الفصل الخامس و الخمسون

409 12 21
                                    

ذلك القلق البغيض ينهش جدران قلبه، لم ينفك عن التذرع ذاهابًا و إيابًا أمام غرفة العمليات، وبين الفينة و الأخرى يزيح شعره بعنف للوراء فتعود شعره حيث كانت تترامى على جبينه، حينما أتعبه الحركة جلس على أحد الآرائك المتواجدة في طول الممر، جلس ومال بجذعه، عقد وشابك يديه ببعضهما، ونكث رأسه بينهما، قدمه اليسرى تعتز كالرعاش، و عدستي عيناه تتحركان بسرعه في مقلتيه، ومن حين لأخر يرفع رأسه المنكث بين ذراعيه وينظر لتلك اللمبة الحمراء وحين لمحها تنطفئ، وباب غرفة العمليات يُفتح ويخرج منها الجراح المسئول هب واقفًا كالملهوف..ليسأله بلهفة وسرعة وانفاس متهدجة:
- أخبرني كيف حالها؟!
أخذ الجراح ينظر له بصمت، ينظر لعينية الزرقاء اللتان بدوتا كبحر مضطرب، وكل لحظة صمت يمر عليه ولم تتحرك فيهما شفتي ذلك الجراح كأنها سنون من القلق و الخوف ينهشان ثنايا روحه، شفتاه ترتجفان وعيناه تحملقان في وجه الجراح، يريد أن يستنبط أي أجابه. وضع الطبيب كفه الحاني على كتفه و بابتسامة رائقة قال :
- أنها بخير يا بني
أطمئن روحه وسكنت، أحس أن كلمات الطبيب كماء مثلج نزلت على نيران أشعلت بداخله فاطفأتها.

حينما وصلها خبر احتجاز صديقتها ماسومي في المشفى وإجراء لها عملية، ارتديت ثيابها على عجل مخلفة خلفها بعض الفوضى البسيطة، خرجت من غرفتها بسرعة واغلقته على عجل مما أصدر صوتًا أفزع أبها المستلقي على الكرسي واضعًا قدميه على سطح المكتب.. لينهض فزعًا وقال:
- ما بك تبدين كالعصار؟!
لتقول بسرعة وهي ترتدي حذائها:
- سيرا في المشفى
- ماذا؟!
بينما هي تحاول ترتدي الحذاء كانت بيدها الأخرى تدق ارقامًا تحفظها عن ظهر القلب، هندم والدها من شكله.. وقال في صرامة:
- سوف أتي معك
توقفت ران لبرهة تنظر لوالدها الذي استعد في أقل زمن ممكن، و بينما هي في هذه الحالة أتاها صوته، صوته التي تعرفه
- ألو ران هل هناك خطب ما
ليقول لها أبيها الذي تخطها:
- أسرعي ران سوف نتأخر
لقد تخلل صوت أبيها و وصل لطرف الأخر من الهاتف..فقال في قلق طفيف:
- ران هل حدث مكروه لأحد؟ هل من خطب؟!
انتبهت أن سينشي يحدثها في الهاتف، قفالت له بنبرة متوترة:
- السيد آمورو هاتفني واخبرني أن ماسومي بالمشفى
- ماذا؟! متى حدث ذلك؟!
- اليوم مذ ثلاث ساعات.. ارجوك سينشي أسرع..سأذهب مع والدي لهناك، مشفى بيكا
اغلق سينشي الهاتف بينما الجميع صوب أنظاره له باهتمام، فملامحه تبدو عليها الجدية و القلق لا يدري سينشي ماذا يقول بحضور سوبارو، هل يخبرهم أن ماسومي قد وقع لها حادث وبالمشفى ام ماذا، يخشى من ان سوبارو يبدي أي ردة فعل لو بسيطة فتلاحظها تلك المتقلصة فيجدد لديها روح البحث خلفه
- ماذا هناك أيها المحقق
نظر سينشي لحيث الصوت، كان صوته، طبق الأصل من صوته، ليتفاجئ ويذهل أنه يقف أمام نسخته ورغم أن سينشي لديه علم بقدرة كايتو الخارقة في التنكر، إلا أنه لا يستطيع نكران دهشته، ولا عجب في أن ران كانت تخطأ بينه بين كايتو حين يتنكر بهيته هو نفسه أرتاب و شك أنه هو المزيف وليس ذلك الفتى الذي يقف أمامه واضعًا يد بجيبه
- ران اخبرتني أن أذهب للمشفى
- ماذا؟! هل أصابها مكروه؟!
قالتها هايبرا بتوجس و هي تنظر لسينشي.. ليقول :
- لا، بل سيرا
في ذلك الوقت كان سوبارو يرص فناجين الشاي على الصينية وهو مولي لهم ظهره، أمسك بالفنجان من فوهته وتوقف، ليستدار لهم بعدما ضبط نفسه وقال بهدوء تام:
- ماذا؟ تقصد تلك الفتاة الصبيانية
هز سينشي الذي ينظر نظرة خاصة بطرف عينه لسوبارو
- اه هي، لكن السيد آمورو معها
اخفض سوبارو بصره وقال بنبرة غامضة:
- هكذا إذن
حمل الصينية و خرج، بينما هم سينشي الحقيقي في ارتداء جاكته لتوقفه هايبرا :
- لا تحلم بهذا
لينظر لها بوجة عليه علامة استفهام لتقول هي بصوت آمر:
- سيذهب هذا الفتى المتعجرف نيابة عنك
دهش سينشي وقال معترضًا:
- مستحيل
لكن هايبرا لم تهتم لرأيها فقد جذبت سينشي المزيف و خرجت به تحت أنظار شارلوك هولمز الذي وقف عاجزًا، كان سوبارو في أنذاك يقف متواريًا في أحد المنحنيات، يقف ساندًا ظهره على الحائط ممسكًا بالصينية، مغمض العينين، يبتسم للقدر الذي يبدو يسخر منه، لقد أراد أن يبعد نفسه عن اخته الصغرى كي لا يصيبها مكروه ويحميها ببعده، لكن حين سمع اسم آمورو عرف ان الخطر سينال أخته لا محالة، هو لديه إحساس بأن هناك امر ما بين أخته و ذلك الأشقر، لكن لا يدري ماهيتها.. يخشى أن تكون اخته سقطت في الحب، يرجو يكون أي شيء عدا ان تحب ذاك الشاب، ليس لعيب فيه، فهو يرى فيه سمات الرجولة و إن كان الظرف غير الظرف و إن كان شخصًا أخر باربون لأسعده أن اخته تقع في حبه بل كان سيدعمها، لكنه باربون عضو في المنظمة حتى و إن كان جاسوسًا، هو نفسه فضل أن يكون بعيدًا عنها و يوهمها بموته حتى لا تبحث عنه.. لقد شعر بقلبه ينفطر عليها فهي ليس مجرد اخت بل يعدها ابنته.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن