الشقراء والصرصور

31 2 0
                                    

بعد أيام أمضاها يقرأ لها رواية المسخ لكافكا وفي أوقات متقطعة جدا وحساسة، متلذذا بهدوءها وصمتها وبريق عينيها الحماسي وصوته الراقص بين ملايين التدرجات والانفعالات والترددات سألها عن موقفها منها بشيء من الاحتراق. همهمت بنبرة حائرة وحزينة:

"أعتقد أنني سأغير موقفي من الصراصير وسأحاول أن أحبها.."

ابتسامة بلهاء ارتسمت على ثغره وقد تبين له أنه يسمع أعمق تعبير يمكن لامرأة أن تقوله، وأنها أكثر دهشة من سواها لأنها وبخبث قد حللت أبعادا عميقة في روحه، غير أنها واصلت بذات الشرود والانفعال:

" أجل، علي فعل هذا، فالصراصير في النهاية كائنات مسالمة وصغيرة جدا، لا أجد مبررا لكي نخافها."

هل تتحدث عن صراصير حقيقية الآن؟ أم أنها تقدم تحاليل عميقة مستمرة في دمجها بذات الإطار القصصي الذي خرج منه غريغور سامسا؟

في حركة فزعة، امتدت أطراف أصابعه المرتعشة كي تلامس  شعرها الداكن فيتأمله بإبهام وقد انفتح داخل جمجمته ثقب أسود مرعب تتخبط داخله آلاف التفاسير المختلفة لما تفوهت به منذ حين، إلا أنها توردت في خجل وابتسمت وأخفضت نظراتها بغنج مبالغ وهنا تأكد أنها كانت تناقش قضية الصراصير الحقيقية.

يا للهول، هي ليست شقراء حتى!

09/04/2019.

فوضى الأبعادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن