الفصل الثاني والثلاثون

674 16 25
                                        

الفصل الثاني والثلاثون

روائح المعقمات تملئ أروقة المشفى، مرضى داخلون وآخرون خارجون بعد أخذ تصريح بإذن من المشفى، تؤكد على استعادة المريض لعافيته..ممرضات يحملن محاليل كي يوصلونه بذراع المريض كي يمدون له بالغذاء أو الدواء.. فتحت عينيها ببطء.. سقف أبيض، وسرير أبيض، بل مفروش بملاءة بيضاء.. تتنفس ببطء مازالت تشعر بالتخذير وخاصة في ساقها الذي لا تشعر به
- الحمد لله إنك بخير
ألتفتت لترى وجه أبيها الباكي، بينما أتاها صوت فتيها الذي وقعت في هواه، قلقًا:
- ران، هل أنت بخير؟
- نعم. لكني لا أشعر بساقي،أحس بأنها متضحمة.
- لا تقلقي لقد أعطوكي مخدر.
ابتسمت في هون، وهي تتذكر كيف أطلقت هايبرا عدة طلقات على المجرم، ككقناص محترف. مازالت لا تستوعب، كيف ذلك؟!من تلك الفتاة؟!، لاحظ سينشي شرودها.. فسأل
- ما بك شاردة الذهن
ضاف بنبرة قلق:
- هل أنادي الطبيب
هزت رأسها نافيًا، ألقت نظرة على والدها، الذي سقط صرعى في أحضان سلطان النوم، أمسكت بقميص سينشي وجذبته إليها، ليشعر أن دمائه ينضح على وجه من شدة الخجل. خيل له أن ران تود تقبيله.. خاصة بعدما وقع عينه على شفتيها.. مازالت تسحبه وهو يرغب في النجاة من تلك اللعنة، فهو يريد يفعل ذلك لكن بطريقة حالمة كما يحلم
- ران توقفي ليس في المشفى لا ينفع
- ما الذي لا ينفع سينشي
رمقتة بعينين منزعجتين،  ما ظنه بها،  ليقول بتوتر:
- ألست ألست.. كنتِ
بنبرة يشوبها سخط طفيف:
- ماذا
قهقه كالأبله ليواري انحراف خيالاته،  بينما ران أحمرت وجهها فقد فطنت بما فكر فيه ذلك المتحري لتصرخ من شدة الإحراج:
- سينشي يا أحمق.
_______________________________
تنامى قلق شديد في صدر سيرا حين علمت بما صار لران من سونكو التي كانت تقص ما حدث بصوت منتحب
- ما الذي تقولينه سونكو؟! هل حقاً ران أصيبت؟!
كانت سيرا في ذلك الوقت تجلس مع والدتها في أحدى فنادق هايدو، التي كانت ترمقها بنظرة تساؤل، لقد ظنت ميري لوهلة أن أصابة ران لها علاقة بالمنظمة..أتاها صوت سونكو:
- نعم وانا في طريقي إليها
- حسنًا سوف أتي.
أغلقت سيرا الهاتف، استدارت لوالدتها كي تأخذ الأذن منها، ألقت ميري نظرة فهمت سيرا مضمونه..لتقول كي تطمئنها:
- ليس الأمر كما تظنين ماما
فهزت ميري رأسها، ثم حذرتها من تهورها ككل مرة تفعل ، مازلت ميري تخشى تهور صغيرتها.
أسرعت سيرا ومن ثم قادت دراجتها بسرعة هائلة دون أن تتجاوز السرعة المحددة في نفس الوقت ، تقود في طرق مختصرة.
بدون سابق إنذار وفجأة ،خرجت من أحد الأزقة سياره بيضاء، وشكت أن تصطدم بها، لكن من حسن حظها أن السياره تسير ببطء، كما لو أن محركها  استيقظ لتوه من سبابته، مما أعطاها فرصة لتسيطر على قيادتها المتهورة وقد استطاعت بمعجزة أن تفعل وتعيد توازنها، ارتجلت من دراجتها النارية وهي تكيل المسبات لسائق الأعمى رغم إنها هي المخطئة، لكن هيهات فالكل مخطأ عداها، خرج ذلك الشاب بشعره الأشقر وعيونه التي تشبه عيون ذئب، ينظر لسيارته التي تركت فيه دراجة سيرا إنبعاجه
- أنت
التفت ليجد تلك المسترجله.  أخذ نفسًا عميقًا و زفره بقوة كي يهدأ وقال بنبرة هادئة تشوبه السخرية والغيظ:
- كان علي أن اعرف ذلك؛ أن المصائب التي تحدث معي، سببها.. أنتِ
- حقًا ما تقول يا هذا!! أنظر ماذا فعلت بدراجتي
-  كيف أكون أنا ؟؛هل أنا من يقودها أم أنت؟! حقًا بت أثق أنك عمياء لا ترين
أغاظها كلماته الوقحة بل شعرت أن دمائها يثور من الغضب، ركضت نحوه بسرعه وقوه لتركل وجه بقوه وهي تصرخ:
- ماذا قولت، أيها الوقح
- قولت إنك عمياء
قالها وهو يرد ضربتها بضربه من حركاته. كلاهما يتقتلان، تلكمه فيلكمها، تركله فيرد عليها بركله، استمر قتالهم فترة من الزمن، حتى أنهيكا من التعب، أمورو أقوى منها ليس لكونه رجل فقط بل لكونه يعلم مواطن العجز والتي قد تجعله يحسم المعركة في صالحه بل هو مستمتع بقتاله مع تلك الفتاة بالأخص.. تلك الفتاة التي لا تنتمي لجنس الناعم، هي تغرد خارج السرب.
____________________________
- ماذا قولتي يا ران
ملامحه تحولت من ملامح ساكنه لملامح يسكنها الخوف من المجهول والغضب، قد أخبرته ران بأنها لاحظت عدسة كاميرا مصوبة جهة وجه هايبرا بالأخص. ورأت حركة أصبعه تتكأ على زر ما. من ذلك الرجل؟!، لماذا يصور هايبرا.. اتسعت حدقتي عينيه من شدة الهول حين تذكر بأن هايبرا هي من أطلقت النار على ذلك الرجل المجهول، شرع عقله في رسم سيناريو واحد بناء على ما يعيشه، هذا رجل فرد من أفراد العصابة وعليه أن يعرف.
- أنو سينشي، كيف لهايبرا بإطلاق النار.. شعرت لوهله إنها تفوق هايبرا.
لوهلة شعر بأنه تلقى صفعة قوية من سؤالها؛ كلماتها صفعة على وجه، ماذا يفعل في ذلك الورطة، ران تخبره بأن هايبرا تبدو تفوق سنها، مذ ان رأتها تطلق النار على الرجل. ظل صامتًا يفكر لكنها قطعت تفكيره
- ما بك سينشي؟، لم أنت قلق؟!، هل تعرف شيئًا
صمتت برهة ثم قالت كأنها تحدث نفسها:
- أحيانا اشعر أن هايبرا تربت وسط عائلة غريبة فهي ليست مثل باقي الأطفال، تجدها صامته أكثر الأوقات
أهي الفكرة تأتية على حين غرة منه،تنهد واقتمص دور الفتى الجاد وقال بنبرة جادة ممزوجة بالكمد:
- اسمعيني يا ران الحقيقة أن هايبرا تجيد استخدام الأسحلة  مذ سنة ونصف حين كان عمرها خمس سنوات
- ماذا
- عائلة هايبرا عائلة غريبة وقاسية بالفعل، تعرفين أنها تربت بأمريكا قبل أن تأتي اليابان،كانت تعيش في حواري شيكاغو حيث المجرمين ولأجل أن يحموا أنفسهم كانوا يعلمون أطفالهم مسك سلاح، لكن هايبرا هربت منهم لتسكن مع الدكتور فهي ملت من حياة الرعب
َولسذجتها صدقت رواية ذلك المحقق الذي حكاه بتأثر شديد وجدية عالية..
دلفت سونكو ورحبت بها ولم ينسوا تبادل الاحضان والقبلات الودودة بين صديقتين لتدلف سيرا بعد فتره بحالة مزرية، الكدمات على وجهها و ملابسها متسخة.. مما أصيب كل من سونكو وران و سينشي بالذهول.. ليتسألوا بنفس واحد
- ماذا حدث
ليأتيهم الجواب على هيئة أمورو الذي دخل ومعه باقة ورد لران، والذي لا يقل إزدراء من سيرا.. فهو أيضًا مليء بالخدوش.. لتقول سونكو:
- هكذا إذن.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن