الفصل التاسع و الأربعون

518 17 38
                                        

أمريكا- مانهتن

في أحدى بارات مانهتن، كانت تجلس سيلينا على البار، تلف خصلة من شعرها الأصهب حول سبابتها، تلقي رأسها على ساعد يدها الممدود على سطح البار، و بيدها تمسك كإسا تتطوحه في دومات صغيرة.. لتقول بصوت منهك:
- كأس آخر لو سمحت
نظر الساقي لها بتمعن هي هنا مذ زمن طويل، الناس الذين كانوا هنا رحلوا من زمن أو بالأحرى الأغلب وأيضًا يبدو عليها الإنهماك والتعب الشديد.. فقال
- إوصيك إن ترتاحي
أطلقت ضحكة صغيرة كتنهيدة، ثم توالت الضحكات من بعدها وهي تحاول تنهض من مكانها، كان الضوء المصفر المتوهج يعطيها رونقًا وتوهجًا رغم أن وجهها منهك ومتعب.. استندت بيديها على حافة البار بعدما ثبتت قدميها على الأرض، حاولت أن تدفع نفسها للخلف لكنها  ترامت للأمام وتسطحت بنصفها العلوي على البار وغاصت في سبات عميق.. تنهد الساقي وأشار للحرسان ليأخذنها بعيدة.. لكن أتى رجل يبدو عليه الهيبة وقال:
- سأخذها
أندهش الساقي، فذلك الرجل زبون دائم له ويعرفه جيدًا، ولم يسبق له أنه حمل فتاة بنفسه:
- سيد بيدرو
ابتسم بيدور كما يبتسم الثعلب وقال بخبث:
- ليس كما تظن
لينظر لوجهها الأصهب ويقول :
- تلك الفتاة تهمنا.
نعم سيلينا تعد ورقة رابحة لكونها كانت هاكر في المنظمة السوداء التي كانت تعمل فيها مع أخيه بير، هي التي يمكن لها ان تخترق قواعد بيانات المنظمة وتعرف الكثير عنهم كي يستطيع بيدرو ومن معه أن يكسبوا المنظمة السوداء في معركة العصابات.. بيدرو يحقد على المنظمة ليس لكونها منظمة إجرامية فهو لا يقل عنهم إجرامًا بل لأنهم قتلوا أخيه بير، الذي اُكتشف فيما بعد أنه يكون منظمة خاص به تعرف الأفاعي البيضاء كان سيتضمن اعضاء كثر على رأسهم تلك الفتاة ريكا التي مهما بحثوا عنها لم يعثروا عليها و مارجريتا التي هي بين يديه الآن.
_____________________________
اليابان
مازالت الساعة العاشرك، و كازوها وهيجي لم يرجعا لمنزلهما، الهاتف يرن، يرن كثيرًا و كازوها تمسكه بيدها وتتحدث بمرح في محاولة أن تنسى ذلك الهاتف الذي يومض تكرارا و مرارا.
- لماذا لا تريدين
وقفت كازوها أمام أحد المسارح التقليدية و قالت:
-هيجي أريد الذهاب للسينما
تفاجئ هيجي من تصرفها، هذه ليست كازوها، كازوها لا تتصرف بتلك الطريقة فهو يرها تتهرب، بينما هي تنظر لذلك المسرح وتتذكر أول يوم الذهاب لذلك المسرح برفقة أمها، في ذاك الوقت كان الجو ماطر وكانت كازوها و والدتها ترتديان معاطف خاصة للمطر، تمسك بيد أمها و تقفز بمرح حتى وصلا للمسرح.. وقفتها أمها، أمام باب المسرح وقالت لها حين شعرت بمن يراقبها :
- عزيزتي كازوها أذهبي أنت
- لكن ماما
لتجيب ببسمه وهي تضمها بقوه وتقول:
- أمك ستلحق بك صغيرتي
فأومأت كازوها وهي تقول :
- سانتظرك بالداخل أمي
كان في ذلك الوقت هيجي برفقة والديه لكنه لم يكن يعلم من كازوها، لتركض كازوها وتنصدم به.. ليصرخ هو بها:
- ألا ترين
لتنكمش وجهها منذر بالبكاء وتقول :
- أنت الذي صدمت بي
- بل أنت حين تركضين
- كان عليك التجنب
لتأتي والدته وتأنبة:
-هيجي لا يجوز معاملة أنسة صغيره هكذا
أسعدتها تلك الكلمات رغم أنها لم تتجاوز الست سنوات.. قالت والدة هيجي:
- أين أبوكي
- اتيت مع أمي أما أبي بالعمل
مدت والدة هيجي يدها لكازوها وقالت :
- ما رأيك أن ندخل
