر ... إلا واحدًا، ذو العينين الكهرمانية.
أطفو وسط ظلام دافئ لا يضنيني ... تمسه قاعدة قدمي رقيقًا فأرتفع ... أسمو ولا أعلم نحو أي هدف، أعلم أن لا نور ينتظرني ... فلا ألاحقه.
ألاحق مزيدًا من الظلام، في الأعلى ...
السقف السماوي ملتحم مع الأرض، يحيط كل جهاتي كأني في سجن من زجاج معتم، ثُقبت طبقة السماء وتدلى بعض من النور الوافي ...
سُلط مخروط الضوء على بقعة صغيرة، ثم تعاظم تأثيرها كما لو أن عدسة مكبرة ضخمته ... انبثقت شعلة صغيرة، لكن الظلام بات لقمة سائغة لها ... تقضم منه وتنمو ... تنمو ... تصل طولًا يُقدر أعلى من خاصرتي بقليل رغم بعدي عنها.
كلما نهشت شريانًا من الظلمة ... توضح الجسد الواقف جوارها أكثر، مبنى جسدي يشبهني بنضج أشد، يلتفت عني ... معاكسًا لي، لا أراه.
التفت لحظة وحدق بي بعضًا من الوقت ساكنًا ... شمعي الهيئة بلا تعابير، لم أميزه جيدًا لكنه يشبهني ... أقصت النيران بعضًا من شراراتها نحو عينيه ... كهرمانية، صفراء قوية ... عيناي أنا، كان أنا.
أنا المستقبلي ... التمعت عيناه بشراسة ترد ضربات النيران نحوها، هادئة لكنما تحمل قوةً لم أشهدها في مخلوق من قبل ... إن كان هذا أنا، كيف به وصل حدوده بالشكل هذا؟
بطريقة ما كان هذا الحلم يجعلني أشعر بثقة كبيرة ... أنا المستقبلي وسيم تمامًا! لن أتوقع الأقل من نفسي بأي حال ...
التفت عني ثم مد يده داخل النيران ... يقلبها ببطء شديد ... يرنو للشعور بأي ألم ... لكن لا شيء، العدم ... حين ألمسه بعيني أستشعر برودةً كامنة ... لأي مدى كان الداخل قارصًا حتى تعجز النيران عن إيلامه؟
كان يبحث عن الألم ... لكني من يجده، أنا من تحترق كفه ... تلسع ثم تذوب ... أسقط، ليس أرضًا فلا أرض هنا ... لا، أنا أسقط في الواقع من جديد، أصحو لاهثًا ... أتفحص كفي، أي إصابة، أي أثر ... أنا سليم، لكن الألم ما زال يأخذ أولى الدقائق من صحوتي قبل خموله، يتسرب نحو الوعي، قبل استردادي السيطرة.
ثم أنام ... وأفتقد رؤية أنا المستقبلي في كل مرة، ذاك الذي يحرقني ... كان الألم دليلًا على وجوده، على وجودي.
ترتيب قطع وعيي بسرعة فائقة هي عادة سهل اكتسابها بالنسبة لي، فأنهض فورًا .. لا أذكر أني يومًا دخلت في أي نوبة هذيان حين مرض أو ما سواه، كنت أملك وعيًا شديد البأس ... نظامي التشغيلي منيع وكفوء.
أنت تقرأ
ُمتفرَّد: ذهبي
Fantasyكان يملك عقلًا من ورق ... وقلبًا من شظايا زجاج ... هناك حيث مزقتنا الورقة الأخيرة التي لم نظن أننا سنصلها يومًا ... هناك حيث لم يبقى أحد، حيث لم أجد إلا حكاية عشوائية. هل يُستهلك الشعور حتى رمقه الأخير ... حد الفراغ؟ هنا حكاية الذي ما كان عليه أن...