كنت أبحث دائما عن أسباب منطقية أبرر بها حالاتي المرضية الثقيلة، أسباب تتعلق بكل الجرائم التي ارتكبتها في حق قلبي. كل الذين أحبوا بصدق يوما وبعد أن تم لدغهم بتلك اللدغة السامة غير المتوقعة تجاوزهم الزمن وهم يجلسون على صخرة صفراء في بعد مهجور يتأملون الندبة المؤلمة على جلودهم. أنت لا تعرف إطلاقا مذاق هذا النوع من الموت، لم يحطم أحد قلبك من قبل، لكن المرضى شأني يتوقفون عن القراءة عند هذه الفقرة، يبعدون أعينهم عن الشاشات قليلا، يستشعرون وخزة قاسية في الأعماق، يتنهدون، ثم يواصلون القراءة. أعتقد أن السبب الأساسي لاستمرار هذا الأمر طويلا يتعلق بي وحدي، أنا ألغيت الساعات وأقصيتها خارج أطري، أبقيت في داخلي غرفة للذكريات الدافئة حرمت ككل الآخرين أن يفتحها أحدهم غيري ثم جلست كلما تضاءلت نار الحرائق التي أشعلتها أسكب البنزين في الأركان كي أؤججها. جميعنا فعلنا هذا، وحين تطل الحياة علينا بلون مختلف نقابلها بسوادنا الثقيل ثم نشير بأصابعنا نحو الغرفة الحزينة ونحيي آلامنا مجددا، نوزع غضبنا على الآخرين، ننتقم من أنفسنا مرارا ولا نتقبل فكرة أن نضحك ثانية، نحتم على أرواحنا حدادا أبديا. ألأننا لا نصدق بعد أن أناسا مثلك تماما أحببناهم قدر ما أحببتك على الأقل، قادرون على ذبحنا دون رحمة؟ أم لأن فكرة العيش دونكم بعد العطاء الباذخ الذي بذلناه تبدو مرعبة أكثر من فكرة العذاب الأبدي؟ الفراغ مؤذٍ أكثر من الجرم أحيانا.
كنت سأشفى منك في زمن لا يتجاوز الومضة لو فتحت الغرفة على مصراعيها ثم ألقيت أغراضك دفعة واحدة إلى حاويات القمامة، غير أنني ومنذ زمن أعجز عن تقديره، أرميها مجزأة. الليلة مثلا وضعت صورتك التي أجالسها في أواخر الليل بالمزبلة وأغلقت بابي دونها، هكذا لن أجد وجهك كي أكتب له خطاباتي.
07/07/2019.
أنت تقرأ
فوضى الأبعاد
Randomحين يرتبط الحاضر بالماضي عبر جسور من كلمات... وحين نسير نحو الشمس بلا خوف... الغلاف من تصميم: جنود التصميم.