حكاية 62

20 2 0
                                    

-أنا بس كان نفسي أكون طبيعية زي الناس.
-وإنتِ طبيعية يا كيان.
انفعلت وصوتي عِلي:
-لأ، أنا مش كدا، كفاية كدب عليا، أنا مش بصدق حد، كلكوا مؤذيين، كلكوا عايزين تضروني، كلكوا بتحبوا تكسروني وتقهروني، كلكوا بتحبوا تجرحوني، هو أنا وحشة أوي كدا؟ أنا عملت ايه ليكوا؟ عملت ايه أستاهل عليه كل دا؟

قعدت على الأرض بضعف، حتى الكلام مبقتش أقدر عليه، بقيت ضعيفة، هشة، من أي لمسة وهمسة أي شخص يقدر يوقعني، لكن مفيش حد هيقدر يقومني، مفيش حد هيقدر يكون معايا، مفيش حد حابب يفضل معايا من الأساس، كلهم.. كلهم بس عايزين يسيبوني ويمشوا، لأنهم عمرهم ما حبوني!

-قومي يا كيان، قومي نتمشى ونخرج شوية.
-مش عايزة أروح أي مكان، سيبني في حالي.
-وإنتِ حالي يا كيان.

رفعت راسي ناحيته، فضلت أتأمله، ليه؟ اشمعنا هو؟ ليه هو الوحيد اللي باقي؟ ليه مكمل رغم عيوبي؟ ليه مستحملني؟ ليه عايز يفضل رغم إنه بإيده يمشي وميكملش؟ ليه مُصر يتمسك بيا وهو عارف إني هأذيه؟

-كيان فوقي، إنتِ مش كدا، مش مؤذية، ومش وحشة، إنتِ بس وقعتي مع ناس وحشين هما اللي صوروا ليكِ الحياة كدا، لكن إنتِ مش كدا يا كيان.
قولت بضعف والدموع بدأت تنزل من عيوني:
-حتى لو كان الناس دول أهلي؟

ملامحه اتغيرت، الصدمة بانت على ملامحه اللي حاول يداريها عني، لكن دا مش هيفيد بشيء إنه يداري عني لأني عارفة إن دي الحقيقة، عمر أهلي ما حبوني ولو للحظة، عمرهم ما اعتبروني بنتهم، حتة منهم، يا ترى أنا هعرف أعيش وسط الناس وأتأكد إنهم بيحبوني وأهل بيتي عمرهم ما حبوني من الأساس؟

-مش كل الأهالي بيكونوا داعمين لولادهم.
-وهل كلهم بيكونوا بيكرهوهم؟
-كيان افهمي، مفيش أب وأم بيكرهوا ولادهم.
-بس هما بيكرهوني، بيكرهوني يا غيث.
-بس أنا عمري ما لاحظت دا رغم إننا جيران من سنين!
-وهل حد هيبين نفسه وحش قدام الناس؟ طبيعي لأ، لازم يبينوا نفسهم في أحسن صورة، يعاملوني كويس، حلو، بحُب، ولما الباب يتقفل علينا لوحدنا، الدنيا بتتهد، الحب بيختفي، لأنه مكنش موجود من الأساس، عمرهم ما حبوني، كنت دايما بس بتعامل بأسوأ معاملة، لأني مستحقش أتعامل كبشر، يمكن لأن دا مش مكاني.
-كيان بلاش تقولي كدا.
-حتى إنت يا غيث، أنا خايفة منك، خايفة تيجي في يوم وتعمل فيا زيهم، أصل ليه؟ ليه تبقى كدا معايا؟ ليه معاملتك مش زيهم؟ وليه خطبتني من الأساس؟
-مش وقت الأسئلة دي يا كيان، بس اتأكدي إن الوقت هو اللي هيجاوبك مش أنا، أشوفك بكرا، يا عروسة.

عروسة! أنا هبقى عروسة بكرا!
اكتشفت إن مر سنة على خطوبتنا، خطوبتنا اللي حتى مكنش عندي حرية الاختيار إني بس أفكر فيه، جاري وعارفاه من سنين، هل بابا هيرفض؟ ماما هتعترض؟ لأ، ومش مهم رأي كيان، لأنها مش مهمة أساسا.
أنا وغيث عمرنا ما كنا قريبين لبعض، يمكن هو قرب شوية لما اتخطبنا، ودلوقتي فرحنا بكرا، فرحنا!
هل أنا عايزاه أصلا؟
وليه أرفضه؟ ناقصه ايه؟ ايه يعيبه؟
دا هو الشخص الوحيد اللي بيعاملني معاملة قلبي بيتمناها، معاملة كنت بتمنى أتعامل بيها سنين عمري كلها وملقتهاش، لكن لقيتها فيه هو، لقيتها منه هو.
عمره ما أذاني بكلمة، بحرف، بهمسة، بنظرة حتى، مش يمكن هو نصيبي؟ هيكون هو النقطة الحلوة في حياتي، يكون هو عوض أيامي الصعبة اللي عيشتها؟

كيان الغيثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن