إلى الرجل الأحمق من ليلة الخميس الماضي:
لا أعتقد أنك جلست في ذاك المقهى تحديدا مصادفة، لكن مروري من أمامه مصادفة عمياء. الأزرق يليق بك إلى حد ما، والسيجارة الرقيقة تضفي إليك شيئا من الرجولة مع أن ملامحك مازالت طفولية جدا، أنت تشرب "الإكسبراس" بطريقة مضحكة وتتحرك بكثرة ولا تبالي بقهقهاتك المرتفعة، رغما عني ابتسمت. إننا نرتدي الألوان ذاتها كلما تقابلنا، ألا يبدو هذا غريبا وجميلا؟
كان علي أن أتوقف برهة هناك ولم أتعمد أن تراني، مزاجي لم يكن مناسبا للقاءك أصلا، أعلم مسبقا أن خيالك محدود، لن تترك الطاولة والأصدقاء كما يحدث في الأفلام الأجنبية ثم تقطع الطريق وتأتي لتخبرني أن السماء جميلة اليوم وأنك وفي الخميس الماضي نسيت أن تسألني عن اسمي، لن يخطر لك أن تسألني عن الدراسة كتعلة للحديث ثانية، لن تعلم إطلاقا من خلال نظراتي التائهة أن هناك شيئا محطما في الأعماق وأنني كنت بحاجة إلى عناق يعيد أشلاء روحي إلى مكانها الصحيح. بقيت تحدق في وجهي كالأبله، وأنا أنظر لك ولا أظهر أي ملامح توحي بأني أراك أنت تحديدا. أخمدت السيجارة التي جعلتك مثيرا فجأة وارتبكت فما عدت إلى حمل كأس القهوة وصرت تبتسم بشكل مهذب. ترمي كلمات متقطعة ثم تعود إلى التحديق فيّ.
هناك أغنيات حزينة يرتفع صوتها في لحظات الصمت القاتل هذه، ألم تفكر بالأمر؟ هذه التفاصيل معقدة جدا وهي لا تخطر لك إطلاقا، أظنك بقيت تفكر في أن الأزرق يليق بي أيضا وفي النسبة المئوية لإمكانية أن أكون منتبهة لحركاتك، أو لربما أنت واثق من هذا الآن. كل هذا في الواقع غير مهم، تصبح جميلا حين تدخن وتضحك بصوت عال، تصبح جميلا حين تكون على طبيعتك بلا تحريف.
كان علي أن أغادر خلال وقت قصير جدا، ألم يكن الموقف حزينا بعض الشيء؟ لكنني الآن أعرف على الأقل أننا نسكن في المدينة ذاتها، وأن هذا سيستمر لسنة أخرى.
"نحن والمدينة ذاتها" فرضية تطلق احتمالا من بين آلاف الاحتمالات الأخرى كون قصة ما ستُكتب مع الوقت، وأنا في الواقع غير مهتمة إطلاقا بهذا، أحب قراءة القصص، وأحيانا أحب الخوض فيها بلا هدف، إنها المغامرة التي لا دافع منها أكثر من المغامرة نفسها، وهذا كل ما في الأمر.#inspired
23/04/2019.
أنت تقرأ
فوضى الأبعاد
Aléatoireحين يرتبط الحاضر بالماضي عبر جسور من كلمات... وحين نسير نحو الشمس بلا خوف... الغلاف من تصميم: جنود التصميم.