حكاية 66

22 2 0
                                    

-أنا ممكن أتبرعله.

الكل سكت، ونظراتهم اتوجهت ناحيتي، كانوا بيبصوا ليا بصدمة، الست اللي تتنازل وتقوم بحاجة زي دي؟

وعد شدتني من ايدي وأخدتني بعيد عنهم، بصت ليا نظرة معرفتش أفسرها هي خوف ولا لوم ولا عتاب ولا قلق، لكن جملتها نهت كل دا من بالي.
-بس إنتِ ست!
بصيتلها باستنكار:
-ومالهم الستات يعني؟ وبعدين دا جوزي يا وعد.
-وهو هيوافق؟
-مش مهم يعرف، ممكن أخلي الدكتور يقوله شخص مجهول.
-هتتبرعيله بكليتك يا كيان! طب ما تستنوا يمكن تلاقوا حد.
-احنا مستنيين بقالنا سنة، محدش راضي، ولو في مش بيكون مناسب، أنا عاملة تحاليل بقالي كتير، والدكتور قال إن مش هيحصل شيء وحش إن شاء الله، وإن نسبة التقارب بيننا إلى حد ما كبيرة ومش هيحصل أي مشاكل.
قربت مني ومسكت كتفي:
-وإنتِ؟ إنتِ يا كيان؟
ابتسمت بحب وأنا بفكر فيه وهو هيبقى بخير، كويس، ومعايا:
-أنا هبقى كويسة طول ما أنا شايفة أحمد كويس، أنا مليش غيره يا وعد، هو عيلتي كلها، كل حاجة وكل حد، وطول ما هو بخير أنا هكون بخير.
-متأكدة إن الدكتور طمنك وقال مش هيحصلك حاجة؟
حضنتها:
-متخافيش عليا، ربنا هيطلعنا منها احنا الاتنين كويسين بإذن الله.
-عارفة إنك هتفضلي مصرة ومش هتتنازلي، بس أنا هدعيلك تبقي بخير، وهدعي لأحمد يكون هو كمان بخير، ويارب تطلعوا منها سوا ومع بعض وبخير.
مسكت ايدها وحضنتها:
-يارب يا وعد يارب.

يمكن من خوفها عليا عبرت بطريقة مستفزة في البداية، أصل مالهم يعني الستات لما يتبرعوا لحد؟ هنقص ايد أو رجل؟ بالعكس دا أنا هزيد عند ربنا، وبعدين ما بالك لو الشخص اللي هتبرعله دا أنا مقدرش أشوفه عايش بيتألم ومريض، شخص شوفت الدنيا جميلة وبتنور على ايده ومعاه، أنا لو أطول أديله حياتي كلها مش هتردد.

-أنا مش موافق.
-أحمد يا حبيبي ممكن تهدى ونتكلم؟
-يا كيان مش هينفع، خلينا نستنى ونشوف.
-يا أحمد أنا تعبت، تعبت من الانتظار وأنا في ايدي الحل، مش حِمل أشوفك كل يوم بتتوجع كدا وأنا في ايدي علاجك وساكتة، وبعدين أنا قولتلك عشان مش عايزة أخبي عليك وأعمل شيء من وراك بدون علمك، لكن أنا كنت هخليهم يقولوا إنهم لقوا متبرع وخلاص.
-وكمان عايزة تخبي عليا!
قربت منه ومسكت ايده:
-احنا واحد يا أحمد، أنا وإنت مفيش فرق بيننا، لما تبقى إنت بخير أنا كمان هكون بخير، والولاد كمان هيكونوا بخير.
ضحكت وبعدين بصيتله:
-وبعدين مش كِلية اللي تخلينا نتخانق ونخسر بعض عشانها.

على قد الخوف اللي جوايا، وإنها تعتبر أول عملية بالنسبة ليا، بغض النظر عن الولادة، بس دي كانت أول مرة هدخل فيها عملية، والطرف التاني شخص عزيز عليا، بل يعتبر أعزهم، كان جوايا قلق وخوف مينفعش أظهِرهم أبدا، مينفعش أبين خوفي وإلا كل شيء بحاول أعمله وأصلحه هيفشل.

-بس أنا بردو لسه مش موافق.
-يعني أنا لو بموت قصاد عيونك، وإنت في ايدك تنقذني بشيء مش هتعمله يا أحمد؟
سكت شوية وبعدها رد:
-عمري ما هتردد يا كيان، إنتِ السبب والفضل بعد ربنا في أي شيء وصلتله النهاردة، وجودك معايا خلاني بقيت أحسن، ربنا يديمك.
قربت منه زي الطفلة بمجرد ما سمعت كلامه، يمكن عمره ما اعترف بشيء زي دا مباشرة ليا، ويمكن دايما كنت بتمنى أسمع شيء زي دا منه:
-يعني وافقت واقتنعت؟
بص ليا بطرف عيونه:
-لأ.
مسكت ايده بتوسل:
-يا أحمد بقى عشان خاطري.
-ولو بردو لأ.
جت ليلى وجريت عليه حضنته:
-حبيبة قلب بابا عاملة ايه؟
بصيتله بغيرة:
-حبيبة قلب بابا اممم، طب لو قولتلك عشان خاطر ليلى، وعشان خاطر غيث، عشان تفضل معاهم وبخير، عشان باباهم يفضل جمبهم دايما.
-بتدوسي على نقطة ضعفي يا كيان!
-وافق يا أحمد بالله، وافق وخلينا نرجع لحياتنا الطبيعية، منفضلش نلف على مستشفيات، وعلاج، وندور على جهاز فاضي، وتفضل كل يومين رايح راجع من المستشفى، عايزين نفوق لحياتنا، عايزين نعيش يا أحمد، أنا نسيت الحياة ونسيت ازاي بتتعاش، وافق عشانك وعشاني وعشان ولادنا، وافق عشان احنا نستحق نعيش مرتاحين بوجودك معانا.
بص ناحية السما، غمض عيونه وفضل يتنفس بهدوء، حسيته بيدعي ربنا، في اللحظة دي دموعي نزلت، أنا خايفة، خايفة أخسره، مش عارفة هكمل الحياة من غيره ازاي، يمكن جوازتنا كانت عادية، لكن مع الوقت حبيته واتعلقت بيه وبوجوده، ولأني مبقاش ليا حد فاضل في الدنيا دي غيره.
في كل ليلة من ليالي تعبه كنت بواجه مخاوفي، كنت بتخيله كل يوم وكل ليلة وهو بيودعني وبيمشي، وكان أصعب وقت بيمر عليا.

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن