الفصل العشرون

401 10 11
                                    

الفصل العشرون

اليابان.. ظهرًا.. مول بيكا.

كان المول محتشد بالناس التي تتدافع لدخول فيها بسبب التخفيضات التي نزلت على السلع وأيضا لوجود سلع تحوي على سلع أخرى هدية، قد آراقها تلك التخفيضات مما أثارها وجعلها تلعق شفتيها وتبتسم ابتسامة عريضة بارزة ذلك الناب الذي يجعلها كالقطط، أطلقت ليديها الحرية لتسحب ما تريد، مادام هناك تخفيضات فمبرحبًا بالشراء، كانت تشتري الكثير من البضائع حتى التي لا تريدها في ذلك الوقت واضعة لنفسها مبررات بأنها سوف تستخدمها في المستقبل...حين أنهت مشترياتها تفاجأت بكم الأكياس التي تحملها، أخذت تنظر إليها وهي تبتلع ريقها..قائلة:
- حسنًا سوف أحملها.
حملت الأكياس بكلتا يديها وأخذت تسير بترنح لشدة ثقلهما، كثير قد عرضوا عليها المساعدة لكنها أبت متداعية إن بيتها قريب لا حاجة وتارة إنها تستطيع حمل الأكياس لوحدها... وقفت عند مفترق الطرق تنتظر الإشارة لكي تعبر الطريق لجهة المقابلة وبينما هي في حالة إنتظار رن الهاتف.. ضغطت على زر الرد من سماعة البلوتوث الذي في أذنها بعد أن فرغت أحد يديها من الأكياس،أثناء أجابتها أمسكت بالأكياس مرة أخرى، لكن قبل ذلك ألقت نظرة على باطن يدها قد رأت حززات حمراء وبيضاء ناتجة عن ثقل الأكياس.. قالت:
- أهلا ران
بدى صوت سيرا متعبًا أو قرب للبكاء.. لتسفسر:
- سيرا تشان، هل تبكين
عبرت سيرا المشاه لتصل لطرف الأخر من الطريق.. قالت:
- لا لكني على وشك البكاء
- لِمَ
- يداي سوف تتمزقان.
تنهدت ران في الجهة الأخرى من الهاتف.. وقالت لمعرفتها بصديقتها التي تعشق التخفيضات وتتجاذب إليه كتلك الحشرات التي تتجاذب لنور النيران وتحترق بها..:
- هناك تخفيضات أليس كذلك؟!
بدت السعادة تغمر وجه سيرة، لتبتسم ابتسامة عريضة وهتفت:
- نعم وقد أشتريت كل ما ينقصني
- أقسم إنك أشتريت أشياء ليس لها نفع.
- سيكون لها نفع في المستقبل المستقبل
ضربت ران جبيها من جملة صديقتها.. كل شي عندها في المستقبل، دائم تجد مبرر.. اتاها صوت سيرا عبر الهاتف:
- أخبرني لما اتصلتي.
استدارت سيرا لشارع فرعي آخر حين سمعت ران تخبرها بعيد ميلاد هايبرا... قالت سيرا:
- حقًا اليوم عيد ميلادها.. لكن لم أكن أعرف
تفاجئت ران.. وهتفت مندهشه:
- غير معقول.. ألم يخبرك كونان بذلك
فكرت سيرا مليا ثم قالت بابتسامة :
- لقد أخبرني، أخبرني، لكن يبدو أني نسيت.
أنشغلت سيرا بالحديث مع ران دون أن تتنبه لذلك الذي يسير في الإتجاه المعاكس منها الذي كان يلف الملف حيث كان يغطي رأسه بزقطوط  يسير بتهمل وتبتختر، مدندنًا بالأغنية التي يسمعها عبر سماعات الهاتف، أثناء استدارته لشارع الفرعي إذ به يصطدم بشخص ما.. لم تنتبه سيرا لذلك الشخص الذي خرج من الملف، فصطدمت به وسقطت من إثر  الاصطدام، تبعثرت أشياءها.. شعرت بألم من سقطتها.. قالت بتهكم:
- من ذلك الأعمى الذي صدمني.
- أنا ذلك الأعمى.
رفعت رأسها مفاجأة من نبرة الصوت، لتجد ذلك الأشقر بابتسامته العريضة، يمد لها يده، احدجته بنظرة ثم صفعت يده بيدها، معترضة على مساعدتها.. نهضت من مكانها ونفضت ثيابها.. أمسك يده ومسد
عليها ليخفف من ألم الصفعة، قال وهو ينظر لها :
- أهكذا شكرك
قالت بتذمر:
- لم أطلب منك المساعدة
- حقًا.. لكن أدين لك باعتذار
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم اشارت برأسها للأشياء المبعثرة:
- حقًا
ألقى أمورو نظرة شاملة فوجد الاشياء متبعثرة في أرجاء الشارع الضيق الصغير.. ابتسم قائلًا:
- إذًا اللوم يقع علي
ابتسمت بمكر وهي تهم بلم اشياءها:
- بالتأكيد، وعليك مساعدتي
شرع بدوره يعاونها، ليس لانه مخطئ ولكن كان يرى لا يجوز ان يدع فتاة في موقف كهذا وأن كانت مسترجلة، أو اخت عدوه الصديق.. قال :
- أنت حقًا لا ترين نفسك غير مخطئة.. لا تتحملين عواقب أفعالك.
توقفت برهة لتتذكر جملة دائم يلقيها أخاها، الخطأ ينقسم على الطرفين بنسبة خمسين لخمسين.. تنهدت وهي تنظر لأمورو الذي يجمع ما بُعثر.. خطت لتقف أمامه، سحبت شهيقًا ثم زفرته، وقالت:
- أسفة عما بدر مني
رفع بصره ليجدها تمد يدها، استقام وانتصب واقفا وقال بابتسامة ذو مغزى وهو ينظر لحالها:
- ماذا؟
- حسنًا أنا أيضا مخطئة
رفع حاجبه مستفهمًا، لتقول :
- انت أيضا مخطئ فأنت كان عليك ترى من القادم
تمهل قبل أن يجيبها، ليجد كلامها محق، لا يجوز إلقاء للوم على ظروف بقدر المستطاع.
__________________________________
_ ها، وماذا بعد؟!
انطقت بها هايبرا التي أخذت رشفة من قهوتها التي طلبتها بعدما كاد يطلب لها سوبارو حليب بالفروالة.. يدرك سوبارو أنها سوف تلقي عليه سؤالًا، نظر لها بترقب وهو يرى فتاة قد انتقلت من حال لحال، فقد كانت حزينة تلوم نفسها على ما حدث اما آلان فهي فتاة متأهبة في ساحة حرب، تقف موقع دفاع.. قد ألتمعت نظاراته وقال بمكر:
- ماذا ماذا؟!
رفعت حاجبها باستنكار، تدرك من قرارة نفسها أن ذلك السوبارو يتذاكى عليها، وضعت الفنجان على الطاولة التي يفصل بينهما، طاولة صغيرة بيضاوية الشكل لنفرين أثنين تطل على مجرى مائي صغير يفصل بين حديقة خيزران والمقهى الصغير.. أغمضت عينيها وبدى عليها آمارات الإنزعاج:
- هل تتذاكى علي.
لم يجب استكفى بابتسامة زاد من اشتعال تعصبها التي ابذلت جهدًا في كبحها، لكن حين ذكرت كيف أخذها بثياب غير لائقة بشكل لا يرثى له، وجهها الشاحب، عينيها المرهقتين، شعرها المنقوش، شعرت بأن هناك نافورة من الدماء ضربت رأسها، كيف يفعل بها ذلك لماذا لا يجعلها تهندم نفسها، من رأها بهذا الشكل المزري.. انفجرت غاضبة في وجه:
- كيف تأخذني بهذا الشكل، كيف كان لك قلبًا أن تأخذ فتاة مثلي بشكل لا يرثى له.
التفت الناس لها، فشعرت بالإحراج منهم وتكومت في مقعدها، بينما هو أطلق ضحكة لم يقدر على أسرها لتتعاقبها ضحكات لدرجة أن عيناه قد أدمعت من فرط الضحك، لم يخيل له أن تلك الفتاة اول ما تهتم به شكلها.. اعترى هايبرا شعورًا بالذهول والتعجب من ضحك سوبارو، أول مرة تراه يضحك على تلك الصورة.. قالت بتذمر:
- لماذا تضحك هكذا؟! هل في كلامي أمر يُدعى لضحك.
مال بجذعه للأمام واسند مرفقه على طاولة ثم أتكأ بخده على ظهر يده، قال وهو يحرك مشروب كحلي على زجاج الطاولة:
- خُيل لي، ماذا لو خطفك مجرمًا بهذا الشكل
لتقول بإندفاعية:
- مستحيل
لينظر لها مستفهمًا وجه نظرها الغريب
، .. قال لها:
- لماذا مستحيل
صمتت برهة تتفكر، هل الخاطف سينتظر مخطوفته كي تتأنق أم ماذا؟ لا أظن أن هناك خاطف يحترم قواعد النساء اللواتي يرن التأنق والتهندم من أبجديات الحياة.. لكنها أشاحت بوجهها، رافعة أنفها لسماء.. بنبرة ثقة يختالجها التعالى:
- لأني امرأة
- امرأة!!
قالها بنبرة استفسار، وعيناه تتفرسها، يعلم إنها امرأة حقيقية.. قد تداركت ما نطقت به بعدما لاحظت تغيير ملامح سوبارو التي تبدو كملامح شخص يبحث عن أجابات أو محقق يعمل على حل قضية متشابكة:
- اقصد اني امرأة أي كان سني.
ابتسم ابتسامة هو وحده يعلم معنها، لتتابع هي بعد ان أخذت رشفة أخرى من قهوتها التي صارت باردة:
- هل أخبرتني لِمَ أخذتني أيضًا إلى أين
- الحقيقة لا أعلم إلى أين سنتجه، لكن يبدو أننا سنلف إلى أن يدقون علينا
عقدت ما بين حاجبيها وتسألت:
- من
- الدكتور أغاسا.
رمشت بعينيها عدة مرات، تحاول تفتش في عقلها عما سيفعله الدكتور أغاسا من خلفها، خيل لها أن ذلك الدكتور قد صرفها من المنزل كي ينفرد بالطعام ويأكل ما يحلو له.
_________________________________
أمريكا، ثامنة صباحًا.. نيويورك.

أخذت تلك الصهباء ذات النمش تتململ في الفراش إلى أن استيقظت، ألقت نظرة بجوارها لم تجده، تجولت ببصرها في نواحي الغرفة الواسعة لم تجده يبدو أنه خرج، كانت غرفة واسعة نص دائرية، تغضيها ستائر ذات لون كاتم وحوائطها ذات لون فاتح وهادئ، رأت ثيابها متبعثرة بشكل فوضوي. نهضت وهي تلتف بالملاءة كي تغطي جسدها العاري الذي يملئه الإزرقاق، بشرتها حساسة للغاية، وجلدها رقيق.. وقد قضيت ليلة أمس ليلة عنيفة مع ذلك الرجل الذي كان نائم بجوارها.. باتت حياتها لها معنى بوجوده، فهي ترد دين إنقاذ حياتها حتى وإن تطلب الأمر أكثر من ذلك. تعلم جيدًا أنه يبقيها لأجل أنها ماهرة في أختراق الحواسيب وأنها سلاحه الذي سيستخدمه ليحارب به خصومه... تعلم إنها ليست جميلة مثل تلك الفتاة التي هاجرته دون أن يعلم سبب هجرتها له... دلفت للحمام وفتحت الدش لينزل ماء ساخن منعش تركت الملاءة تنسدل ثم خطت وقفت أسفل الماء المتساقط كشلال دافئ، أغمضت عينيها، لتفتحمها فور أغلقهما، بوجه مرتعد، وبدأ جسدها في الانتفاض، تكومت في البانيو ودفنت وجهها بين ركبيته، رأت ذلك الكابوس، رأت نفسها تركض للمجهول، سمعت ذلك الصوت الذي يقول لها " أركضي، أركضي، اسرع أسرع، لن تهربي من مصيدتي" لتشعر بالرصاصات تخترق جسدها وتخر ساجية على أرض تفوه منها رائحة عفنة...شرعت بالبكاء على حالها.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن