يومًا ما سنلتقى

٩١

- بس أنا مش عيزاه يا بابا.
- هو شخص كويس، أنا عارفه.....
- بس أنا مش عرفاه، متجبرنيش على حد مش عيزاه، هو وجودي مضايقك؟

زوجة بابا اتقدمت مني وقعدت جنبي، مسكت إيدي وابتسمت ابتسامة باردة:
- يا حبيبتي مش بنجبرك على حد، بس انتِ شايفة إن البيت هنا عامل ازاي، ومحدش يعرفك في البلد، الناس تقول علينا ايه بس وكل إخواتك اللي هنا رجالة!
بصيت لبابا اللي باصص من الشباك ومش بيرد، بعدت إيد مراته عني وقعدت قصاده:
- بابا قول حاجة.

متقابلناش كتير أنا وبابا بحكم إنه طلق ماما زمان وأنا عندي شهرين بس، بحكم مكانة عيلته في البلد مسمحتش إن ماما تفضل مراته زمان، ماما قالتلي إن عيلتهم مبتاخدش حد من برا فاتجوز بنت عمه وساب ماما، كان بيوديلها فلوس كل شهر عشان تعليمي، كان بييجي يزورنا نهاية كل أسبوع، وأوقات مرة في الشهر، ماما اتوفت من شهرين وجيت أعيش معاه هنا بطلب منه، أنا حتى ملحقتش أحزن على ماما! في آخر أيامها قالتلي إنها خايفة تمشي من الدنيا دي وتسيبني لوحدي، قالتلي إن محدش بيحبني بجد غيرها، أنا حسيت بكلامها ده دلوقتي.

- مش هتقول حاجة يا بابا؟
- لو كان شخص ميستحقكيش مكنتش وافقت عليه ليكِ.
- ولو قولتلك لأ؟
ضغط على إيده واتكلم بصوت مخنوق:
- أنا مش باقي في الدنيا طول العُمر، هبقى متطمن عليكِ وانتِ مع سيف.
- هو ميعرفنيش حتى! هيتجوز واحدة ميعرفهاش ازاي؟
بص في عيني وبص لبعيد بسرعة باضطراب، مسكت إيده وطلع صوتي مخنوق:
- خليني جنبك، أنا بحبك ومش عايزة أمشي، هو وجودي تقيل عليك؟

زوجة بابا حطت إيدها على كتفي وكملت كلامها:
- سيف كان من القرية عندكم واتنقل للمدينة من كام سنة كده، هو يعرفك، وبعدين عايزة ايه أكتر من بيت وراجل يصرف عليكِ؟

معرفش ليه حسيت إني عايزة ماما في اللحظة دي، عيزاها تدافع عني وتقولهم إني أغلى ما تملك ومش هتسلمني غير للشخص اللي بحبه، تمسكني من إيدي ونمشي من هنا ونرجع لبيتنا الصغير تاني، نقعد أنا وهي في البلكونة وأشتكيلها من اللي حصلي، وتطمني بجملتها " أنا هنا معاكِ، لا عاش ولا كان اللي يزعل بنتي "، قبل ما آجي هنا كنت فاكرة إن بابا بيحبني، إنه هيفضل معايا لحد ما أتخطى الوقت ده، ماما تستحق إنه يتحزن عليها العُمر كله.

باب الأوضة خبّط ودخلت زوجة بابا بابتسامة:
- المأذون تحت...( ابتسامتها قلّت وبصت للفستان اللي لبساه وكملت كلامها):- بردو ملبستيش الفستان اللي أبوكِ جابهولك؟

بصيت للفستان اللي ماما عملتهولي من شهور، ورجعت بصيت لإنعكاس زوجة بابا في المرايا:
- أنا نازلة، اقفلي الباب وراكِ.
- بس الفستان التاني أحلى، العريس لازم يشوفك.....
- متدخليش في أيّ حاجة تخصني.
- زعلانة؟ فكرانا إننا مبنحبكيش أنا وأبوكِ؟ يعلم ربنا إنه لو مكنش شخص كويس مكنّاش سلمناكِ ليه!