الفصل السابع والاربعون

328 12 15
                                    

وقفوا أمام فندق القمر بوجوه يعتريها الخجل، يقع خلف ذلك الفندق سلاسل من الجبال التي تبدو أنها تسبح في الفضاء، وتحت سماء مرصع بالنجوم، ذلك الفندق يتوسط المكان حيث بينه وبين المنازل مسافة ليست بقريبة و ليست ببعيدة.. أدلفت يوكيكو لكي تحجز الغرف لهم لمدة ليلة و يوم فقط وتكلفت بالمصروفات.. كانت كل من ران و ساكورا ينظران لسينشي و سوباروا اللذان يبدوان منسجمان، وكلما نظرا إليهما من وسط أحاديثم أحمرت وجنتيهما و أخفضتا بصرهما و أشاحتا بوجهيهما خجلًا، ظنتا أنهما يتحدثان عنهما.
خرجت يوكيكو و أعلمتهم بالحجز وأن ليس عليهم سوى الذهاب.. وبينما هي تتحدث لهم كانت كثيرة النظر إلى الساعة.. مما جعل سوبارو يقول :
- يبدو أنك لديك موعد هام
انتبهت يوكيكو لسوبارو فحادت عينيها عن الساعة لتقول معتذرة:
- نعم موعد طائرتي يبقى لها قرابة ساعة لذلك سأرحل
ليقول سينشي متفاجئًا:
- لكنك لم تقولي ذلك
لتقول يوكيكو وهي تلوح لهم بعد ان طبعت قبلة على خد صغيرها :
- باي باي، أرجو ان تعتنوا ببعض جيدًا.
قاد العامل كل من سوبارو و ساكورا في غرفة و سينشي و ران في غرفة، لكن لم يدخلوا معًا حيث كل من ساكورا و ران دخلت الغرفة بدون شريك..
- أسمع سينشي مستحيل أن تدخل معي لا تجبرني على استخدام القوة
- لا تكوني عنيدة يا ران أريد الدخول
- قلت لك لا يعني لا ألا تفهم
- كم أنت عنيدة أيتها الأميرة
- اسمي ساكورا
ليقترب من الباب و يهمس بحيث تسمع هي، فهي تلصق اذنها بالباب:
- لا تقولي هذا الاسم أمامي
- لماذا؟! عامة لن افتح لك الباب
- ران إن لم تفتحي سوف أفتح الباب
- سوف اصرخ و اقول أنك منحرف
- أيتها الأميرة لن يصدق أحد ذلك فذلك الفندق مخصص لزوجان
- لست زوجتك أيها المغرور
- لا تجبريني على فتح الباب، سأفتح
- سوف أرمي بنفسي من النافذه
- ماذا؟!
استسلم كل من سوبارو و سينشي أمام عيناد كل من ساكورا و ران.
بعد قرابة الربع ساعة خرجت كل منهما مرتديتان فستانًا أنيقًا لكن ساكورا كانت ترتدي فستان سرق الألباب لدرجة التي جعلت ران تنفلت منها كلمة رائع بدون وعي.. لتتباهى بها وتدور قائلة:
- ما رأيك هل سيعجب هيغو
لتهتف ران :
- بالتأكيد سيعجبه
ثم صمتت و ارتسم وعلى وجهها علامة استفهام و تعجب
- لكن لماذا تريدين هيغو يعجب بك
لتقول شيهو بحماس عال:
- لأنه أحبه
أحس سينشي أن جملة شيهو كعود الكبريت المشتعل الذي اشتبك مع البنزين، يشعر بحرارة سوبارو و هالة الغضب التي تحوم حوله، نظر بطرف عينه فوجد عروق يده بارزة من شدة الغضب.. يدرك سينشي ان إعجاب صديقته شيهو التي هي هايبرا بهيغو مهما بلغ لن يصل لحد العشق أن ترضاه زوجًا لها، فهو يعلم و أن أخفت أو لم تدري قلبها يأمن سوبارو ويشعر بالأمان بوجوده.

طوكيو منزل كودو
- يبدو أنك فعلت ما بعقلك
قالها يوساكو الذي يجلس بإريحية يتصفح الجريدة المسائية و أمامه فنجان من الشاي
بينما يوكيكو تجلس مقابلة له تحتسي مشروبًا ساخنًا يعين على الاسترخاء.. قالت وهي تنظر لفنجان الشاي :
- يبدو أنك مشغول
اندهش يوساكو وقال :
- كيف عرفتي
لتبتسم تلك البسمة التي تنم عن" أعرف كل شيء" و عقدت ساعديها أمام صدرها بثقة و رجعت بظهرها للخلف مع وضع الساق فوق الساق وقالت:
- من فنجان الشاي
أمسك يوساكو الفنجان من أذنه بثلاث صوابع و رفع أمام بصره ينظر له.. وقال:
- لكني معتاد على شرب الشاي
لتفك يوكيكو ذراعيها و مالت بجذعها للأمام واخذت تحرك سبابتها في إشارة "لا".. قالت:
- لا لا لا الشاي الذي تشربه عادتًا أما أن يكون َمضاف له حليب أو شاي أخضر، لكن ذلك النوع من الشاي فهو يعمل على تنبيهك و استيقاظك.. وأيضًا أنت نمت قرابة ساعتان بالنهار
- هذا صحيح زوجتي العزيزة، الحقيقة أعمل على رواية ستتحول لسيناريو ومن ثم عمل سينمائي... لكن لماذا تتهربين
عقدت يوكيكو ما بين حاجبيها بدهشة:
- من ماذا؟!
