الفصل الحادي عشر

461 13 4
                                    

يقولون أن ليل ستار نخفي فيه أخطائنا، و أنه منزل العاشقين حين يتهاتفون أو يحلمون بكل  لحظة لقاء يجمعهم وأحيانا يكون ليل بالنسبة للبعض جحيم لكثرة أفكارهم وذكرياتهم التي تداهمهم في هذا الوقت من الليل، لكن بالنسبة لتلك الصغيرة التي تترقب كل حركة او بالأحرى ترقب تلك اللحظة الذي يغفو فيها ذلك الرجل الثلاثيني أو أدني..في قبو المنزل الذي اتخذته مختبرًا لها.. يتسلل هواء بارد من شق نافذتها ينعشها..وبين الفنية الأخرى تلقي نظرة.."هل نام.. لا أسمع له صوتًا" هذا ما جال في خلدها.. وها هي تعزم أمرها فيبدوا أن كل اهل البيت نيام.. وهم ليسوا سوى  أغاسا وهو صاحب البيت واتخذها ابنة له و ذلك المدعو سوباروا جارها و ضيفًا في بيت أغاسا لفترة مؤقته.. فتحت باب مختبرها بهدوء تام.. القلق، التوتر، الخوف مما سيحدث كل هذا ظاهر عليها رغم سعيها وجهدها في إخفاءهم، كل خطوة تخطها نحو غرفة سوباروا كمثابة خطوة لنحو معركة قد تكون فيها خاسرة وسيحكم عليها بالأعدام.. رغم ذلك عليها أن تجازف لتعلم من ذاك الذي يساور الشكوك حولها.. وصلت لباب غرفته و وقفت أمام بابه وأمسكت بمقبضه.. وكلامه في ذاك الوقت حينما حاولت تنزع الوشاح من حول عنقه لتكشف عن ذلك العنق وسر إخفائه لتلك الجزء كان يتردد في ذهنها " من هنا تبدأ منطقتي وهذا ليس ضمن نطاقك".. بدء خفقات قلبها يتسارع كطبول الحرب لكنها سيطرت على توترها وخوفها.. فتحت الباب بهدوء وأطلت برأسها تجاهد أن تبصر من وسط ذاك الظلام الدامس، كيف له ان ينام في ذلك الظلام الحالك.. تابعت ما بدأته ودلفت الغرفة وأكملت خطتها، أوصدت الباب خلفها لتجد نفسها في عرين الاسد بإرادتها.. فتحت الكشاف الملحق بساعتها_تلك الساعة التي صنعها الدكتور اغاسا لفريق التحري_ سلطته على ذاك النائم لتجده ينام بعمق كطفل رضيع نام هنيئ البال بعد أن حصل على كل متطالبته.. تأملته لبرهة وسؤال يراودها "كيف له أن ينام هكذا.. ألا يوجد خطر يحدق به؟!" تابعت سيرها نحو السرير الذي يفصل بينه وبين النافذه مسافة صغيرة.. متسللة على اطراف أصابعها حتى لا تحدث صوتًا، أدارات حول السرير نصف دورة وسارت في الجزء الفاصل بين السرير والنافذة لتصل للـ(كميدينو) المجاور للسرير.. بعد أن لمحت بضع الكتب.. اقتربت لتتبين أنها لا شيء سوى روايات شارلوك هولمز.. لتقول بهمس :
- مجنون آخر بشارلوك هولمز.. يبدو هناك مجانين كثر.
ومازال سوبارو يغط في نوم عميق، لا يشعر بتسللها، صعدت على السرير وجملة مهوس التحريات وشارلوك هولمز العصر كونان إيدجاوا "مستحيل أن يكون قارئ شارلوك هولمز شخص شرير" تلك الجملة التي كانت بمثابة صفعة غير مؤلمة لكنها كانت غير متوقعة، أدهشتها تفكيره الطفولي، هل حق قُراء شارلوك هولمز طيبون، لو كان ذاك القارئ يقرأ لينفذ جريمة من تلك الجرائم أو ربما يريد أن يتعلم من أولئك المجرمون ومن أخطائهم لينفذ الجريمة المستحيلة، صعدت السرير واقتربت منه، اقتربت من عنقه، مدت يدها ببطء لتمسك بذلك الجزء من ثيابه، الذي يدثر بها عنقه، وكادت تكشفه لولا أنه أمسك بمعصمها وأحكم قبضته عليها ونهض فجأه واعتدل لتكون أمامه مباشرة، وجهه لوجهها.. اخذ يحدق بصره فيها بوجه جامد بينما ترتعد، وعينيها اتسعتان من المفاجأة التي لم دهمتها على حين غرة، كانت عينيها تهتزان بل أن خلايا جسدها ترتجف.. ليبث بحروف جامدة زاد من وطأة الخوف في صدرها :
- ألم أقل لك أن هذه منطقتي فلا نفوذ لك عليها.
رغم ذاك الموقف الذي لا تحسد عليها، رغم الألف دمع التي تجمعت في عينيها ومنعتهم من السقوط، فهي تأبه أن يرها الآخرون هطول دموعها، ابتعلت ريقها و ظهرت جمود وجهها، لكنه رأى ارتجاف عينيها وانحصار دمعاتها التي تهدد بالنزول في أي لحظة، رأى أمارات الفزع على وجهها حين دهمها بإمساك يدها، كان يشعر بوجودها وبمراقبتها له وبتسللها، شعر بكل خطوة تخطتها وحتى بهمساتها التي سمعها رغم خفوت صوتها، كان على علم تام بمخططها..سحبت يدها من قبضته بقوة لكنه لم يفلتها فقط كان يراقبها وهي تحاول تفلت نفسها.. لتصرخ في وجهه بحدة:
- أفلت يدي.
ترك يدها لتسقط على الفراش بينما هو نهض من على الفراش وتوجه للباب.. فتحه ليقل لها.. سوبارو:
- إن لم يكن هناك أمر أساعدك فيه فأرجو أن تخرجي فأنا أريد أن أنام، ليس لدي مشكلة في وجودك هنا.
كانت تنظر للاشيء ودمعات قلائل خانتها وتسللت لتمسحها بكف يدها.. نهضت مسرعة وركضت اتجاه قبوها وهي تخفي عينيها خلف ذراعها.. لا تريده يرى ضعفها وانهزمها حتى اذ هزمت حقًا أمامه لكن إن رأى هطول دموعها على وجنتيها فهذا إعلان صريح على انهزمها.. ركضت بعد أن احست أن كرامتها تبعثرت وبعد أن كادت على وشك كشف ضعفها.. ركضت ولم تحرز تقدمًا بل جنت خسارة فادحة، ركضت ولم يتحرك هو ساكنًا ولم يبث بكلمة فقط استكفى بمراقبتها وهي تركض اتجاه القبو.. أغلقت الباب خلفها وأخذت تبكي حالها وتضع يدها على فمها، مانعة تلك الصرخات التي تمور في صدرها والتي ترغب بشده بالخروج والإنطلاق في الفضاء بدل من قمعها بين أضلعها لكنها ترفض تحررها.. بينما هو استكفى بالوقوف أمام باب المختبر وإلقاء نظرة يائسة عليها.. ليقول بصوت يشوبه الكمد، بصوت خافض كادت تخرج من شفتيه :
- أعذريني أيتها الأميرة فلم يحن الوقت لكشف لك عن أوراقي، أخشى أن أفعل ذلك في وقت مبكر أخسر مكانتي.. في حمايتك.. أيضاً أيضًا لقد قطعت وعدًا للمرأة التي أحببتني بصدق و وثقت في، فأنا ارغب في تنفيذ وعدها لي بنفسي..فأنا أريد حمايتك بدمي.. أسف أيتها الصغيرة.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن