- " أنت ... عشتَ بعيدًا، تخليتَ عن كل شيء ... لم يعلم أحد إن كنت على قيد الحياة أم ميتًا حتى ... فلمَ لا تموت بعيدًا وحسب؟ "
كلارينت كان هناك، تمتم أول كلمتين، لكن من شدة الهدوء سُمعتا، والوتيرة لما تلا ارتفعت، احتدت.
واجه كيلارد ستيفانوس النوع الأول، الأصل والخام من الغضب ... غضب قوي مبرح، مشتد وعنيف ... شيء فات الأوان على تنقيته، متجذر ولا يقتلعه ... إلا الموت.
هذا الغضب بدا مرتبطًا بالحياة ... أحدهما يغذي الآخر، كعهد وثيق، مستمران معًا، يعيشان معًا، ويموتان معًا.
تطلع الجميع نحو الفتى المجروح الذي بدا قد مزق رتق جرحه بنفسه، لأنه سئم انتظار التئامه ... لم يستطع التعامل مع الحياة وهو يعلم يقينًا أن هناك بقعة مظلمة وجرحًا في نفسه، وعليه الحذر دائمًا ألا يمسهما ... لذا قرر، سيلمسهما كل يوم، وسيتذكر كل يوم.
إن لم يستطع أن ينسى ... فسيتذكر أكثر مما يجب.
سيتجاوز ليس لأنه تغاضى، سامح أو تناسى ... بل لأنه واجه وكرر كثيرًا، لأنه اعتاد.
كريسنت لم يكن يملك القابلية على أن يكره، كان نوع الأشخاص الذين يمكن لمشاعرهم أن تتقلب بسرعة، تحزنه كلمة، وتسعده التالية تمامًا، كان يمكن لزهرة صغيرة ندية أن تراضيه، أو نحلة طنانة نشيطة تحلق عاليًا، لكن كلار، كان مختلفًا ... لم يكن ثمة شيء بإمكانه أن يرضيه، تفاصيل الحياة الصغيرة لم تكن تبهره ... ولم يكن قادرًا على تغيير مشاعره ببساطة، كأن اعتذارات الكون بأكمله لا تملك القدرة على استحصال قبوله.
كان مصابًا بملل مزمن ومفرط من الحياة، من نفسه، من حكايته، ماضيه وحاضره ... وإن عرف المستقبل مسبقًا لأصابه الملل منه أيضًا.
الغضب هو الشيء الوحيد الذي أبقاه حيًا بما يكفي ... هو الشعور الوحيد الذي ذكره بأن هناك حياةً داخله، شيئًا لا يمكن قياسه، ولا يمكن وصفه ... شيئًا حيويًا يتحرك باستمرار وسط جمود الحياة ... فلم يستطع إلا أن يستجيب له.
على الجانب الآخر، كيلارد وقف بعيدًا بما يكفي، بدا له الفتى ظلًا أكثر من كونه شخصًا ... الشمس مهما سقطت عليه، لم تكن لتضيئه.
واصل النظر نحوه دون قول أي شيء، ما الذي أراده الفتى وانتظره؟ لم يكن ردًا، أراد مغادرته ... استمر كلارينت يركز نظراته، يعقد حاجبيه بقوة دون انتباه، ويغلق قبضتيه أقوى من السابق ... خُيل له للحظة أن حياته بكل مآسيها الصغيرة والكبيرة، محبوسة داخل تلك القبضة ... وأنه يسحقها، ثم لا يعلم ماذا سيحصل إن دمرها بهذه الطريقة ... كان راضيًا بأي نتيجة، سواء خسر تلك الحياة، أم ما يتذكره منها ... تابع القبض وسحق أصابعه داخل قبضتيه وحسب.
جميعهم كانوا مشحونين برد فعل قد يُطلق في أي لحظة، لولا أنهم لم يعلموا ما الذي عليهم فعله أو قوله حقًا ... كيلارد وكلارينت، كلاهما كان محقًا ... وكلاهما كان مخطئًا، لا يمكن التمسك بكليهما، علم كل من إرفين، أليثيا وكريسنت ... أن أحد هذين الاثنين يجب إفلاته لأجل التمسك بالآخر.
أنت تقرأ
ُمتفرَّد: ذهبي
Fantasyكان يملك عقلًا من ورق ... وقلبًا من شظايا زجاج ... هناك حيث مزقتنا الورقة الأخيرة التي لم نظن أننا سنصلها يومًا ... هناك حيث لم يبقى أحد، حيث لم أجد إلا حكاية عشوائية. هل يُستهلك الشعور حتى رمقه الأخير ... حد الفراغ؟ هنا حكاية الذي ما كان عليه أن...