يبدو أن يوكيكو سهت عن سؤال زوجها لكنها سرعان ما تذكرته لتقول :
- أليس ذلك رائعًا ان يقربوا من بعض
ارتشف يوساكو رشفة من الشاي ونظر نحو الظلام الذي يقف خلف تلك النافذة، ذلك الظلام الذي لا يقدر على أن يخترق النور الذي بداخل المنزل... قال بتفكر:
- قد يكون رائع بالنسبة لران و سينشي ولكن تلك الفتاة
قاطعته يوكيكو قائلًا:
- لا تقلق فسوبارو رجل ذكي.
يتمنى ذلك فهو لا يدري كيف ستكون ردة فعلها أن أكتشفت حقيقة سوبارو لها، و علمت أنه الرجل الذي لم يستطع حماية أختها الكبرى، بالتأكيد ستغضب لكن الخوف كل الخوف أن يتعدى الأمر مرحلة الغضب.
- لا تشغل بالك فتلك الفتاة مغرمة به
قالتها يوكيكو بعد ما أنهت أخر رشفة من فنجانها.. ليسألها:
-كيف عرفتي؟!
- لقد عرفت هذا واضح عليها، تلك الفتاة تحبه و إن ظهر العكس.
__________________________________
لم تصدق شيهو أنها ترقص برفقة هيغو، فقد كانت سترقص مع سوبارو مذ برهة مضت، لكن أتى هيغو بابتسامته الذي سحرها و قال وهو يمد لها يدها:
- هل تسمحين لي برقصة
لتنظر له كأنها تنظر لنجمة عالية في السماء تلك النجمة نزلت خصيصًا لها، كأنه حلم محال ورغم ذلك تحقق. ظل مادد يده أمامه لتضع يدها وهي تشعر بأن خلايا جسدها يرقص طربًا لدرجة أنها تحلق فوق السحب، أخذها لساحة الرقص تحت عيون سوبارو التي تشتعل من الغيرة، عليه أن يهدأ، تلك الفتاة ستصيبه بالجنون حتمًا، أوقف الساقي وأخذ كأسًا، وهو يرى هيغو يطوق خاصرها بذراعه، كف يده موضوعة في نهاية ظهرها، يرقصان بإنسجام، كل حركة رقص تقوم به معه يتبعها كأس يفرغه في جوفه، رقصهما بعد و تقارب، تضحك حين يهمس لها، وهو دمه يفور من شدة الغيظ، النيران سُعرت، تأكل كل شيء حتى قلبه يتآكل، ظل يشرب كأسًا وراء كأس، انتبهت ران التي ترقص برفقة سينشي على حال سوبارو وقالت :
- سينشي أنظر
نظر سينشي حيث أشارت ران، ليتسع عينيه بذهول من هول المنظر فسوبارو محتقن من شدة الحنق والإهتياج.. فأخذ يرسم خطًا من عينه ليرى إلى ما ينتهي ليتفاجئ بتلك الفتاة التي ترقص بإنسجام و إنسايبيه دون أن تعي ما حولها.. همس سينشي في اذن ران وهو يراقب الوضع بحذر:
- ران أذهبي و أسحبي ساكورا حالًا
- ماذا
- نفذي ما قولته لك
أسلم حل أن تخرج ساكورا و تختفي من أمام بصر ذلك الرجل الذي عبارة عن قنبلة موقته ستنفجر في أية لحظة.. اقتربت ران من ساكورا و طرقت على كتفها وقالت:
- ساكورا تشان
التفتت ساكورا لها، فأشارت ران برأسها نحو سوبارو، مما أصاب ساكورا قشعريرة حينما رأته في تلك الهيئة، لوهلة شعرت بالبرد و ارتجفت ومن ثم ازدردت ريقها وقالت:
- ماذا أفعل
- دعينا نخرج حالًا
قبل ان تتحرك خطوة واحدة، إذ بيد تمسك ذراعها من الأعلى بقوة لدرجة أن أصابعه ستترك علامات و خطوط حمراء بعدها تتحول لخضراء مزرقة، يقبض عليها بقوة ويجرها جرًا أمام الحاضرين، كلما حاولت أن تنفلت منه زادت قبضته واشتدت عليها لدرجة أن عظام ذراعها ستتحطم من شدة قوتها.. كادت ران تذهب خلفهما لكن سينشي منعها حين امسك برسغها، لتلتفت له و سؤال يجوب عينيها البنفسجية ليهز سينشي رأسه بألا تذهب.. مازال سوبارو يجر ساكورا كأنها بهيمة.. أخذت ساكورا تشد نفسها وهي تصرخ:
- لا تسحبني كأني حيوان لك
لكن مهما صرخت فلا حياة لمن تنادي الغضب تملكه وسيطر عليه، و النيران تتأجج بداخله.. صرخت ساكورا :
- توقف قدمي كاد يلتوي
توقف فجأة و صوت بصره نحو حذائها الذي كان بكعب فجثى وامسك بالحذاء وقال بصوت صارم و أمر:
- هيا أخلعيه
صدمها فعله معها، لا تفهم لماذا يفعل معها ذلك، ظلت تنظر له من أعلى و عينيها مغرقرتان بالدموع مسحتهما بكفها، وسؤال يجول بخلدها "من ذلك الرجل"
لم يتحمل الانتظار منها لم يعد يتحمل أي شيء منها، كل ما يفكر فيه الانتقام منها وتلاعبها بمشاعره، أمسك برسغ ساقها رفعه عنوة حتى كادت تسقط لولا إنها مالت للإمام وقبضت كتفيه بقوة، لوهلة أحس أنها تستنجد به من نفسه، ليفلت يده من حول ساقها، ويجدها تخلع حذائها بنفسها، فقط يسمع صوت انفسها يثق تمام الثقة أن رفع وجهه سينال سيسقط عليه دموعها..قالت بصوت مرتجف وهي تبعد يديها عن كتفه:
- لقد نزعت الحذاء، لكن أرجوك لا تعاملني كبهيمة
أدارت ظهرها ثم استدارت حوله و ذهبت نحو السيارة لكنه أوقفها قائلًا:
- توقفي
كانت قد فتحت الباب و ستدلف لكنها توقفت دون أن تنظر له ليتقدم هو و تتراجع هي للخلف فيفتح لها الباب و أشار أن تدخل.


أغريب حين نهوى نهوي؟!
يهوى القلب حين يلتقي بعاشقه فيهوى ساقطًا في حبه ويتعجب المرء من حال قلبه وما آل إليه، و يتسأل كيف لرجل مثله أن يسقط صرعى في غياهب الحب وهل له بدلو ينزل ليتعلق به أم سيظل ضائع هناك وعالق بين جدران ذلك البئر، فقط حين تلوح اسمها بدون داعي وإن كان المجلس لم يستدعي ذكرها، خفق القلب الولهان وحتى العقل يسكر بأحرف أسمها.. يبتسم تعجبًا من أمره وكيف لا يتعجب من ذاك الحال المريب؟ فإن جاء أحدٌا في الماضي و سأله " هل من الممكن أن تقع في حب تلك الفتاة؟!" فستجد عينيه يقدحان شررًا و لقال لك "مستحيل"، كيف يقع بحب فتاة بينه وبين أخيها عداوة وإن كان سوء فهم وحتى أن حلت سوء الفهم، فتلك الفتاة كان يرها أبعد من كونها فتاة بل هي لصبية أقرب علاقته بها تتلخص في معارك صغيرة، لكنه لا يدري كيف بات قلبه يهواها وإلى أي درجة سيصل به من عشقه لها، يخشى ان تسيطر على حواسه ويخاف أن يغوص أكثر في بحرها فيكون هو نقطة سوداء يحول ماء البحر للون الأسود، لكن البحر لن ولم يصبه دنس وهو ليس بدنس،
ظل آمورو شاردًا بسيرا و يفكر بها و بحال فواءده معه وهو يقود سيارته البيضاء
- باربون باربون
استفاق آمورو على صوت بلموت التي كانت تناديه منذ زمن، نظر إليها بعد أن نفخ لعله يطرد ذلك التوتر لحظي
- اه
- ما بك شارد
- أسف هناك أمور تشغلني
ضيقت عينيها وقالت:
- ما هي
استكفى بابتسامة و قال مغيرًا الموضوع :
- ماذا كنت تقولين
اسندت مرفقها على حافة نافذة السيارة و رجعت ظهرها حيث جلست بإريحية وقالت :
- كنت اسألك لماذا تريد ملفات إيلينا ميانو
ليبتسم ابتسامته المعتادة حين يفوح بكلام غامض :
- الحقيقة يهمني أمرها لأمر خاص
باربون سار غامضًا بالنسبة لبلموت:
- لقد صرت غامضًا باربون
ليضحك على قولها ويقول:
- ليس اكثر غموضًا منك فيرموث
- لا يهمني أمرك ولكن يستحيل اعطيك معلومات عنها في الوقت الحالي
- لماذا؟! غريب أمرك
عقدت ما بين حاجبيها مستفهة، ليتابع هو حديثه:
- تطلبين مني حماية تلك الفتاة التي هي شيهو و نفس الوقت تحجبين عني معلومات عن إيلينا
- أسمع باربون قوانين المنظمة هي قوانين المنظمة
أدرك باربون أن ما يخص إيلينا و أسرتها تم محيه عن بكرة أبيها ولا أمل له في استرجاعها...فقط ما عليه سوى جوب تلك الشوارع تحت دجى الليل الدامس.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن