هذا الليل يذكرني بليالي الطفولة السابقة، تلك التي أمضيها في حضن المرض، غير أن مصابي لا يشبه الزكام الآن، مزيج من الحزن الذي يقتل في دواخلنا كل رغبة وأمنية، يجعل هباءات الأكسجين ثقيلة جدا، ويمتزج وبتجانس كامل مع الأرق والصداع والهزال والأفكار المرهقة. كنت لأبكي خلسة لو كنت أصغر قليلا، لكن كل شيء راكد في داخلي وحتى الشغف الذي فتكت به في بقية الليالي التي مضت قد ذبل وانطفأ. رغم ذلك هاجس طفولي بعيد يحاول هزي من الداخل كي نلعب، نسرق الحلوى الملونة ونرقص بعشوائية على كل أنواع الموسيقى.أينك كي تحيي ما ضاع مني من ضحكات؟
الليلة وككل ليالي الألم الصامت، أحتاج أن تظهر من أي بعد، أن تتحدى الأطر الزمكانية كاملة وتعاكس مشيئة الأقدار وأن تجلس عند سريري. قلبي متعب جدا ولكنني مازلت أجيد الابتسام لك، أنت دون الجميع تتفتح روحي كي تعانقك مع أنك مجرد طيف رقيق.
كيف إذا ما أتيت حقيقة؟
أحتاج أن تسألني بلهفة واضحة: كيف حالك الآن؟ ومما تشتكين؟
فأضع إصبعا على شفتك وأحدق في تفاصيل وجهك الجميلة في هيام، كل شكواي على هذه الأرض غيابك، انتظاري الطويل وحاجتي الملحة لك ورسائل الطفولة التي كتبتها لعينيك وقصصي القديمة وأحلامي التي رسمتها معك طوال السنين مع أننا لا نلتقي أبدا...لا وجع يبقى حيا في حضورك.
أريد أن تلامس شعري، وأن تقبل وجنتي كأب حنون، وأن تخبئ رأسك قرب عنقي وأستشعر أنفاسك البطيئة حذوي، وأن تحدثني عن كل ذكرياتك، عن كل التفاصيل التي خضت فيها بدوني، عن كل ما فاتني في غيابك، وعن كل العمر الذي لم أكن فيه معك، أريد أن أصغي لك في خشوع وأن ألامس نبضك غير مصدقة وأن يغمرني ذاك الفرح الهادئ الجميل الذي لا أعرف كيف يبدو حقيقة، ثم أعطيك كل النصوص التي كتبتها لك فتقرأها علي بصوت خافت عميق حتى أنام.
لا شيء غيرك يملأ هذا الفراغ.
أنت تقرأ
فوضى الأبعاد
Randomحين يرتبط الحاضر بالماضي عبر جسور من كلمات... وحين نسير نحو الشمس بلا خوف... الغلاف من تصميم: جنود التصميم.