الفصل السادس والأربعون (يُسقى من الكأس نفسه)

127K 6K 1.8K
                                    

الفصل السادس والأربعون (يُسقى من الكأس نفسه)
#رواية_وريث_آل_نصران (الجزء الثالث)
بسم الله الرحمن الرحيم

حتى ولو رحلنا، وفرقتنا الطرق، وعدت الغريب التائه بين طرقات المدينة، سأتذكر دائمًا أنه حين فقد "يعقوب" فلذة كبده "يوسف"، راح البصر حزنًا على الحبيب، وما أراني إلا فاقدًا لنفسي إن فقدتك

       ★***★***★***★***★***★***★**★

حين يخبرك عقلك أن تتوقف فتوقف، الكثير من التجارب السابقة أثبتت أن في مواقف بعينها لا يكن هناك صواب أكثر من قرار العقل، وهذا ما تيقنت منه "علا" التي كانت تقف بمفردها في هذه الليلة تتأمل المياه في انتظار "بشير" ولكن أتى "عيسى"، حدثها وبادلته، ومع طلبه الذي رأته وقح بالبعد عن صديقه، وردها المتحدي شعرت بأن هناك خطب ما حل، الواقف أمامها ليس على ما يرام، وبدا هذا واضحا حين صرخ فيها أن ترحل، وأبت نفسها ذلك ولكن عقلها دق جرس إنذار بأن أفضل ما تفعله الآن هو الرحيل، وقبل أن يعنفها من جديد لمح سيارة صديقه تتوقف، هرولت هي ناحية " بشير"، طوق النجاة الذي عثرت عليه للتو لتحتمي به، وقبل أن يقول أي شيء وجد صديقه يفر إلى سيارته بوجه مكفهر، وقادها بسرعة جنونية جعلته يدرك ما حل به، تنهد بانزعاج قبل أن يستفسر منها:
حصل إيه؟
قصت عليه ما حدث بتوتر فاعتذر منها على فعلة صديقه مبررا:
متزعليش، عيسى بس مضغوط الفترة دي، أنا معرفش هو عرف إننا هنتقابل هنا ازاي، أكيد شاف الموبايل.

طالعته بهدوء قبل أن تقول بابتسامة حزينة:
هو مش حكاية مضغوط يا "بشير"، يمكن يكون الكلام وجعني ورديت، بس " عيسى" عنده حق، أنا دخلت نفسي في حياتك فجأة وحطيتك في مشاكل مش بتاعتك
ابتلعت غصة مريرة في حلقها قبل أن تضيف:
وده أجبرك تكون جنبي...
بتر عبارتها بقوله:
أنا مفيش حاجة أجبرتني، بالعكس أنا فرحت لما لجأتيلي.

_ أنت جدع يا "بشير".
قالتها بمشاعر صادقة، وابتسامة رقيقة تاه فيها قبل أن يمدحها أيضا:
وأنتِ إنسانة كويسة يا "علا"، يمكن بيئتك هي اللي مكانتش كويسة لكن جواكي نضيف.

وأمام مدحه هذا لم تستطع إلا أن تصارحه بعينين فضحهما الحنين:
أنا ماما وحشتني، هما أهلي، عملوا علشاني كتير،
لمعت العبرات في مقلتيها وهي تحكي له:
صحيح فجأة بقوا عايزين يشكلوا حياتي على مزاجهم، ويلغوني، بس مقدرش محنش، ليهم حلو كتير يا " بشير"، اللي هربت منهم هي "علا" اللي لقت نفسها تدريجي بتتمحي وتتحول لمسخ
أغمضت عينيها بألم وهي تقول الحقيقة التي يصدقها كل إنش بها:
لكن هي علا دي نفسها اللي وحشوها، أنا مش مأيداهم في أفعالهم، وكنت بحاول كتير مبقاش جزء منها، لكن روحي متعلقة بروحهم، أنا من دمهم،
بان تأثره من فرط صدقها الذي وصل له وكذلك من دموعها التي حاربتها بضراوة حتى تمكنت منها وهي تكمل:
"شاكر" ده كانت أسراره كلها معايا أنا، مكانش بيحكي لماما قد ما كان بيحكيلي، على قد ما كنت بكره تحكمه وتصرفاته و علطول أنا وهو في خناق، بس هو أول واحد قال لبابا لما كان عايز يقعدني بالثانوية، "علا" مش أقل من حد وهتكمل، "شاكر" هو اللي وداني المدرسة أول يوم، ولما عيطت خدني ورجع ومن ساعتها مبقوش يبعتوه معايا تاني و...

وريث آل نصران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن