حكاية 61

26 5 0
                                    

-تفتكري هينفع يكون لينا فرصة تانية مع بعض؟
دمعة نزلت من عيوني ومسحتها بسرعة:
-كفاية تضييع فرص مش في مكانها، احنا مش لبعض.
لفيت بضهري ودموعي كانت لسه بتنزل، وقفني صوته:
-بس أنا لسه زي ما أنا، قلبي لسه زي ما هو.
كتمت شهقة عياط كانت هتبين كل شيء جاهدت أخبيه، نبرة صوته هزتني، زي ما كانت دايما بتهزني، بس للأسف، مش كل اللي قلوبنا بتتمناه بيتحقق.
قولت بصوت مكتوم:
-مع السلامة.
                                                       ***
-كيان.
غطيت وشي باللحاف:
-يا ماما، أبوس ايدك حِني عليا وسيبيني أنام شوية، بتصحيني ليه؟ أنا ورايا حاجة؟ هل أنا ورايا حاجة؟
-قومي يا كيان يلا عشان تساعديني، قومي.
فوقت وقعدت على السرير، مسحت على وشي عشان أفوق أكتر:
-أساعدك في ايه؟
-صحاب باباكِ متجمعين الليلة هنا، عشان صاحبهم الرابع رجع من السفر.
نطيت من على السرير:
-قصدك عمو أحمد؟
ابتسمت:
-آه، عمو أحمد.

دماغي سرحت لبعيد، لزمان خالص، من حوالي 15 سنة، لما كان لسه عمري 10 سنين، طفلة، صغيرة، متعرفش في حياتها غير شخص واحد وبس، شخص كان مالي عليها حياتها.

-غيث.
-نعم يا كيان.
-هو إنت هتيجي في يوم وتسيبني؟
-وأسيبك ليه؟ اللي بيحب حد مش بيسيبه.
ابتسمت وضحكت ببراءة طفلة:
-يعني إنت بتحبني؟
ضحك:
-عندي كام كيان يعني عشان أحبها؟

كان أكبر مني بـ3 سنين، وفجأة الدنيا خطفته مني، سافر هو وباباه، عمو أحمد، ومن ساعتها مشوفتوش، متكلمناش، بقيت وحيدة، حياتي كانت بتتمحور حواليه هو وبس، غيث وبس، مش بحبه، بس بحس بحنين لما بفتكره، ذكريات كتير معاه، أوقات كتير قضيتها معاه، ضحك، ولعب، وهزار، ومشاكل، وعياط، طفولتي كلها كانت عبارة عنه هو، كانت عبارة عن غيث.

قومت من على السرير وأنا ببتسم، فتحت دولابي وكنت بدور بعيني على شيء معين، شيء محفوظ جواه ذكرياتي الجميلة، ابتسمت أوي لما عيوني وقعت عليه، ايدي مسكته بخفة، وكأنه صندوق من ورق، يمكن خفته دي لأنه فيه حاجات جميلة؟ ذكريات حلوة؟ وجواه تفاصيل كتير حبيتها وبعيشها كل ما بشوفها من جديد.

فتحته وابتسامتي لسه زي ما هي، عيني وقعت على ميدالية شكلها طفولي أوي، عليها حرف اسمي، ابتسمت للذكرى، وسيبت روحي ليها تفتكرها من تاني.
                                                       ***
-اتفضلي.
رفعت راسي ناحيته:
-وايه دي؟
-دي ياستي اسمها ميدالية.
-بنعمل بيها ايه؟
-الناس بتحط فيها مفاتيح، لكن بما إنك لسه صغيرة إنك تشيلي الحاجات دي، فالأفضل تحتفظي بيها.
-ودي هدية؟
-أيوة.
-طب بمناسبة ايه؟
رفع أكتافه بخفة:
-مش عارف، بس مش المفروض لما بنحب حد بنهاديه؟
وقتها ابتسمت واتكسفت، مكنتش فاهمة معنى كلمة حب، كنت فاكراه مجرد حب أخوي، أو بين صحاب، وهو كان كدا فعلا، لكن وقتها حسيت بفراشة بتطير حواليا، حسيتني طايرة معاها، طايرة زيها، هي الحروف ممكن تسعدنا وتخلينا نطير؟
                                                       ***
عيوني وقعت على منديل في بقع باللون الأحمر كتير أوي، استنتجت منها دا ايه، رفعت المنديل مرة تانية ودماغي مكنتش قادرة تفتكر الموقف، ازاي مش فاكرة؟
غمضت عيوني، حاولت أركز، لازم أفتكر، أنا عايزة أفتكر.
                                                       ***
-يا كيان كفاية لعب بقى، باباكِ هيزعقلك.
-بس أنا لسه ملعبتش براحتي يا غيث!
-هنلعب تاني بكرا.
-يوه بقى، طب آخر دور يلا، وإنت اللي فيها، وأنا هستخبى، ومش هتعرف تلاقيني.
-ماشي، هعد لحد 20 وبعدين هاجي أدور عليكِ، ولو لقيتك وقتها هتسمعي كلامي على طول، موافقة؟
-موافقة.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن