الفصل الأربعون

397 12 7
                                    

تم توزيعهم على ثلاث غرف يجاورن بعضهن البعض، الغرفة الأولى من جهة اليمين للفتية الثلاث سوبارو و آمورو وسينشي والتالية لصغار و الدكتور أغاسا والأخيرة لماسومي و ران.
توشحت السماء بالسواد الدامس عدا تلك البقعة التي يضيئها القمر محاطًا بهالة زرقاء، و وسط ذلك الدجى و هدوء الليل إذ يتسلل صوت موسيقى نابعة من صندوق الموسيقى وصل صوتها لأذن ايومي التي ابتسمت فرحًا وقالت:
- ألا تسمعون هناك صوت موسيقى جميلة
لتأتيه صوت هايبرا التي كانت تنظر من النافذه سامحه بالهواء البارد يضرب وجنتيها ويطاير شعرها
- يبدو ذلك اليماتو يستمع للموسيقى
- غريب
لفظ بها سوبارو لتستفسر منه أيومي :
- أيومي
ليجيبها جنتا باندفاعية بدلًا من ميتسيكو:
- لان ذلك الفتى غريب الأطوار وأناني
ليوافقه ميتسيكو الذي قال:
- ألم ترو ماذا صنع على السفرة فهو لم يحترم أحد
ابتسمت هايبرا على نقاء الأطفال الذين يرون الظواهر والبواطن واحد لا يعرفن ان الكبار ثد يبدوا عكس ما يخفوا.. لتقول :
- لا تحكموا على الكتاب من عنوانه.

- ألا تسمعين
قالتها ران التي اعجبها صوت الموسيقى النابعة كن ذلك الصندوق كان الموسيقى تناسب الأطفال اكثر من الكبار
- أسمع اسمع
قالتها سيرا بعقل شارد فهي تفكر في آمورو الذي أخبرها بأنها جميلة في الفستان التي ارتدته في حفل خروج ران من المشفى، لاح على شفتيها ابتسامة العاشقين.. تأملتها ران لبرهة واقتربت منها حتى سيرا رفعت عينيها لتنظر لسقف الغرفة فوجدت وجه ران بنظراتها الخبيثة وهي تقول لها بنبرة ساخرة:
- اخبريني هل السيد آمورو شغل بالك
جحظ عيني سيرا فهي لا تصدق ان أمرها كشف بل هي نفسها لا تعلم ان كانت تحبه أم لا، أحست فجأه كما لو كانت هناك لقمة عالقة في جوفها لا تقدر على ابتلعها أو بصقها ققزت بعدما كانت مستلقاه على الفراش وهي تخبط على صدرها عسى تبتلع كلام ران الذي فجأها لتقول :
- من أين لك بهذا الكلام يا ران
لتكمل ران بنفس نبرتها الساخرة المزعجة :
- رأيت نظراتكما لبعض وكيف كان آمورو سان ينظر لك
تلجأ سيرا في تلك المواقف لأسلوب الإنكار يكفي فقط تنفخ صدرها و ترجع كتفيها كأنها ديك منفوش لتقول وهي رافعة رأسها في شموخ:
- اسمعيني يا ران انا استحيل أقع في حب فتى مثل آمورو هذا
- حقًا.
قالتها ران بنبرة تنم عن عدم تصديق لما قالته لتقول بجدية :
- اخبريني يا سيرا ماذا تفعلين ان كان هو يحبك
صمتت سيرا لبرهة، برهة تسلل الهواء ليضرب شعورهن لتقول :
- لا أعلم
ثم تعود لعهدها حين تخفي امرًا جادًا:
- يستحيل ان يحب فتاة مثلي
- لماذا
- لأني صبيانية.
ضحكت ران، ضحكت حتى دمعت عينيها فهي تعلم أن تصرفات ماسومي تميل للصيبانية نهيك عن جسدها الذي يتفقد لمعالم الأنوثة لتردد جملتها:
- لكني سأكون مثل امي جذابة، أليس هذا ما تقولينه دائما
لتومأ سيرا رأسها بنعم..ثم يناما.

غرفة واسعة، أحد جوانبها دائرية، مقسمة نصفين على ما يبدو يفصل بين النصفين خط وهمي، نصف يتوسطه سرير كبير وأريكة تقبع تحت النافذة و أمام تلك السرير مرأة كبيرة لترى فيها نفسك كي تعينك على التهندم قبل أي خروجة والنصف الآخر يوجد بها مكتبة كتب ليست ضخمة إنما هي مكتبة بطول وعرض الحائط الذي به يقبع خلف مكتب أسود اللون متوسط الحجم وهناك مكتبه ترتكز على الحائط المجاور نصف عرض الأولى و على مسافة ليست كبيرة يوجد دولاب بلون الأسود، اللون الغالب في تلك الغرفة هي الأسود عدا الحوائط بلون ابيض أو قريب منه لكن أحدى الحوائط مكسية بالسواد بل مزخرفة برسوم دخانية سوداء، تلك الغرفة كانت من نصيب الفتية الثلاث.
اغلق سينشي الباب خلفه، أخذوا الثلاثة تفحص الغرفة وهم ينظرون لسرير ذات الحجم المتوسط الذي من المستحيل يسعى الثلاث و لن يتناسب أن يناموا بالعرض لطول أكاي الفارع.. ضحك آمورو مما أثار انتباه الأخرين إليه وهو يتخيل أكاي ينام بعرض السرير، فساقاه الطويلتين ستكون خارج حدود السرير.. انتبه سوبارو على مرآة عليها حد حوائط الغرفة، الحائط المقابل لسرير من الأمام.. تحرك نحوها وهو يهز كتفه في عدم فهم لسبب ضحك آمورو الذي يضحك عليه في مخيلته بينما سينشي اعترته المكتبة ليخيب ظنه فمعظم الكتب كتب أدبية متنوعة لا تحتوى على أي رواية بوليسية أو غموض.. اطلق آمورو ضحكة أقرب من تنهيدة وهو يرى سوبارو ينزع قناعه ليظهر وجه آكاي.. فقال:
- ألا تخشى تلك الفتاة تندفع وتفتح الغرفة
كان يقصد بقوله سيرا الفتاة المندفعة الطائشة.. ابتسم اكاي الذي يتحسس وجه كأنه يرحب بعودته وقال وهو يغمض عينيه، بثقة:
- لن تفعل
- ومن أين لك بتلك الثقة
ليجيبه سينشي وهو يمسك بأحد الكتب على وجه تعابير الخيبة والاستياء
- لأن سيرا مهما كانت مندفعة فهناك حدود تلتزم بهما
حرك آمورو كتفيه بشكل درامي مع تحريك ذراعيه كمن يمثل على المسرح :
- من قال ان أقصد تلك الفتاة الصيبانية ربما اقصد تلك المتعجرفة
شرد سينشي لتأتيه صورة هايبرا التي تتصرف كأنها ملكة من الملوك، تتصرف كناضجة وليست طفلة. وقال في تعجب
- متعجرفة
صمت برهة وتابع
- اتفق ان هايبرا تتصرف بكبر حقًا بعض الأحيان
- لا تقلق لن تأتي هي أيضًا، فلا سبب يدعوها للمجيء
قالها سوبارو وهو يتوجه نحو الأريكة القابعة أسفل النافذة، ليتفاجأ آمورو بأن أكاي يُكاد أن يجلس على الأريكة فيقفز كالنمر نحو الاريكة ويسبقه لكن قبل أن يجلس منعه أكاي قائلًا وهو يقطب بين حاجبيه:
- هذا المكان لي
ليبتسم آمورو و بدت ملامحه تحوي الجدية الإصرار:
- بل أنا أول من وضعت عيني عليه آكاي شويتشي
- فورويا ري لن اسمح لك بالنوم على تلك الأريكة مهما يكن
كل منهما يناضح الأخر كل منهما يدفعان الآخر، كل منهما يريد أن يستولى على الأريكة التي ستمسح له بالنوم عليها وتعمل السماء بزينتها من خلال تلك النافذة و أثناء تلك المشاحنة تسلل سينشي و استلقى على الأريكة التي منحته لحظات معدودة من النعيم، فهي مريحة للغايه تشعر بأنك تنام فوق سحاب ضخم يحلق بك في أعالي الأفق الشاسع، لكن تلك اللحظات تبدت حين أمسك كل منه طرف من أطرافه، أمسك آمورو بذراعيه بينما شويتشي أمسك بقدميه، ليرميا به على الأرض وعادو لشجارهم بعدما أتحدا لهينة من الزمن، شعر سينشي بألم بعد أن ارتطم جسده بالأرض وأخذ يراقب هاتين الأثنين الذين من المفترض أكثر نضجًا وتعقلًا منه لكنهما في حقيقة الأمر هما لم يتجاوزا نضج ميتسيكو و جنتا بل ربما الأخرين أكثر نضجًا منهما. بدا الغضب يستشاط في نفس آمورو الذي يرى في إستيلاء آكاي على الأريكه بنفس إستيلاءه و تدخله في شئون بلاده رغم أن لا يوجد مقارنة لهذا الفكر الغريب و المعتوه
- آكاي شويتشي لماذا دائما تقحم نفسك في أمور بلادي
عقد كل من أكاي و سينشي حاجبيه واعتلى وجههما علامات الاستغراب و الاستفهام.. ليرد آمورو
- تريد أن تحتل أوطاني
ازداد التعجب وجهي الأخرين مع بعض نظرات البلاهة، نظر سينشي بذهول كوميدي نحو الأريكة وهو يتسأل في دهشة:
- هل الأريكة أصبحت وطنًا
- تلك مجرد أريكة و ليس وطنًا
قالها آكاي وهو يدفع بآمورو بعيدًا عن الأريكة ونجح بصعوبة في إبعاده ليستلقي بسرعة عليه، لكن آمورو لن يدع آكاي يتنعم على تلك الأريكة، صعد على الآريكه وحشر جسده بين الحائط و جسد أكاي ثم اخد يدفع بقدميه جنب أكاي حتى اسقطه على الأرض لينام هو مكانه وينهض أكاي ويحاول سحب جسد آمورو المتشبث بالأريكة، وهكذا أمام عيني سينشي الذي بدى أنه كمشاهد يتفرج على عمل كوميدي.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن