-هو في ايه؟
-واحد بينتحر، مش عارفة البلد جرا فيها ايه.
-بينتحر!
بينتحر والناس دي كلها واقفة بتتفرج بدون ما حد يساعده؟
طلعت بأقصى سرعة عندي لفوق عشان ألحقه قبل ما يعملها، مفيش حد يستحق إنه يموت موتة بشعة بالشكل دا، مفيش حد لُه الحق إنه ينهي حياته بالشكل دا، حياتنا وروحنا مش ملك ايدنا عشان يكون لينا الحق في إننا ننهيها أبدا بالشكل دا مهما كنا بنمر بمشاكل أو بظروف صعبة.
قولت بأعلى قوة عندي:
-لو جواك لسه ذرة ثقة في ربنا اوعى تعملها.
لف وشه ناحيته وهنا كانت الصدمة، صدمتي مكنتش أقل من صدمته نهائي، نغزة انتشرت في قلبي فجأة لما عرفت إن هو اللي عايز ينتحر مش حد تاني، عايز يقتلني معاه؟
-إنت.. إنت بتعمل ايه هنا؟
-امشي يا كيان امشي من هنا.
-مش همشي يا غيث، مش همشي.
-امشي زي ما مشيتي قبل كدا، ماهي دي عادتك.
-غيث بالله عليك ما تعمل كدا، انزل وكلمني طيب خلينا نتفاهم، مفيش شيء بيتحل بكدا، إنت بتهرب مش بتواجه، واجه نفسك وحياتك ومستقبلك متهربش منه بالشكل دا.
حسيته اتأثر شوية، نزل وقعد على الأرض، دمعة وقعت من عيونه، مش سهل أبدا إن الراجل يبكي، ومش سهل يكون غيث.
-أنا تعبان من غيرك، كل شيء كان بيهون لما كنتِ بس تقوليلي كلمة حلوة في آخر اليوم، كل تعب اليوم واللف من شغلانة للتانية كان بيهون لأجل ابتسامة واحدة منك، أو حتى نظرة من عيونك اللي بتلمع لما تكوني معايا، هي الظروف ليه فرقتنا؟
كنت بعيط على كلامه، أنا حبيته وبحبه ولسه هفضل أحبه، لكن أهلي عارضوا جوازنا لما فضلنا سنة ونص مخطوبين ولسه مش قادر يخلص باقي تفاصيل الجواز، ببساطة كسروا قلبين، وكسروا ثقته في نفسه، كسروا كبرياءه وكسروني أنا بالكسر دا.
-أنا آسفة حقك عليا، إنت عارف إني لسه باقية عليك لآخر لحظة، عارف إني بعاني زيي زيك، يمكن إنت شايل الحِمل كله فوق كتافك لوحدك، لكنني مش قادرة حتى في تفكيري أتخيلني مع حد غيرك، أنا عمري ما اتخليت ولا حتى أقدر أتخلى عنك يا غيث، إنت أحسن واحد في الدنيا، أنا كنت فخورة إن أنا خطيبتك بجد، فخورة إن في حياتي شخص زيك، شخص مكافح وجميل، شخص استحمل فوق طاقته كتير، شخص صبر وأكيد ربنا هيعوض صبره خير، لكن إنت كسرتني بعملتك دي، كسرتني أوي، مش معنى إن الظروف فرقتنا يا غيث إن كدا القصة انتهت، مش يمكن دي مجرد جولة أولى ولسه في جولات تانية كتير؟ إنت من ساعتها وإنت واقف مكانك مش بتحاول مرة تانية، مش بتحاول تكسبني، مش بتحاول تكسب نفسك وتكبر من نفسك عشان نفسك مش عشان حد تاني، لازم تنجح عشان نفسك مش عشان ترضي اللي حواليك، لازم تكون واثق في نفسك عشان الناس تقدر تثق فيك، متستسلمش أبدا، وافتكر إن في قلوب فاكراك وبتدعيلك، افتكر إن في قلوب بتحبك زي ما بتحبها.سيبته وقومت ومشيت وأنا عارفة إن أكيد كلامي فرق معاه، غيث تعب وزهق وعافر وموصلش، غيث رمز الشخص الناجح والمثابر بكفاءة، أنا مكنش هاممني فلوسه ولا مكانته ولا عربيته ولا شقته، أنا كان يهمني هو بشخصيته هو وبس، لكن أهلى مش هقدر ألوم عليهم في شيء، هما بردو معاهم حق، مش عايزين إني أروح أعيش في مستوى أقل من اللي أنا عايشة فيه، مش عايزين إني أعاني من فقر وقلة فلوس، ميعرفوش إن الفقر الحقيقي هو فقر المشاعر، لكنهم معذورين، هما اتربوا على كدا، لكن تفكيرنا بيتغير، أصل ياترى الفلوس هتضمني وقت حزني وتخفف عني؟ يا ترى الفلوس دي هتحبني وهتملى أي فراغ في قلبي؟ ياترى الفلوس هتغنيني عن إن شخص يحبني؟ أكيد لأ، الفلوس مش كل حاجة، الفلوس مش سبب كافي لإني أكمل حياتي مع حد أبدا، الفلوس عمرها ما كانت ولا هتكون سبب كافي، الحب سبب، الاهتمام سبب أكبر، القدرة على تقبل الشخص اللي قدامك بعيوبه بمميزاته دا أكبر وأكبر، وغيث الصفات دي كلها بتشمله، غيث بيحبني رغم إن عمره ما قالها، لكن عيونه قالتها وأنا اتعلقت بين عيونه من ساعتها، حتى أنا بحبه وعمري ما قولتله دا بشيء صريح، بعيد عن إنه حرام، لكن أنا بردو ست، مينفعش أنا اللي أبوح بمشاعري كدا.