دلفوا لداخل و جلسوا في أماكنهم، مر وقت وكازوها تمنع أي شخص من الجلوس، وظل الوقت يمر والمطر يشتد، تسمع صوت طقطقته حين يسقط على الأرض، انتهى المسرح لم تأتي والدتها.. كان هيجي ينظر لها من حين للأخر فيجدها لا تهتم بالمسرح بل بالباب الذي يدلف منها المشاهدون، وكلما يفتح الباب تقفز من مكانها على أمل أن الداخل أمها لكن سرعان ما يخيب أملها.. جذب هبجي والدته التي تجلس بينهما وقال:
- أمي هل أمها تكذب عليها
لكن قبل أن تجيبه وصرخت كازوها في وجهها وهي تقطب وجهها بتذمر:
- أمي يستحيل أن تكذب علي
- بل كذبت
بدأت كازوها تزوم وتغضب من ذلك الفتى البغيض، لكن والدته نهرته قائلًا:
- هيجي يكفي
انتهت المسرح و الناس يخرجون، ركضت كازوها كي ترى سبب تأخر امها، علها بالخارج وقد أصابها مكروه أو ربما لم تستطع لأي سبب أن تدخل.. ظلت تركض هنا وهناك.. والناس بدا يخفون روايدًا روايدًا والشارع يفرغ وهي مازالت متشبثة بوهم عودة امها، سعت والدة هيجي أن تأخذها معها المنزل لكن كازوها أبت بشدة وهي تقول :
- أمي ألم تجدني ستغضب و تحزن مني
مما جعلها مضطرة أن تنتظر معها فقلبها لم يسمح بترك تلك الصغيرة في ذلك الجو المرعب...مر وقت حتى سمعت
- كازوها كازوها
التفتت كازوها التي كانت متكومة لمصدر الصوت لتجد والدها يقف بعيدًا تحت مظلة والمطر تنهمر عليه و السماء فوقه تكتسي بالسحب الرمادية وبجواره رجل ركض له هيجي لكنه قال لها بغيظ وهو يخرج لها لسانه ويشد عينه اليسرى للأسفل:
- امك لم تأتي بعد
مما دفع كازوها بأن تنطحه برأسها وتسقطه، فقام بدوره ليرد تلك النطحة وبدأ بالتصارع بينهما، أقترب والد كل منهما وفكا الشباك.. نظرت كازوها لعيون والدها توياما وقالت بصوت مرتجف:
- أمي ستأتي صحيح
لم يستطع الأب في ذلك الوقت أن يجيبها بل آثر الصمت عن الكلام بينما هي تربعت وجلست على الأرض اللينة غير بالية بثيابها التي اتسخت وقالت :
- سانتظرها
ليحملها عنوة بينما هي تضربه بيديها وقدميها وهي تصرخ:
- أمي ستحزن أن لم تجيدني
لتدرك فيما بعد ان أمها رحلت تاركة إيها..
- أسف كازوها
ألتفتت كازوها لهيجي بعدما مسحت دموعها وقالت:
- لا تعتذر هيجي، يبدو أني كنت متمسكة بوهم
رفعت وجهها لسماء هذا اليوم السماء رائق مكسي بوشاح اسود مرصع بالنجوم و المسرح بالي ومهجور مذ اربع سنوات
- ألا تريدين الذهاب للسينما
ادارت وجهها له مبتسمة وهي تهز رأسها.. ثم لفت له بالكامل ونظرت له نظرة خاصة و اشارت له بإصبعها وهتفت:
- لكن انت ستتكفل مصاريفي
ليعقد حاجبيه ويهتف بتذمر:
- ماذا تريدين ادفع ثمن تذكرتك و أكلك و شرابك
فتعقد يديها وتسحب نفسها للجنب دون أن تتحرك وتنظر له بخبث:
- هل أنت من أولئك الرجال الذين يجعلون الفتيات يصرفون
ليكتمها هيجي في نفسه فهو لا يحب ألا يكون سوى (جينتل مان).. ليهتف:
- حسنًا.
______________________________
لم تستطع سيرا النوم بعد فقد تتقلب على الفراش و جملة بنسبة خمسين لخمسين يرن في دماغها، وهيئة سوبارو و طريقة كلامه يتراقص أمامها، ذلك الرجل خلفه سر لابد لها أن تكشفه، بل إنها تشعر بأنه أخيها الأكبر شو، مجرد إحساس ضئيل يراودها حياله، تقلبت ونامت على أحدى جنبيها و تكومت وهي تحتضن وسادتها بقوة:
- ماذا لو كان حقًا شخص آخر غير شو
اعتدلت ونامت على ظهرها مع فرد أطرفها الأربع نحو زوايا السرير و الوسادة أُلقت على الأرض وهي تنظر لسقف غرفتها
- علي أن أحاول
تقلبت ونامت على بطنها ودفست رأسها بالسرير، التفكير في إحتمالية ان سوباروا قد يكون أخيها أطار النوم من جفنيها.

__________________________________

نظرت إلى صنع يديها بزهو وفخر وهي تمسح من على جبينها أثر التعب، لقد صنعت ممرًا بالشموع العطرة إلي مدخل الغرفة و من ثم رسمت على الأرض شكل قلب بالزهور الحمراء وناثرت على الفراش بتلات من الورد الأبيض و الروز والأحمر، مع اشتعال موسيقى حالمة وأضفئت الأنوار، ابتسمت بامتنان لنفسها وتحمست حتى أنها أخذت تتخيل نظرة الدهشة و الإعجاب و الخجل الذي سيعلوا وجوهي سينشي و ران.. أغلقت الباب بعدما خرجت وهي منغمرة في السعادة لن تسمح لذلك السوبارو يكدر عليها لحظات السعادة تلك ثم عادت لغرفتها.
صعد سينشي غرفته وعلى وجه علامات الدهشة قد أخبره العامل أن الأنسة ذات الشعر القصير قد أخذت المفتاخ الخاص بغرفته، مازالت ران تطوقه وهو يحملها.. صعد بها تحت نظر العاملين هنا.. صار في الممر وتسرب لأذنه صوت موسيقى نابعة من غرفته، تنهد وهو ينظر لغرفة التي توجد فيها شيهو و سوباروا وفق ظنه.. أدارت ران رأسها نحو الغرفة ولامست الموسيقى قلبها وأغلقت عينيها، تابع سينشي سيره وأنزل ران وهو يساندها من خاصرها مما جعلها ترتبك ويتوهج وجنتيها بالحمرة، دفع الباب ليجد ممر من الشموع، فانبهرت ران وتبسمت، رئحة الشموع العطرة تفوح و تعبق المكان وتخالط شذى الورد فتزكما الأنوف، ظلا ينظران بإنبهار لكن تلك الأجر جعلت ران تنسطل أكثر و أكثر
- سينشي
هتفت حروف اسمه ببطء وغنج، بدوت انها تلوك حروفه في فمها كأنها تستسيغه، نظر لها بحيرة تائه عاشق، تقف قريبه للغاية منه حتى أن صدرها تلامس صدره يشعر بهبوطه وصعوده، يرى ارتعاشة شفتيها على أضواء الشموع الغرفة مظلمة عدا من أضواء الشموع المتناثرة
- سينشي
لعنة هي تقترب أكثر، تغمض عينيه ترسم دائرة بشفتيها وتطوق رقبته بذرعيه، يبتلع ريقه في قلق يشعر أنه في معركة قلبه يخفق، شفتاها تناديه أن يقترب منها ليبدأ كالمسحور بالأقتراب، لامش شفتيه شفتيها وطبع قبلة خاطفة وابتعد بسرعة وعاود النظر له ليبدو له أنهما شهيتين، القبلة الأولى أشبه بأنه تذوق شرابًا محلاه فلم يزده إلا ظمأً جعلته يرغب بالمزيد والمزيد، فأخذ يتذوق شفتيها في قبلة طويلة ويريد أن يرتشف المزيد من ريحقهما، ويداها تعبثان في جسدها و بل يعزف عليه ألحان خاصة به، فصل القبله ليأخذ هو أنفاسه ونلتقط هي أنفاسها..عاودا التقبيل وهو يسير بها إلى الفراش ليلقي بها برفق عليه فتتناثر البتلات حولها فتشيح وبوجهها ليرى عنقها العاري المتوهج بفعل الأضواء الخافته، فينزل عليه ويطبع عليه قبلاته، كلما طبع قبله نظر لوجهها فيجدها مغمضة العينين مستسلة له تمامًا، أخذ يطبع قبلات على طول عنقها و خلف شحمة أذنها.. يريد التوقف لكنها تبدو كقطعة حلوى شهية و هو طفل صغير أناني لن يترك الحلوى دون أن يلتهمها كلها لوحده
- ران
نظرت له بعيون ممزوجة بكل أنواع العشق والحب، ورفعت يدها وضعته على وجهه.. أمسك يدها تلك وقبل باطنه..
- سينشي
نزل على ما بين ترقوتيها وقبله ودفن أنفه يشتم عطرها، ثم عاد لشفتيه.. إلى متى سينتهي، ينبغي له أن ينتهي قبل أن يغوص إلى أعمق من ذلك.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن