الفصل الثامن و الخمسون

447 15 60
                                    

الشمس تغوص أكثر خلف تلك المنازل وليل يرمي بظلاله على استحياء، نصف ساعة وتغيب الشمس المخضبة والمصبوغة بالحمرة، نصف ساعة و يتسيد الدجى سماء طوكيو و الصغار قد غفت عيونهم من الإرهاق
- لقد ناموا
قالها وهو يلتفت لهم من مقعد السائق و على وجهه تلك الابتسامة المريحة.. الأطفال كتلة من النشاط مثل الموتور تعمل بلا كلل ولا ملل وفجأه تتوقف دون سابق إنذار أو ربما يكون هناك بوادر تخبرنا على وشك التعطل، لكن الأطفال لا يتعطلون هم فقط يتوقفون ويسقطون صرعى بين أحضان النوم كي يشحنوا طاقاتهم و يشحذوا همتهم ليعاودوا نشاطهم، عفاريت كما يقال عنهم.
- لأنهم صغار
قالتها و هي تنظر لهم من المعقد المجاور لسائق كأنها تحسدهم فهم لا يكترثوا لشي لا يوجد ما ينغص عليهم حياتهم او ينغز جناباتهم، ليس لديهم قلق من مستقبل مجهول أو ماضي محفف بالمخاطر، ماضيهم زهر ابيض و مستقبلهم هم من يصنعوا بإيديهم الصغيرة و حتى و إن كان غير ذلك، فهم لا يلقون لمستقبلهم بالًا، هم فقط يهتمون بحاضرهم، يعيشون يومهم بمرها و حلوها، على خلافها هي فماضيها ليست وردة بيضاء فهي لم تنل من الورد سوى شوكته ومستقبلها ليس باهر في بين قوسين، الأول هي ستزج بالسجن وذلك أرحم و الثاني تقع فريسة في يد المنظمة ينهون على حياتها وحياة كل متصل بها وهذا أسوأ خيار ولا تحبذه.. أوصل سوباروا الصغار للمنزل، جينتا كان أكثرهم تعبًا، فقد كان يهلوس و يتكلم أثناء نومه يذكر أصناف الطعام التي يراها في حلمه، حملته أمه وشكرت سوباروا على حسن صنيعه، ضيفته هو والصغيرة هايبرا بكوبي ماء، بعدما طلبتها هايبرا لأنها تشعر بجفاف في حلقها، عادا إلى السيارة وصعدا فيها ومضيا في طريقهما، طوال الطريق لم بتحدثا و ينبسًا بحرف واحد، الليل حل و النهار ولى و مضى، و اضواء المدنية اخذت في الانتشار وشرعت تتلألئ في الأفق، هو ينظر أمامه حيث الطريق وهي تنظر لنافذة فترى إنعكاس صورتها على الزجاج الأسود و البيوت تسير للخلف، تنهدت، فحرك عينيه لزاوية حيث تجلس دون ان يحرك رأسه، ظل برهة يتأملها، لا يخشى الحوادث على الطريق فهو يعرف كيف يقود أين يقود.. وصلا للمنزل
- وصلنا
قالها و هو يركن السيارة بعدما اسكت ماتورها واخذ يصطف على جانب الرصيف المقابل للمنزل، فتحت الباب و نزلت دون أن تلتفت له قطعت الطريق لطرف الآخر و سار خلفها، فتح الباب فدلفت و رن الجرس، ففُتح الباب، استقبلهم الدكتور اغاسا
- هل استمتعتي اي تشان
حركت كتفيها في إشارة لا تدري
- تصبح على خير يا دكتور أغاسا
قالها سوبارو و هو واقف على الباب و كاد يهم بالمغادرة لكن أوقفه الدكتور متسائلأ
- ألن تأتي للعيش هنا فقد اعتد عليك
نظر لحيث الصغيرة التي كانت تنزع حذائها، فقال:
- للأسف يا لا يمكنني ذلك مدام غير مرحب بي
طرب قلبها ورقص و تهلل وطافت لامعة في عينيها لم يمكن لاحدهما رأيته فهي معطية لهما ظهرها، لكن لا يمكن إظهار تلك الآمارات فهي تكره ان يرها فتاة سهلة ويسهل إرضائها اعتدلت واستقامت ولبست الوجه الخشبي وقالت بنبرة لا يمكن تكهنها
- ليس لدي مانع مدام الدكتور أغاسا من يريد
كتم أغاسا ضحكة كاد ينفلت منه فهو يعرف أنها اكثر منه، فهي التي تريده في المنزل، فكثير كان يستيقظ في منتصف الليل لم يجدها على السرير المجاور فيذهب لغرفة سوبارو و يجدها تنام على فراشه، وتحرس على تنظيف كرسيه و تمنع أي شخص من الجلوس عليها و تتشاجر فيهم وتخلق لهم حجج واهية و ترتب غرفته و تولي له عناية خاصة بها.
- إذ كان ذلك رغبة الدكتور أغاسا فسأذهب لأجمع ملابسي
ختم جملته بغمزة جعلتها تنتفض كمن مس كهرباء فسرى بخلايا جسده و يحمر وجهها رغمًا عنها.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن