تمت كتابة هذا النص في أكتوبر 2012
تغنّي رقصات , سماء أرضها تتضرّع أن تلد نزل من فرجها ماء مخاض . مطر , مطر , صفّقت أوراق شبه حمراء . الضّوء حلم يطلّ و يخجل , و الأرض مسرح من طرقات سوداء , هي على الرّكح الممثّلة و الجمهور في ليل التهم الألوان . القمر وحده يشتهيها , هي لا تبالي , اليوم ستطلق أنوثتها عارية في جسد يرتدي فستانا . سارت بلا وجهة , خرير الماء ميزان خطوتها , ثبّتت قدميها , أطلقت ذراعيها , فصلتهما عن أصابعها , تمايلت و تحرّكت إلى الشمال و اليمين , إلى الأمام و إلى الخلف , قفزت و انبطحت , أرسلت الأرض إلى اللاّوجود , و نست ما يسمّى بقوانين الجاذبية , صارت ترقص كأنّها تطير . سكرت بكلّ صور الحرّية , تداخلت الأصوات في ذهنها و انسجمت , فصار العالم صوته هو و قطرات المطر كأنفاسه . أغمضت عينيها و توقّفت قد خلّلت شعرها أصابعها و مدّت احدى يديها جهة السّحب . تخيّلته المكان و الزّمان , تنفّسته في مجاري دمائها , أحسّت يده تسيل على ذراعها الممدودة فتشابكها , يده الأخرى تمسك خصرها و تشدّها , شفتاه تداعب عنقها , صارت تشتهي القمر الذي يشتهيها . جعلها تدور حول نفسها , راقصها و شاركها كل جنونها . ألصق ظهرها بجدار و التصق بها , اتّحد نبضهما , تلامس أنفيهما , كاد يلتهم شفتيها فارتخت و استسلمت . وقع كوب الماء من يدها و انفجر , فتطاير الزّجاج مزّق قبلتها التي لم تكتمل . صرخت بفزع و نظرت حولها : عيون كثيرة ترمقها , فارتجفت و خجلت . اقترب منها عامل بالمقهى مبتسما و همس " أخبرتك ألاّ تشربي الماء و أنت تهذين ." ثمّ ذهب . فضحكت , أخذت القلم من بين أسنانها و كتبت " على الأرض صوّرت , من السّماء أنزلت , زلّت يد الرّب رسمتني فيك , أنا التي منك , وجدتك في رحمي , رحلت قبلي فولدت ثكلى, لقياك مخاض آخر , فراقك صار احتراقي , ردّني إليك زوجة ولدتك من صلبك لأحبّك أبدا."
طوت الصّفحة و استرخت , تنفّست بنهم , زال ثقلها ,قد أجهضته في الكلمات . حرّكت قهوتها و اختطفت من حقيبتها سيجارة , عضّتها و استرخت تسترجع أطياف الحلم الباهتة . هي خلقته لتحبّه , عبدها تستدعيه اذا شاءت , تحبل به حلما , تلده على الورق , تشتاق له أبدا , عاص لا يأتي إلاّ سرابا , يعذّبها اذا حضر , يقتلها اذا غاب , تحبّه الى حدود البغض . فإذا ما أتي روحا ذات لحم أنكرها . أفاقت من التّفكير على رائحة عطره , بصقت السيجارة و التفتت تبحث عنه , رأته من زجاج المقهى خلف المطر كالخيال , فقامت تركض نحوه بلا أمتعة , أرادت لو تمسكها الأرض تلطمها به أو تنفخ به الريح الى زنديها , . أرادت أن تنادي فخنقتها غصّة بكاء , هو اجتاز الأرض و اخترق السّماء , جفّ المطر , فاضت في الأفق الألوان , صار هو كالعين للعين منعدما , رفعت اليه يديها و صرخت " انتظر أيا قوس قزح هنا أنثاك . " هي التي خلقت لتكون سكّر قهوته , سالت بين البرك قطرات حمراء ...
________________
بقلم صبرين المالكي
أنت تقرأ
فوضى الأبعاد
Diversosحين يرتبط الحاضر بالماضي عبر جسور من كلمات... وحين نسير نحو الشمس بلا خوف... الغلاف من تصميم: جنود التصميم.