هذا النص ليس إلا رسالة شخصية جدا لرجل أحبه :) وددت الاحتفاظ بها هنا.
********
تنتابني الليلة رغبة جامحة في الكتابة لك على غرار كل الليالي التي أمضيناها معا، كأنك تتدفق عبر جدار الصمت إلي و تغمرني بسحر خافت وعجيب.
قبل إحدى عشرة سنة، حين بدأت أدون الكلمات للمرة الأولى، كانت غايتي أن أكتب بضعة رسائل راودتني إلى رجل غريب لطالما رسمته في مخيلتي نجما بعيدا أو حلما صعب المنال، بدا كل شيء عذبا و جنونيا وقتها، شهي بقدر استحالته.
لم أتوقف عن كتابة الرسائل إلا كي أنتقل إلى كتابة المشاهد التي كنا سنحياها معا، اعتقدت أن طاقتي في الحب لا تنضب لشدة ما كنت أشتهيه، اعتقدتني أكون أكثر العاشقات كمالا و أن الأمر حين سيحدث للمرة الأولى سيكون عجائبيا كانفجار الخلق الأول. أحيانا أتمنى لو كنت أستطيع إقحامك داخل مجازاتي لترى ذاك الكم الهائل من المشاهد التي اعتدت أن تعبرني كالقطارات السريعة الخاطفة.
باغتي الحب في اللحظة التي ظننته لا يأتي فيها أبدا، و على عكس ما كنت أعتقده دوما، أصابني الذهول حد الصمت لأكثر من ثلاث سنوات.
ليس و كأنني لم أحبك بقدر ما توقعت، أحببتك أكثر مما يحتويه المجاز، إلى الحد الذي أبقاني أقف مشدوهة عند نقطة واحدة خارج الإطار، أين يفقد الزمان و المكان و التفاصيل والترددات و كل شيء مفاهيمهم المألوفة ولا يبقى إلا انحاءات وجهك و تلك الموسيقى العميقة التي تنبعث من روحك طوال الوقت.
ها أنا أكتب لك أخيرا و قد احتوتك روحي بالكامل، يطيب لي الآن أن تلتف أصابعي حول أصابعك، أن أغمس وجهي في عنقك حتى أثمل بريحك و أن نرقص بعشوائية و انسياب في فضاء أسود يخلو من كل شيء سوانا و أن يعلو ذاك النغم، أن يثور النبض كالعواصف و أن تفيض الدماء في الشرايين اليابسة كالحمم الحارة و أن تختلط روحي بأنفاسك حد التلاشي، حد الانصهار!
كنت أود لو كان هذا الليل الطويل لنا، لو تسرب الدفئ الذي يهبه إلى قلبي حضورك الصاخب عبر مسامات الشعور، لو جلست على الأرض أستند صدرك، لو خبأت يدي و بردي في كفتيك، و لو غنيت بصوت خافت ناعس في حين أهيم بنجوم السماء عبر النافذة، أحدثك عن كل تلك اللحظات الغامرة و الاهتزازات العنيفة التي بت أعايشها منذ التقيتك، عن أن أكثر ما يشدني إلى عينيك أسلوبك في النظر و ذاك البريق النقي في حدقتيك، عن كم أحببتك جدا حين رأيت فيك كل ما لا أحب بشكل جميل، حين كنت أشد تمردا من أن أستطيع امتلاكك، أشد تحررا من أن أطوقك، أشد كمالا بكل ما فيك من النواقص، عن كم تمنح من المعنى لعيشي و كيف يغدو بك الموت مجرد فاصلة بين ضفتين.
لم أحبك يوما لكي نكون معا، و لا لكي نصل في نهاية المطاف إلى طاولة عقد القران، ولا لكي نمنح العالم أطفالا يشتركون في كل ما فينا من صفات.. لطالما كان الأمر أكبر من هذا، أعمق من كل الاعتياد... أردت أن أحبك حد العناق كلما بدوت وحيدا و بدا العالم جائرا ضدك، أردت أن أحتضن وجعك و أن أمشي حذوك حافية حين تكون الطريق مليئة بالأشواك، أن أسندك على كتفي حين يهوي جسدك من التعب و أن أتشبث بك بكامل مقدرتي حين يغدو كل شيء قاسيا، ظالما و حين تقف كل الأشياء دوننا...
أحبك، لكي تشعر بالأمان في أكثر اللحظات سوادا، لكي أهبك بيتا دافئا في صدري حين تنغلق أمامك كل السبل، و كي تخرج من حربك على الحياة منتصرا كلما تآمرت الظروف كي تكسرك.
13/01/2018
أنت تقرأ
فوضى الأبعاد
Sonstigesحين يرتبط الحاضر بالماضي عبر جسور من كلمات... وحين نسير نحو الشمس بلا خوف... الغلاف من تصميم: جنود التصميم.