يوميات فتاة تفكر

2.3K 179 70
                                    

ملت من كونها المشهد المكرر للنموذج الموحد للإنسان، و أن روتينها اليومي الشخصي و الممل هو الروتين المشترك للأعداد التي لا تحصى حولها من البشر، و أن محاولاتها الذكية لتغيير التفاصيل الصغيرة بحياتها و سعيها لتكون مختلفة عنهم هي تفس محاولاتهم و نفس سعيهم و نفس الخطوات. أعدت فنجان قهوة عذب الرائحة و ضغطت على زر تشغيل الموسيقى، بعض الموسيقى الكلاسيكية قد تخفف بعض الشيء حنقها على هذه التركيبة الغريبة للإنسان. كانت تظن أنها وحدها من تحن إلى العصور القديمة متمردة على كل تفاصيل هذا العصر، ثم انتبهت أن الأغلبية الساحقة مقتنعة بأنه عصر الرداءة و أنهم إنما ينتمون إلى الزمن الغابر. من ينتمي إلى هذا الزمن إذا؟ إذا حاولت أن تكون عصرية فالجميع سيفعل. فتحت النافذة و جلست إلى كرسي يقابلها واضعة ساقيها فوق الطاولة باسترخاء. حتى هذه ليست جلسة استثنائية، الكل مروا بلحظة مشابهة.
و هي تحملق في الغيوم البيضاء بلا سبب توصلت إلى فكرة ظنتها مجنونة، بالطبع فجميع من فكروا بالأمر صنفوه في قاموس الجنون، رأت أن الإنسان نموذج واحد متكاثر يسعى إلى التفوق على نفسه و الإستقلال عن الوحدة، ربما هي لم تخلق لتكون مختلفة بل لتكون نفسها لا أكثر بكل أبعادها المكررة، لو أن كل فرد اختلف كليا عن الآخر لكان ما حققه البشر منذ عصور أفكار و رؤوس أقلام تموت مع صاحبها لتحل محلها أفكار أخرى مغايرة و لا شيء منها قابل للتحقق.. هذا التشابه ما يجعل الحياة تتطور، حين تفكر جماعة بالأمر نفسه و تتكتل لتكون قوة تسير بالفكرة إلى الإستمرار و التشكل تدريجيا حتى تغدو واقعا. كل واحد منا مختلف لأنه ذات منفصلة مستقلة القرار و الرأي و له طابعه الخاص الذي يكمل الوجود، هذا لا يعني أن إختلافاته لا تتطابق ملامحها مع اختلافات الآخرين. إذا فكل ما عليها فعله أن تكون ذاتها و أن تنبع خصالها من نفسها لا غير،أن تقتنع بأنها هكذا بكل ما بها من الغباء و السذاجة و الدهاء تكون بأحسن صورة لها، هذه القناعة هي ما سيجعلها استثناء.
أنزلت ساقيها عن الطاولة و أغلقت النافذة، شربت قهوتها دفعة واحدة لأنها إذا جزأتها على مدى رشفات ستبرد.
شعرت بالصداع، هذا طبيعي لأنها كانت تفكر. التفكير يصيب الإنسان بالصداع في أغلب الأحيان. خرجت من الغرفة لتفعل الأشياء التي عادة ما يفعلها الجميع مع الإقتناع بأنها مختلفة، فقط لأن ما ترتكبه نابع منها.

#تخربيشة
#يوميات_بطالة

25/05/2015

فوضى الأبعادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن