67

664 70 140
                                    

نعيش لنحلم ... أم نحلم لنعيش؟

احذف الحلم من الطرفين ...

ثم احذف العيش لأنك لا تناله، بل لا تنال أيًا منهما، لا الحلم ولا الحياة ... ما الذي تبقى؟ صفر فقط ... مكان فارغ كانت فيه الأحلام والحياة، كما صندوق ألعاب أُفرغ مسروقًا، ليس مفرغًا لأنك تخلصت من ألعابك ... ما زلت طفلًا لتفلته، وستظل طفلًا ... لكنه نُهب منك، وبقي الخشب الرطب الفارغ أسفل سرير صغير متهاوٍ ممزق، يذكرك بما أُخذ منك.

فكرت بهذا وشعرت أني مجرد وغد طامع لا يرتوي بالأعوام التي عاشها ... ما زال يريد المزيد، الرغبة بالحياة لعنة كبيرة ... والتمسك بالأماني لعنة أكبر ... أنتظر اللحظة التي أكف فيها مبالاتي لمن يعيش أو يموت، لمن هو سعيد أو حزين ... للأقنعة والوجوه، لجميعهم، وأنا ... فلا تأتي.

لم أعترض من قبل على أيًا كان من يدور بينهما، أبي وأمي ... لكن الآن، كنت أراقب صامتًا وأرجو منها ألا تكسره مجددًا كما كانت تفعل في كل مرة، كان يحك عنقه ويضغط على مؤخرة رأسه ...

تنهدت وتفقدت مشروبي ... هذا كوب قهوة مثلجة فقط، فلماذا أبدو كمن تناول جرعةً من الإحساس؟ هناك شيء ما خاطئ ... في المشروب، أو بي، وأظنني الخطأ بأكمله، ليس منذ الآن فقط، بل في اللحظة التي تكونت فيها كخلية تكتسب الوعي على النجاة.

تنازعني نفسي كثيرًا حين أمعن الإدراك وأتذكر متسائلًا، كيف ولدت من شخصين لا يحتملان بعضهما؟ لم يريدا طفلًا يربياته معًا في منزل هادئ دافئ ... أنا أكثر شبهًا بالخطيئة ... لم يكن المقصد من وجودي إكمالًا للعهد والرابط المقدس بينهما.

لو عرفا بعضهما أكثر، لو أنها لم ترد ولادة المتفرد، ولو أن آدريان لم يكن متهورًا حول زيادة أفراد عائلته واحدًا آخر صغير ... لقررا بكل عقلانية ألا يحظيا بطفل أبدًا.

ظروف ولادتي وأسبابها لم تكن طبيعية ... كلما فكرت فيها أجدني كائن غير مرغوب فُرض عليهما، يوضع في مرمى النيران من حين لآخر ... لكنهما ينتشلانه حين يشاءان، وقبل أن يخرقه الرصاص ... على أنه يعرف ساحة المعركة وتبادل الضغينة فيها جيدًا، يعلم أن النيران الصديقة قد تصيبه يومًا ما.

ولا يعلم إن كان ينتظر أن تتم إصابته، أم أن ينجو ... هو فقط ينتظر الوقت الذي يتوقف فيه عن كونه موضع استهداف.

إن لم ترَ الحب مع النور حين تفتح عينيك للعالم في المرة الأولى ... فلن تراه للأبد، ربما.

كل هذا الزحام والضيق، تفاوت النقص والكمال الذي نحن فيه، الأشرعة التي لا تعرف اتجاهًا ... وأجنحة من ورق، تتمزق إن رفرفنا، تحترق إن ارتفعنا ... وتضمحل إن اختبئنا.

في النهاية سنكون بلا أجنحة ... وبلا إجابة، فلماذا نسعى وإلى أين إن كنا مجرد بتلات تنتظر ذبولها واحتراقها؟

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن