-واللهِ أبدا، انتوا عايزين ترموني لأي واحد وخلاص!
-ايه نرميكي دي يا كيان؟ بلاش كلام فاضي، غيث بيحبك ومناسب ليكِ.
-مناسب ليا! لما أنا أكون مهندسة وهو مش معاه شهادة زيي حتى يبقى كدا مناسب؟
-الشهادة مش كل حاجة.
-دلوقتي مش كل حاجة؟ وأنا لما كنتوا بتضغطوا عليا عشان أوصل للي أنا فيه دلوقتي كان سببه ايه؟
-لأنك بنتنا وبنتمنى إنك تكوني في أحسن صورة قدامنا وقدام الناس، وبعدين دا كان حلمك يا كيان، احنا بس كنا بنشجعك، بنحاول نخليكِ تكملي.
-وأنا مش موافقة عليه.
بابا دخل:
-وأنا عطيت للولد كلمة ومستحيل أرجع فيها، راجعي حساباتك من تاني يا كيان.ازاي هقدر أعيش مع واحد مش متعلم!
ليه بيفرضوا عليا رأيهم بالشكل البشع دا؟
هو مش كان زمن إن البنات تتجوز غصب دا انتهى؟-غيث برا، اطلعي واتعاملي معاه بكل احترام يا كيان، أنا بقولك أهو.
مسحت دموعي:
-حاضر يا بابا، حاضر.كرهته؟ حاسة إني مش طايقاه نهائي بجد، أنا أعرفه، هو كان ساكن جديد في الشارع بتاعنا، مش هكدب وأقول إني مكنتش منبهرة بيه أول لما وصل هنا وسكن، طريقة لبسه كويسة، مش مهمل في نفسه، حسيته وقتها إنه شخص كويس فعلا، مش شخص مش متعلم!
وهو التعليم ايه فايدته؟ ما انام واخدة شهادتي واتخرجت ومش بشتغل، هي مجرد ورقة وبس؟-السلام عليكم.
وقف وبص في الأرض:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.قعدت وأنا جوايا قرار جديد هحاول أنفذه، المفروض إنها قعدة تعارف، لكنها تعارف يتبعها موافقة أكيدة على الجوازة دي، وعشان كدا أنا قررت أعطيله فرصة، من غير ما أسأل عن تعليم، عن أي شيء تاني، ههتم بس لكونه إنسان زيه زيي.
-طب يا ولاد أنا هسيبكوا تتكلموا مع بعض شوية.
كنت قاعدة بحاول أشجع نفسي إني أتكلم وأفتح أنا الكلام، لكنه سهّل عليا الوضع وبدأ هو.
-أنا عارف إن الوضع غريب، والأغرب كمان موافقتك، واللي أظن إنها مش موافقة تخصك إنتِ، فأنا حابب أعرف لو والدك هو السبب هزي راسك حتى بس والموضوع كله هيتلغي من ناحيتي أنا ومش هسببلك أي مشاكل.افتكرت لحظتها كلام بابا عنه، إنه شخص مكافح، رغم ظروفه اللي محدش يعرفها لكنه كان بيشتغل كذا شغلانة، وحد قال لبابا إن هو اللي كمل جوازات أخواته البنات كلهم، وإنه شخص محترم ومتدين، لكنه بس مكملش تعليمه، إني كنت قررت إني خلاص هديله فرصة، وأنا عمري ما بتراجع في قرار أبدا.
ابتسمت:
-بس أنا مش حابة كدا، مش يمكن يكون ربنا بيحطني في اختبار؟ وأنا حابة إننا نكمل ونسمع بعض ونفهم جوانب بعض كويس، لعل وعسى يمكن في شيء يتم.
ابتسم:
-طب حيث كدا عندك أي أسئلة؟
كنت حابة أسأله عن تعليمه وليه مكملش؟ لكنني اتحرجت، سكوتي طال فاتنهد واتكلم:
-عارف إن أول سؤال هيخطر في بالك ليه مكملتش تعليم، مش كدا؟
هزيت راسي وبس، فكمل:
-وعارف إنك هتتحرجي تسأليه، لكن أنا مش محرج من إجابتي أبدا.
سكت شوية بعدين اتكلم تاني:
-ظروفي كانت مختلفة، كبرت لقيت نفسي موجود في بيت كله مشاكل، خناقات، ضرب، حاجات غريبة على طفل صغير وأخواته كمان، ولما كبرت شوية وفهمت الوضع لقيت الحوار وصل لطلاق، ولكن والدي كان رافض بشكل تام، وعشان كدا والدتي اضطرت تلجأ إنها تخلعه، لأنه مكنش بس بيضرها هي، كان بيضرنا احنا كمان وبيأثر علينا، وبعدها سافر، ولحد دلوقتي مشوفتوش ولا مرة، مكنش في حاجة بتوصلنا منه، حقه علينا مكنش بيعمله، كنت شايف أخواتي البنات حياتهم بتتهد، فكان لازم أتخلى عن جزء من حياتي عشانهم، كلية الهندسة بتاعتك دي كانت حلمي، مقدرتش أوصله آه، لكني حتى لو مدخلتش الكلية، فأنا درست في مجال كنت بتمنى أدرسه.
-درست؟ ازاي؟
-بالكتب، بالقراءة، إنتِ فكرك إني وصلت للي أنا فيه دلوقتي ازاي؟ مش متعلم ومش معاه كلية يعني مستحيل يشتغل في شركة، لكن انت اشتغلت، لأني اشتغلت على نفسي، كورسات في اللغات، كورسات في مجالي في الهندسة، وكلها بشهادات معتمدة وموثوقة، يمكن آه عمري ما هتساوى بيكِ لأن معاكِ شهادة، لكن أنا بحاول، وبتعب، ومفيش حد بيتعب ومش بيلاقي.
-حقيقي إنت شخص عظيم ومكافح.
-بشكرك على كلامك دا، ولو في أي سؤال تاني شاغل تفكيرك اسأليه بدون ما تترددي.
-حاليا مفيش، لكن لو في أكيد هسأل.
وقف:
-طب أستأذن أنا بقى.
-اتفضل.يمكن لسه تحت تأثير الصدمة شوية، أنا ظلمته، ظلمته وحكمت عليه من قبل ما أسمع القصة والحكاية كاملة من منظوره هو، كان بس لازم أسمع وأفهم، ودلوقتي أنا مجبرة أوافق كمان، سواء كانت موافقة برضا أو من غيره، كدا كدل مضطرة أوافق.
-ممكن أدخل؟
اتعدلت في قعدتي:
-أكيد يا بابا اتفضل.
دخل وقعد قدامي ساكت، ثواني وقرب عليا وباس راسي.
-أنا آسف.
-ياربي يا بابا حضرتك بتتأسف على ايه؟ مفيش أسف واللهِ، مفيش حاجة تستدعي إن حضرتك تتأسف أصلا.
-لكن أنا غلطت في حقك، أجبرتك على شيء مش عايزاه من البداية، ودي مش عادة في بيتنا، مفيش شيء بالإجبار بيتم في بيتنا هنا، عشان كدا أنا بتأسفلك.
مسكت ايده وبوستها:
-بابا يا حبيبي، أنا دايما واثقة فيك وفي قراراتك، وإن عمرك ما في يوم هتتمنى ليا شيء وحش، وعشان دا فكرت فيه واتأكدت منه، قررت أدي غيث فرصة، وسمعته، وحاسة إني مرتاحة وميالة لإني أكمل، لكن مترددة شوية، خايفة وقلقانة.
-متخافيش طول ما أنا هنا، ممكن؟
***
-مكنش مفروض أبدا أقبل بواحد زيك، مستواه أقل من مستوايا، وكمان تعليمه أقل مني، إنت شخص أناني.
صوته عِلي:
-وإنتِ إنسانة مريضة، إنتِ طالق.اتخضيت لما لقيت حد بيمسك ايدي:
-بتعيطي ليه؟
مسحت دموعي بايدي التانية ومسكت ايده جامد:
-شوفتنا في الموقف دا يا غيث، كنت كل يوم بخاف من إن اليوم دا ييجي ونسيب بعض، ولحد دلوقتي لسه بخاف منه.
-حتى بعد خمس سنين جواز؟
-حتى لو لآخر يوم في عمري.
-كيان أنا اختارتك وجيت ليكِ عشان بحبك، وعشان عارف ومتأكد إنك هتكمليني، وربنا كان دايما بيديني إشارات أكمل في نفس الطريق والاتجاه، كيان احنا نصيب بعض، خلي دا دايما في بالك.
مِلت براسي على كتفه:
-أنا بشكر بابا وممتنة ليه أوي إنه أجبرني أقابلك، كنت هضيعك من ايدي يا غيث، كنت هتمشي وتسيبني، مكناش هنكون لبعض!
-نصيبنا مش بيروح من بين ايدينا يا كيان، يمكن يبعد شوية، ولكنه مصيره إنه يرجع لينا من تاني، زي ما إنتِ ما رجعتي كدا ووافقتي في النهاية.
-أنا بحبك أوي يا غيث.
-عارف أنا أستحق على فكرة.
ضحكت وضربته في كتفه بخفة، لكن دراعه اتهز وليلى اتحركت، ولكنها مصيحتش، كانت بس بتبتسم، أجمل ابتسامة لأجمل طفل في الدنيا.
-فخورة بيك، فخورة إني معاك، وهفضل فخورة بيك طول العمر.
-ربنا يديمكوا في حياتي دايما.
-مين كان يصدق إن احنا هنقدر نكون عيلة؟
حضني أنا وليلى وباس راسي:
-وأجمل عيلة في الدنيا كلها."كنت أنا يومًا ما، لكن الآن كلي أنت."
#كيان_الغيث
#أروى_إيهاب