55

672 75 166
                                    

- " ليس عدلًا أن تعرف الأشياء التي أحبها في حين أني لا أعرف شيئًا عنك ... "

اضطر كريسنت لانتظار ثوانٍ متتالية من الإحراج جراء صمت والده، سمعه دون تركيز وأجل الرد لما بعد مرحلة التفكير المتعمق.

أمس حين خرج كيلارد لشراء بعض الأشياء كان هناك شيء مريب ... شيء لا يستطيع إثباته أو وضع يده عليه، لكنه موجود حتمًا.

الأسواق الصغيرة شبه فارغة ... مقر سحرة العقرب الذين ألزمهم البقاء أمام عينيه، شبه مهجور ... أفضل سحرتهم ليسوا في الجوار، الكل حوله يتبادلون نظرات مثيرة للريبة ... الخطر مسحوق ومنثور كالرذاذ السام حوله، يملك رائحة حريفة ... وهو حتمًا كان يتحسسها، لكنه لا يستطيع تحديد مصدرها.

ربما عليه إعادة النظر بشأن تنحية نفسه للوقت الحالي، لكن كريسنت ...

حدق أكثر في شعلة النار الصفراء المتواثبة أمامهما، كأنها تملك معاصم ملتوية متمايلة تمدها في اتجاهات مختلفة، ترسل إشارات مبهمة أشبه بالرقص، رقصة يديرها الهواء ويوجهها ... البخار الساخن لفح عينيه بضوء مزعج،  قطب حاجبيه قليلًا ... صداع نصفي لا يمكن لأي تعويذة إيقافه.

اندلاع ... خفوت
اندلاع ثم خفوت ... كحال العالم جميعًا.

لم يكن الصداع الدائم إلا خطابًا مُرسلًا من عقله إليه ليبرده من حمى التفكير والذكريات ... مع قسط من النوم ربما ... الليالي الطوال التي سهر وإياها تمتص منه الكثير دون أن يدرك.

تيبس عنقه وازدادت حدة الصداع ...

كريسنت ود أن يختفي ... ظن أنه قام بشيء خاطئ أو اقترف إزعاجًا ما، لا يبدو كمن قد يفهم والده يومًا ... لا أحد استطاع معرفة الآلية التي يعمل فيها عقل كيلارد سوى شخص واحد في العالم بأكمله ... توأم روحه، نصف عقله الآخر ... والواحد معه، نفسه الصغيرة وتلميذه ماكسيل.

ما زالت الرابطة التي امتلكاها مقدسة ومنزهة بنظر كليهما حتى اللحظة ... وللأبد، مهما اختلفا أو افترقت طرقاتهما، مساعيهما واحدة ... كل منهما هدفَ ويهدف نحو تغيير العالم بأسلوبه الخاص.

كلاهما يدرك أن الخطوة الأولى هي الاقتلاع قبل الإنبات ... لكن الطفل والتلميذ من بينهما ليس مهيئًا للوصول إلى هذا الحد بعد.

لا أحد من هؤلاء الأطفال مهيأ ... قضى وقتًا عصيبًا أمس لإقناع كريسنت بالتوقف عن التحقق المطول من إغلاق الباب، لكنه استجاب في نهاية المطاف ووثق بوالده كعادته، ثم جعلها قاعدة ثابتة ... كان سعيدًا أنه بدأ يتعافى شيئًا فشيئًا من مخاوفه وأفكاره القهرية، ليس أنها اختفت ... بل أنه امتلك العزيمة للمقاومة حد إهمالها.

ثم كان أشد سعادة حين رأى ما اشتراه والده ...

حلوى الخطمي ... يحبها كثيرًا منذ طفولته، تساءل كيف علم والده ... والإجابة ببساطة كانت في رسائل طفولته، رسم نفسه كثيرًا مع تلك الحلوى الناعمة الطرية.

ُمتفرَّد: ذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن