الفصل الثامن والثلاثون

417 11 15
                                    

يمسك كأس النبيذ يحركه في يده في دوائر وفي اليد الأخرى سيجارة سحب يدخنها ومن ثم يسجنها بداخله ثم يحررها، وبعدها يرتشف رشفة من النبيذ الأبيض من النوع شيري والذي كان أول مرة يجربه فهو معتاد على الباربون والسكوتش.. اخذ يتأمل القمر من نافذته بعقل شارد غارقًا في ظلام غرفته الدامس عدا تلك البقعة التي ينشر القمر فيه ضوءه على استحياء، يفكر في تلك المرأة المتقلصة التي تكون أمه، يفكر في كلامها واهتمامها بهايبرا هل هناك أمر مهم غير صنع العقار، وهل هناك أهم من ذلك العقار، هو يعرف أمه فمجرد أن تعثر على صانع العقار سوف تقوم بخطفه إن لزم الأمر و إخفاءه، لكنها لم تفعل.. بل حاولت ان تصادق هايبرا وصارت لها صديقة وفوق ذلك كانت هنا لأمر هام.. فما هي.. يقلقه ويخيفه أن أمه تفعل شيء يؤذي تلك الفتاة المتقلصة التي سلبت قلبه.. قلبه الذي يئن لحزنها ويبتهج لسرورها.. كلما رأها ينبض قلبه ضربًا ويرقص فرحًا بين أضلعه.. ارتشف رشفة من الشيري.. لاحت بسمة على ثغره..ألتمعت عيناه الزيتونية.. هو بوجه الحقيقي ذات البشرة البرونزية التي تضوي تحت ضوء القمر بملامحه الحادة، لكن عيناه تلمعان في نوع من الشوق.. ابتسم حين تذكر كيف قبلها سابقًا.. وندم أنه لم يطل في ذلك ومع ذلك شكر نفسه أنه لم يتوغل في تقبيلها، أطفأ عقب السيجاره، استدار ليعطي ظهر للقمر و اتكأ على سور النافذة ينظر بترقب لباب غرفته الموصد.. أنهى مشروبه..هناك أصوات ضفيفة يسمعها.. خطى قرابة خطواتين لفراشه ارتدى قناع سوباروا، ثم فتح الباب.

لم تستطع النوم وأخذت تتلوى على الفراش من شدة الجوع، فاليوم لم تأكل جيدًا، كلما حاولت النوم زاد عصافير نومها تصبر نفسها بأن لا يجوز لها الأكل كي لا تسمن وتصير مثل الدكتور أغاسا، لكن معدتها كطفل مزعج لا يسكت ابدًا.. لتنهض مرغمةً وتصير على أطراف أصابِعها خاشية أن يستقيظ الدكتور ويسألها عن ما تفعله فتجبر على الكذب وهذا ما لا تريده وإن أخبرته بالصدق سوف يقلب عليها الدور، لذلك سارت على أطراف اصابعها دون إصدار اي صوت.. لتفتح الباب ببطء شديد و تغلقه ببطء.. تنظر لباب سوباروا، تسللت له وضعت اذنها على الباب.. لا صوت لكن هناك راحة سيجار ضفيف.. لتقل في غضب ضفيف
- ذلك الوقح يدخن، ألا يعلم أن لذلك البيت قوانين
القوانين في ذلك البيت بالنسبة لها ممنوع التدخين و ممنوع الإكثار من الشرب ذلك القانون الذي كسرته حين تجرعت الكثير من الكحولات وسكرت تمامًا، وممنوع الإكثار من الاكل الغير صحي و ممنوع الأكل خلال منتصف الليل و ها هي تكسر ذلك القانون.. ابتعدت عن باب سوبارو وتوجهت للمطبخ اخذت تبحث عن طعام لكن رغمًا عنها و رغم سعيها على عدم إصدار أي صوت لكن هناك أصوات تتفلت منها. كأن كلما جاهدت لتحكم في الأمور انفلتت اكثر منها.. وبينما هي تبحث عن الطعام.. إذ تشعر بشخص يقف خلفها لتنتفض من مكانها، تلتفت له لتجده يقف مبتسمًا ابتسامة لئيم أمسك مجرمًا...قال:
- تخترقين قواعدك
لترد عليه بابتسامة بعد ان استعادت اشلاءها حين تذكرت رائحة السجائر:
- انت أيضًا اخترقتها
رفع حاجبه وهو لم يشيح بنظره وعقد ذراعيه أمام صدره :
- أممم لكن أظن أن القوانين تصير على أصحاب البيت وانا ضيف سأرحل يومًا
"سأرحل يومًا" تلك الجملة كان لها وقعة خاصة وقعة مؤلمة على قلبها كأنه يخبرها سأرحل للأبد صمتت. نكست شعرها.. شعر أن ملامحها تغيرت، شعر بأن هناك أمر خلف صمتها هذا، ليداهمه خاطرة تضرب عقله، هل يعقل ان تلك المتقلصة ذات الشعر البني تحبه.. لكنها حركت كتفيها في اللامبالاة وقالت ببرود مصطنع:
- أعلم ذلك لكن إلى أن يتم ذلك عليك احترام القوانين
انهت جملتها بابتسامة خبيثة ثم رسمت علامات الاشمئزاز على وجهها وأخذت تحرك يدها أمام انفها وقالت:
- أيضًا رائحة دخانك يثير اشمئزازي
ليضحك هو يقول معتذرًا:
- حقًا أسف آسف
لتعود هي تبحث عن شي تأكله.. بينما هو يقترح عليها:
- ما رأيك نذهب نأكل في الخارج.
- مستحيل
- لماذا
- لا أضمنك
- لكني أبيت معك.. ام مازلتي تخافين مني
قالها وهو يجسى ركبتيه وهي بين ذراعيه، عيناه في عينيها.. اشاحت بوجهها كي تحمي نفسها من تأثير نظراته التي قد يسكرها وقالت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بتكبر:
- الموضوع ليس لا أخاف منك
صمتت برهة حين تذكرت تلك الليلة التي قبلته ومن ثم قبلها هو.. هي تشعر بالخجل منه، قربه يجعل خلاياها ترقص ويشعرها ان سيل من الشحنات الكهربائية تسيل في جسدها
- أم ماذا
التفتت له حين سألها ام ماذا بعدما كان يتفرسها ويقرا معالم وجهها، يدرك إنها صارت لا تخاف منه ولكنه مرتاب في حبها له.. نهض من مكانه وقال:
- حسناً سأذهب أنا وسأشتري بعض الطلبات ونصنع العشاء هنا
- لكن الوقت متأخر
- لا ليس بعد الساعة آلان الحادية عشر فلا تخافي هناك بقالات مفتوحة.
ولى لها ظهرها وقبل أن يهم المغادرة.. سألته:
- هل حقًا تريد الذهاب معنا لتخيم
أدار رأسه من فوق كتفه وقال
- أي أريد أن استجم وأعيد نشاطي.. هل لديك مانع
هزت رأسها نافية... وقالت في برود:
- لماذا يكون لدى مانع، انت حر لكن ارجو عدم الازعاج
ضحك فقط ضحك على تقلب مزجها ومن ثم رحل لتشيعه هي بنظراتها.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن