أعاد هيجي كازوها لمنزلها، سالمة،غانمة كما عهد لأبيها، ليستقبلها أبيها الذي ظل وقفًا مذ مدة أمام الباب.
لا يروق له ما تفعله أبنته، لكن ما باليد حيلة، فهو يعلم ابنته وعنادها، أصدرت الرياح صفرها وسط سكون الليل الهادئ، وأخذت تحرك أوراق الشجر بشكل طفيف على هيئة دومات، نظر توياما لساعته، ليجدها تجاوزت منتصف الليل..ارتسم خطوط بعرض جبينه وهو يرى ابنته تقترب، إلى أن وصلت إليه. أنحنت قليلة وقالت بصوت منخفض:
- لقد عد
قال وهو يطالع هيجي الذي حمل نفسه ورحل:
- أهلا بعودتك
ثم دلف لتدلف بعده..مذ علم ما فعلته ابنته مع هيجي، لم يحدثها إلا قليلًا، كان يود أن يخبر هيجي بالحقيقة لكنها منعتها، تحت بند "أن الحقائق إذ لم تفيد فلا ينبغي قولها حتى لا نتسبب في ألم من أمامنا"...وقفت كازوها خلف أبيها الذي كان ينظر نحو السماء الدامسه كأنه يبث فيها آلامه، تحك قدمها اليمنى باليسرى..قال لها:
- أذهبي لنوم
لكنها لم تذهب فقط ركضت لتعانقه من الخلف..وقالت بصوت مبحوح:
- أبي
خرج أخر حرف مسحوبًا بالبكاء..ألتفت توياما نحو ابنته التي دفنت وجهه في حضنه..كانت تترتجف كعصور صغير، ظلت تبكي حالها..ضمها والدها له..قالت وسط شهقاتها ونحيبها:
- هيجي سوف يتزوج الاسبوع القادم
- لكنك ستسافرين
قالها بصوت مختنق، ودموع تتساقط رغماً عنه...ود أن ابنته لا ترحل وتتركه..كما فعلت زوجته وأمها..كره جدها العجوز الذي سلب منه حبيبته وها هو يسلب منها ابنته.. اردفت كازوها وهي تأخذ أنفاسها بصعوبة ودموعها تنساب لفمها حتى أنفها يقطر:
- لكن أنا لا أريد..لم أختر ذلك الطريق أرجوك
ليهز والدها رأسه بعجز، ليس بيده شئ، فأن لم يوافق سيتم أخذها عنوة..أمسك ابنته كتفيها وأبعدها..أمسح دموعها بكفيه..وقال لها مشجعا يسترضيها رغم الألم الذي يمور في صدره ويمزقه:
- هيا اذهبي لنوم
أدارها ثم دفعها نحو غرفتها، وساعدها كي تفرد جسدها على السرير، ثم طبع قبلة حانية على جبينها..أغلق نور غرفتها بعد ما فتحها في أول مرة..أمسك بمقبض الباب..وقبل أن يخرج قالت له بصوت مكتوم بالغضاء:
- أنا لا أقابل هيجي حتى لا أكسره كما تظن أو أكسر نفسي..بل أريد أكون معه لأخر لحظة
صمتت برهة بينما هو مازال يستمع لها بوجه يكسوه الحزن..أكملت
- لأن أعلم أني لن أراه..مثلما لن أراك مرة أخرى
- لا تقولي مثل هذا الكلام بالتأكيد سنتقابل
- هل أمي قابلتك مرة أخرى..لا أذكر أني رأيتها
كانت جملتها صفعة مؤلمة على وجهه..لم يرى زوجته لتقول كازوها بقلب مكسور و روح تئن:
- لا أذكر أن أمي أتت ألي مرة واحدة، حتى أشك انها نسيتني
ابتسم رغم ذاك الأسى والغم الذي عبق الجو وقال:
- الأمهات لا يمكن أن ينسين ابنائهن لكن ربما حكم عليها الظروف بذلك..هيا نامي
- تصبح على خير أبي
- أنت من أهله
طوي صفحة الليل وقد سطر فيها أحزان العاشقين ومخاوفهم، وما يحملوه بين أضلعهم، وحل صفحة النهار بيضاء، ليسطر فيه حكايات جديده او يكمل فيه ما كتب على سطور الليل..و في شقة قريبة من شارع بيكا الثاني حيث تقطن هايبرا في منزل أغاسا...استيقظت سيرا بشعرها الأشعث، وثيابها الفوضوية، فقد نامت بعمق لأول مرة، بفضل روؤيتها لأمورو على الرغم أنهما لم يتحدثان ويبوحان بالحب وقصائده ، لكن ليلة أمس أجمل من أي ليلة حب، فقد شعرت بأنه دعم وسند، شاركها حزنها، استمع لها بل أنصت بأهتمام جلي، يكفي أنه قال لها"أنا هنا"..استيقظت لتجد أمها المتقلصة تحاول أن تشب كي تحصل على علب المربى، لعنة في سرها ذلك الغبي شوكيتشي الذي وضع الاشياء في أرفف عاليه..كانت اشعه الشمس تنشر بإستحياء داخل المطبخ، ليطفي احساسا بالدفء..قالت ميري من بين أسنانها:
- ذلك الغبي بلا عقل
سحبت سيرا كرسي وقالت لأمها:
- سوف أجلبهم لك
نظرت لها بشزر ثم نزل وأفسحت لها المجال..صعدت سيرا الكرسي، بالأمس ضوء الشمس وجهها..وبينما هي تجلب علبتي الزبدة والفول السوداني قالت والدتها بدون سابق إنذار:
- من ذاك الشاب الأشقر
ازدردت ريقها، طرقت بأصابعها على الرف بخفة حتى لا تسمع ميري، تحرك مقلتيها يمنة ويسرى، تحاول أن تبحث عن إجابة مناسبة ترضي بها امها وتكون مقنعة..طال صمتها وميري تنتظر الأجابة، لم يكن لديها وقت لتتحرى عنه وعن خلفيته، لكنها لم تنساه، فكانت تشعر بأن هناك علاقة بين ابنتها وبينه مذ أول مرة رأيته فيه..في منزل الدكتور أغاسا حين اختبأت سيرا منه بشكل كوميدي ، وفي عيد ميلادها لاحظت تلك النظرات.. تعرف أن ولديها يعرفان شئ ما بينهما، وترددها الشبه دائم على مقهاه.. تريد أن تعرف كل شئ، بالأخص ما يتعلق بصغيرتها، لن تسمح بأي خطا، لن تسمح للخطر بالاقتراب، فلو أنها علمت بحقيقته لأكرهت ابنتها على هجر البلاد وتقصيها بعيدًا، حياتها لا يوجد فيه مكان لذاك النوع من الحب.. لوهلة ودت أن تفعل ذلك مع ابنة أختها تقصيها، تخبئها، تبعدها عن خطر أبنها .. قالت ماسومي بعد تفكير طويل كذبا:
- أنه استاذ لي
غضنت حاجبيها وقالت:
- لكن أنا أعرف كل أستاذيتك
حملت علبة الفول ومالت بجذعها لتضعها على رخام المطبخ وهي تقول مكملة كذبها:
- الحقيقة هو جديد أتي مذ شهر
- وأين كان يعمل
جلبت العلبة الآخرى، لعقت شفتيها وعضت على شفتها السفلية، نزلت على السلم:
- اعتقد أنه قال السويد
ثم قالت لتغيير مجري الحديث
- أخبريني ماما لما انتقلنا لتلك الشقة
توجهت ميري نحو الشرفة التي تقع أمام المطبخ مباشرة فالشقة صغيرة، تكاد تكفي شخصًا واحدا، على رصيف وشارع كان منزل أغاسا، حيث يمكن روؤيته..قالت سيرا وهي تنظر نحوه كأنها قرأت ما يدور في خلد امها:
- هل تنوين أخبارها
- بل سجعلها تكتشف ذلك
لقد انتقلت ميري لتلك الشقة، ليس هربا مثل كل مره، بل لتكن قريبة من أخر قطعة لأختها راحلة، وتنفيذا لوصايتها، لطالما، أرادت ضم الفتاتين لكنفها، وتراعهما مع أطفالها، لكنها بلموت، الحية في هيئة بشر، كذبت عليها...قطعتها سيرا ومازال معلقة هناك:
- لكنها يمكن أن تهرب منا
- أعلم ومع ذلك يجب أن تعرف.
أنت تقرأ
آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا)
Художественная прозаتدور احداث القصة حول هيبارة التي تعاني من اضطراب نفسي وصراع نفسي حيث انها تعاني من انفصام شخصيا وتحمل شخصيتين شخصية شيهو الفتاة التي تولت المنظمة رعيتها وتعلميها والتي تخاف منهم والتي تفكر َتحسب خطواتها وتعمل على صنع العقار وشخصية ريكا التي لا تظهر...
