-تعالى نخرج النهاردة
-مينفعش ياشهد
-هتفضلى حابسه نفسك لحد إمتى؟
-كده أفضل
قعدت قدامى -هى هتبقى بخير والله ، هناخد جهاز التنفس بتاعها و......
-شهد !
-طب هتروحوا للدكتور إمتى؟
-بكره
مسكت إيدى -أنا جنبك ، فأى وقت تحتاجينى فيه هتلاقينى هنا فأقل من دقيقه
إبتسمت -عارفة
أخدت الشنطة بتاعتها ومشت ، قعدت عالكنبة وغمضت عينى ، من ٣ سنين مكنتش بحب أنام عشان الواقع إتحول لأسعد أحلامى ، لما ربنا رزقنى أنا وسيف ب (شروق) ومعرفش ايه اللى حصل !
من ٥شهور بالظبط ،كل حاجة حلمت بيها إتبخرت ،٥شهور فى قلق وخوف وعياط، ومعرفش إن العالم ممكن يتقلب فى لحظه واحدة ، فاكرة اليوم ده :
إتصلت ب سيف عشان إتأخر فى الشغل
-امممم، كل مرة بتقولى نفس الكلام ده
-جاى فى الطريق، قربت أوصل
-ماشى، هعديها المرة دى
-شروق صاحية؟
بصيت عليها وهى بتلعب وإبتسمت -اه مستنياك ، وغضبانة عليك هى كمان
-قوليلها بابا هيجيب شوكلاتة للكتكوتة الصغيرة
-طب وبالنسبة للفرخة الكبيرة
ضحك -دى قبل الكل والله
-سيف........(سكت وقربت من شروق لما لقيت تصرفاتها غريبة
-يارا فى ايه؟
-اقفل دلوقتى وهتصل بيك بعدين
-ياا.....
قفلت وسندت التليفون عالكرسى ، وقعدت قدامها
-شروق
وشها كان شاحب ، عيطت جامد ، وبدأ يجيلها صعوبة فى التنفس
صرخت وشيلتها بسرعة ، ضربت على ضهرها بالراحة يمكن تكون بلعت حاجة
مكنتش بردد غير - متخافيش ماما هنا ، متخافيش ماما هنا
جسمها إترخى وبقى متلج ، وبطلت عياط .
لبست بسرعة وركبت تاكسى عالمستشفى ، وإتصلت بسيف وأنا فى الطريق ، مقولتش غير اسم المستشفى وقفلت.
كل ما الوقت بيعدى كل ما جسمها بيتلج أكتر ، معرفش ايه أصعب من إنى أشوف جزء من روحى بيموت قدام عينى ، كنت حاسه إن العالم واقف ومش سامعه غير صوت ضربات قلبى
وصلت لباب المستشفى ، دخلت جوه خطوتين وقعدت عالأرض ، حاسه إنى إتشليت ومش عارفة أتحرك ، مش شايفه حاجة قدامى غير حاجات سودا ، جسمى كلو كان بيتنفض وآخر حاجة سمعتها ، واحدة بتزعق بصوت عالى
-تعالوا هنا بسرعة
بعدها محستش بأى حاجة
لما صحيت، سيف كان قاعد جنبى وحاط راسه بين إيديه
قومت بسرعة من عالسرير
-شروق
مسك إيدى -إهدى
عينى دمعت وبصيتله -شروق يا سيف
-هى بخير والله ، بس الدكتور محتاج نعمل أشعة ليها عشان مش متأكد عندها ايه
-هى فين دلوقتى؟
-فأوضة تانية
-شوية وهنروحلها
-هنروحلها دلوقتى
-انتى تعبانة ، أنا إتطمنت عليها
عملنا بعدها أشعة كتير ليها ، وروحنا لدكاترة ومستشفيات كتير، آخر دكتور روحناله قال إن عندها (كانسر فى الرئة)
مكنتش مصدقة فالأول
روحنا بعدها لدكاترة كتير ، وكلهم أكدوا نفس الكلام
الكانسر إنتشر بشكل كبير فى الرئة اليُمنى ، ولإن جسمها أضعف من إنه يقاومه وصل للرئة اليُسرى ،بس فجزء صغير منها
فتحت عينى وقومت من عالكنبة ، مكنتش عايزة أفتكر أكتر من كده ، كفاية تفكير فى الماضى
سمعت باب الشقة إتقفل ، أكيد سيف جه
وقفت قدامه -حمدلله عالسلامة
-الله يسلمك ، شروق صاحية؟
-لأ
دخل الأوضة جوه فدخلت وراه
-انتى كويسة؟
إبتسمت -بردو لأ
مسك إيدى وقعدنا عالسرير -انتى عارفة إن حزنك ده مش هيفيدك
زعقت ووقفت -والمفروض إنى أفرح؟
رد بهدوء -أيوة
- أفرح وبنتنا .......
-إفرحى عشان هى موجودة معانا ولسه بتتنفس ، إفرحى عشان هى بتقوم كل يوم الصبح وتضحكلنا
قعدت عالسرير تانى -إشمعنا هى ؟ ليه بنتنا إحنا؟
إبتسم -ده إبتلاء ، وربنا لما بيحب عبد بيبتليه عشان يشوف قدرة صبره اد ايه!
-أنا مش قصدى أعترض بس....
-عارف إن من حقك تزعلى ومن حقك تعيطى ، وحاسس بيكى ، دى بنتى أنا كمان
-هى صغيرة لسه قدامها الحياة ، مفروض تكبر وتدخل المدرسة وتتخرج وتحب وتتجوز ، ليه نخاطر بكل حاجة حلوة هى ممكن تعيشها؟
-واللى أطفالهم بيموتوا فى الحرب ! واللى بيموتوا من قبل ما يتولدوا ! هم دول مش بشر بردو؟
-إنت ليه محسسنى إنك مش زعلان؟
-لو تعرفى اللى جوايا مش هتقدرى تنطقى حرف واحد ، بس إحنا ربنا رزقنا ببنت زى القمر وعطانا وقت نعيشه معاها ، حتى لو يوم ! أهو أفضل من اللى مش بيشوفوا ولادهم خالص ، وبعدين هى هتكبر بإذن الله ، ثقِ فى ربنا دايما، إن أى حاجة تحصل فهى خير لينا وليها ، ولا إحنا نفرح بالخير بس ولما تصيبنا حاجة صغيرة نعترض عليها ؟
قال تعالى " وإذا أذقنا الناس رحمًة فرحوا بها وإن تُصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذ هم يقنطون"
حطيت وشى بين إيديا وعيطت -أنا يأست
-"لا تقنطوا من رحمة الله "
-مش عارفة أعمل ايه يا سيف
مسك إيدى وإبتسم -قومى نتوضى ونصلى
كل اللى بنحتاجه وقت اليأس والخوف ، شخص نعيطله فيطمنّا ولو بكلمة !، ربنا لما بياخد حاجة بيعوضنا بعدها بأضعافها رزق.
تانى يوم روحنا للدكتور
أخد الأشعة ودخل جوه شوية ،١٠دقايق وطلع
قعد عالكرسى قدامى أنا وسيف وإتنهد
-الكانسر إنتشر فى الرئتين وجزء من الكبد
شهقت -ايييه؟
-نعم؟
الدكتور قلع النضارة وسندها عالمكتب -مناعتها ضعيفة
إتكلمت بسرعة -فى أمل صح؟
بص فى الأرض ومردش ،بعدين طلع وقفل الباب
بصيت لسيف -هو مردش ليه؟
كان باين عليه الخوف والتوتر ، مكنش عارف ينطق أو يتكلم
-سيف رد عليا، إنت وعدتنى إنها هتكون بخير وهتكبر
قرب منى وحضنى -إن شاء الله هتكون بخير
لأول مرة سيف كان يكدب عليا ، ولأول مرة ينطق بكلام وعينيه بتقول كلام تانى ، إتمسكت بالكلمة عشان أنا محتاجة أتمسك بالأمل ، عارفة إنه بدأ يقل أو يكاد يكون منعدم ،بس عقلى كان رافض يستوعب إنى فى أى وقت ممكن أخسرها
-مش هتفضلى حابسه نفسك فى الأوضة كتير ، عدى شهر وانتى رافضة إنك تخرجى من البيت
-أنا هضيع لو راحت منى
-لسه فى أمل
-أنا خايفة
قعد جنبى -ومين قالك إنى مش خايف ؟ فى أيام مبعرفش أنام فيها من خوفى إن ممكن تحصل حاجة وقت ما أنام
-أنا محتاجاك
-طب ما أنا محتاجلك ، وشروق محتاجالك ، انتى أقوى بكتير مما تتخيلى
-الموضوع أكبر من طاقتى وأكبر من قدرة تفكيرى ، العالم قابض بإيده على قلبى ورافض إنى أتنفس ،أنا أضعف بكتير مما تتخيل إنت
-أنا جنبك ، انتى مش لوحدك
-خايفة ييجى اليوم اللى أنادى عليها فيه ومتردش، أو أصحى الصبح وملاقيهاش
-مش هيحصل بإذن الله ، هتكبر قدام عنينا
-ياسيف.....
-إدخلى إرتاحى شوية ، أنا هقعد جنبها النهاردة
-لا أنا كويسة
-إدخلى نامى
كنت محتاجة أنام فعلا ، مكنتش هعرف أكمل أكتر من كده غير لما أرتاح
صحيت الصبح ووقفت قدام الأوضة ،سيف كان بيتكلم مع شروق وهى نايمة ، مرضتش أعمل صوت ووقفت أسمعه
مسك إيدها وإبتسم -انتى أول فرحة لينا ، الدنيا ضحكتلى لتانى مرة فحياتى لما جيتى (سكت شوية وكمل )-أنا خايف مش هقول لأ ، أنا عطيت لماما الأمل عشان أنا أكتر حد محتاجة ،عارف إنك صغيرة ،بس اللى متأكد منه إنك أقوى حد فينا ، قاوميه عشانى وعشان ماما ، فاكرة لما كنتى بتيجى تستنينى عند باب الشقة لما آجى من الشغل عشان ألعب معاكى ولما يارا بتتخانق معانا عشان بتاخد العروسة الصغيرة كل مرة وإحنا بناخد العروسة الكبيرة (ضحك)- متعرفيش أنا مفتقد الوقت ده أد ايه !
رجعت الأوضة تانى وناديت عليه،كإنى مسمعتش حاجة
-سيف
-جاى
وقف قدامى- نعم؟عايزة ايه؟
-تيجى نخرج النهاردة؟
-نخرج !
-أنا وإنت وشروق
-بتتكلمى جد؟
إبتسمت -اه والله
إبتسم -هاخد شاور ونمشى
-ماشى هروح أشوف شروق
كانت أول مرة نخرج فيها بعد ما عرفنا مرض شروق ، مكنتش عايزة أضيع وقت ممكن نقضيه مع بعض، المرة دى شروق تعبت جامد ،أكتر مرة تعبت فيها هى المرة دى.
آخر أمل كنت متمسكه بيه ضاع لما الدكتور قال إن الكانسر إنتشر فى باقى الجسم ووصل للمخ، حزن العالم كله إتجمع عشان يسكن فى قلبى ،الدكتور قال إن متبقلهاش كتير عشان تعيشه !
يومين قاعدة جنبها فى المستشفى من غير ما أنام،خايفة أنام وأصحى ملقهاش ،عارفة إنها بتتوجع دلوقتى ،وعارفة إنها بتعانى
مسكت إيدها -عيد ميلادك بكرة يا شروق ، الليل طويل أوى من غيرك،أنا حاسه بيكى
فتحت عينيها ببطئ، وإتكلمت بصوت ضعيف -م..ما...ماما
عيطت -متخافيش ماما هنا
سيف فتح باب الأوضة ودخل
إبتسم -الست شروق صاحية !ده يا ألف نهار أبيض
حركت إيدها ومسكت فى صباعى جامد
-سيف نادى على الدكتور بسرعة
-فى ايه؟
زعقت -ناديه بسرعة
إيدها كانت ساقعة بطريقة غريبة ،بصيتلى وإبتسمت ونزلت دمعة من عينيها
-متخافيش هتكونى ب......
إيدها إترخت عن صباعى وغمضت عينيها
-شروق
الدكتور دخل بسرعة ،قرب منها ومعرفش كان بيعمل ايه بسبب إنى رجعت لورا شوية
-هى مبتردش ليه يا دكتور؟
الدكتور بص لسيف ومتكلمش
جسمى إتنفض لما سيف قرب من الدكتور ومسكه من ياقة القميص، وشاور براسه على شروق
-خليها تقوم
الدكتور بص فالأرض وبعد إيد سيف عنه
-البقاء لله
وبعدها طلع
لأول مرة أشوف سيف بيعيط
قربت منه -هات شروق ويلا نروح
متحركش من مكانه فإتكلمت تانى -خلاص هجيبها أنا
قربت منها وشيلت الأجهزة اللى متوصلة بيها ،ومعرفتش أشيلها هى ،إيدى كانت بتترعش ومش حاسه بيها ، كل حاجة بقت سودا فجأة ومعرفش حصل ايه بعدها
صحيت بعدها ب٣ أيام،وعرفت إنهم دفنوها فى نفس اليوم اللى ماتت فيه ، عدى أسبوعين بعدها وأنا رافضة إنى أخرج من أوضتها ، مكنتش بعمل حاجة غير إنى بعيط ولما بتهد بنام
سيف فتح الأوضة ودخل قعد جنبى
-إدعيلها
-هتصدقنى لو قولتلك إنى لسه حاسه ب نَفَسْها قدامى؟ وإنى لسه مقتنعة إنها هتدخل من باب الأوضة وأديها هدية عيد ميلادها اللى مخبياها فوق الدولاب؟
عينيه دمعت وبص فالأرض ومتكلمش
عيطت -أنا حاسه بإيدها لحد دلوقتى ماسكة على صباعى ،حاسه ب تُقل راسها على كتفى لما بتنام،شامة ريحتها فكل مكان
حضنى -هى كمان وحشتنى
حطيت إيدى على قلبى -الوجع كبير على قلبى
-فاكرة لما قولتيلى أول ما إتجوزنا (نقدر على أى حاجة وإحنا مع بعض)؟
هزيت راسى ومتكلمتش
- وأنا معاكى هنا ومش هسيبك
عيطت أكتر -شروق وحشتنى أوى ياسيف
-تعالى نزورها
إتكلمت بسرعة -ماشى
أخدت الدبدوب بتاعها والهدية بتاعتها ، وروحنا مكان ما دفنوها
سيف وقف بعيد ، عشان أنا اللى طلبت منه ده
وقفت قدام القبر بتاعها
-مش هتكلم كتير عشان وعدت سيف ب ده ،وحشتينى،كبرتى قدامى ٣سنين وفجأة مشيتى، سيبتلى ريحتك وصوت رجليكى وانتى بتجرى فكل أوضة فى الشقة ،وذكريات بشكر ربنا عليها ،هفضل أكتر واحدة بتحبك فى العالم،مشيتى ليه؟
سندت الدبدوب والهدية على القبر
-متخافيش ،ماما هنا"رأيتك ضوء فى نهاية نفق مظلم"
أنت تقرأ
يومًا ما سنلتقى
Short Storyقصص قصيرة متنوعة بالعامية المصرية ،بها مزيج من الخيال والواقع والحزن والسعادة ، ربما ستتضارب مشاعرك و أنت تقرأ ، ولكن فى النهاية ستعرف السعادة طريقها لقلبك ..