٨٩

825 41 3
                                    

-شيل الشنطة وتعالى ورايا.
ابتسم وشاورلي بإيده:- تعالي كده بس..تعالي.
حسبت المسافة ما بيننا وسألته بحذر:- ليه؟
- قولتلك لما نطلب طلب من غيرنا نطلبه ازاي؟
- والله أنا مش مجبرة أسمع كلام حد، فاعتبر إنك مقولتش حاجة، وبعدين مكنتش مركزة معاك.
- حلو، انتِ كده حليتِ المشكلة
ضيقت عيني وسألته بعدم فهم:- بمعنى؟
- بمعنى إني مش مجبر أسمع كلامك، وشنطتك تشيليها بنفسك.
- علفكرة دي مش من الأصول اللي بتتكلم عنها طول الوقت وآكل دماغي بيها.
- لما تحبي تتعاملي بالأصول يبقى تعملي بيها الأول.

نزلت السلمتين اللي طلعتهم ورفعت الشنطة من عالأرض،
رفعت راسي بتحدي وابتسمت ببرود، طلعت أول سلمة وأنا بهمس بإنفعال:
- دي غلطتي إني سبت كل حاجة وجيت أعيش هنا، آخرتها أتجوز ده عشان الشغل! واضح كده من أول يوم إننا هنبقى لطاف مع بعض، أنا يعاملني المعاملة دي؟ هو ميعرفش أنا بنت مين ولا ايه!
- لأ عارف.
سيبت الشنطة على السلم ولفيتله بسرعة:
- ايه؟
- ميار أنا وداني سليمة وبسمع بيها كويس وطي صوتك لما تتخانقي مع حد في عقلك.
- انتَ ازاي تتجسس على أفكاري بالشكل ده، ازاي تجرؤ؟

رفع حواجبه وضحك، مردش عليا وكمل خطواته للصالة سمعته وهو بيقول:
- هبلة دي ولا ايه؟

طلعت الشنطة في الأوضة، أوضة متوسطة ببلكونة وسرير واسع، الله! السرير ده كله ليا لوحدي؟
سيبت الشنطة على الأرض واتقدمت من البلكونة، زقيت أبوابها وابتسمت لنسمة الهوا اللي لمست وشّي، راقبت الأرض الخضرا الطويلة اللي بتطل عليها البلكونة، مش أرض واحدة، أراضي كتيرة خضرا حواليها بيوت وفي نهاية الخط موجودة شمس، نصها باين ونصها مدفون في الأرض، وقت الغروب هيفضل المنظر المفضل عندي.
سندت على سور البلكونة بإيدي واتنفست بعمق، ريحة الزرع وهو مبلول، الورد، الهوا الساقع وقت الغروب، الترابيزة الصغيرة في البلكونة والكرسيين حواليها، علبة الدومينو المقفولة على الترابيزة، صوت ضحك الأطفال وهما بيلعبوا في الزرع من بعيد، لو خيّروني، هختار أعيش في البلكونة دي بقية حياتي، بعيدًا عن حياتي التانية الفاضية، الأفعال المزيفة، والابتسامات المصطنعة، التفاخر بالهدوم الغالية، بالإكسسوارات، وبمين معاه فلوس أكتر.

- ميار.

انتفضت في مكاني وأفكاري اتبعترت فجأة، منك لله ياآخي وده وقته! غمضت عيني وحاولت أتنفس ببطئ،
فتحت عيني ولفيتله بسرعة عشان أتخانق..نزلت إيدي المرفوعة ببطئ، وقفلت بؤي تاني قبل ما أتكلم..ايه ده جايبلي أكل؟ والله ما شوفنا رجالة حلوة زي كده قبل كده.

رفعت حاجبي وقولت برفض مصطنع وأنا بدير وشي الناحية التانية:
- مش جعانة.
- أنا مسألتكيش.
- مش هاكل غصب عني أنا!
- وتاكلي ليه؟ أنا عامل الأكل ده ليا.

يومًا ما سنلتقىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن