حطيت ايدي على ودني وصوتهم كل مدى بيزيد أكتر وأكتر.
-إنتِ أصلا واحدة مستهترة، لا مهتمة لا بالبيت ولا ببنتك ولا بجوزك حتى.
ردت هي عليه بصوت مليان قهر:
-وإنت ايه يعني؟ إنت فين من كل دا؟ إنت وجودك زي عدمه في حياتنا، وجودك ملهوش أي لازمة، أنا اللي يعتبر الأب والأم، وإنت كل اللي عليك تشاور وتقول عاوز وعاوز وخلاص.
سمعت صوت ايده وهي بتنزل على وشها وبعدين قال:
-أيوة آه أنا كدا، وهفضل كدا، عاجبك أو مش عاجبك هفضل كدا، مش عاوز كلام كتير، وامشي من وشي دلوقتي.
سمعت صوت قفل الباب وطلعت جري عليها، أول ما شافتني حضنتني وكملت عياط، ذنبي ايه أنا أشوف كل دا؟ ذنبها ايه أمي تفضل تعاني كل شوية، ليه أكبر وأوعى على الدنيا وأنا جوايا خوف كبير من الكل، ليه أفضل هربانة ومستخبية ومكتفية بنفسي خوف من أذى حد ليا، وألف ليه كمان وكمان، أمي اللي بتنزل وتشتغل بدل الشغلانة اتنين وتلاتة لأجل إنها بس تكمل تعليم بنتها وتخليها مش محتاجة حاجة، ومش بس كدا لأ وبتصرف على جوزها اللي كل قرش بياخده بيصرفه وهو قاعد على القهوة ليل نهار، ذنبي ايه واحدة في سني عندها 15 سنة تشوف كل دا من الدنيا؟
-شوفي بقي بنتك دي يا تربيها يا تقعديها جمبك بقا.
اتنفضنا بخضة من صوته وماما شدتني لحضنها برعب بعد ما حدفني عليها:
-ليه هي عملت إيه؟
-بنتك حرامية يا هانم.
-أكيد لا بنتي عمرها ما تمد إيدها أبدا، هو حصل إيه؟
-سرقت فلوس من شنطة صاحبتها، وبقا شكلي زفت قدام كل المدرسة.
مشي ورزع الباب ومستناش رد لا منها ولا مني.
بدأت أنهار في العياط وماما أخدتني في حضنها واتكلمت بحنان:
-إنتِ عملتي كدا فعلا؟
اتكلمت بشحتفة وسط عياطي.
-واللهِ واللهِ مكنش قصدي... أنا.. أنا مكنتش عارفة انا بعمل إيه؟
-طب ليه عملتي كدا يا حبيبتي؟
بدأت أنهار أكتر وأكتر:
-كان قصدي أساعدك، أنا شايفاكي بتشتغلي ليل نهار عشاني، وحارمة نفسك من كل شيء عشاني، كُنت عايزة أعمل أي شيء عشان أساعدك.
ضمتني لحضنها أكتر، واتكلمت وبان في صوتها إنها بتعيط:
-يا حبيبتي والله عارفة إنك عاوزة تساعديني، بس أكيد مش بالطريقة دي، دا كدا غلط، وأنا عندي بس أشوفك كدا أحسن بنت في الدنيا عندي بالدنيا كُلها.
-مش أقصد والله إني أزعلك، أنا اسفة والله.
-أوعديني متعمليش كدا تاني.
-أوعدِك والله.
-وهترجعي الفلوس دي كلها للبنت اللي أخدتيها منها تاني.
-بس كدا يا ماما هتحرج، والكل هيفضل يقول عليا دايما إني حرامية.
-تمام، عرفيني اسم البنت وأنا هتصرف.كبرت وسط بيت كله مشاكل، بيئة غير جيدة أبدا إنها تخلق طفل سوي نفسيا، كبرت وأنا لوحدي، معنديش لا أهل ولا صحاب، حتى أمي اتخلت عني وسابتني ومشيت، سابتني أواجه العالم لوحدي، يمكن هي سابتني مش بإرادتها، لكن هو هو سابنا بارادته، سابنا وكأنه لا اتجوز ولا عنده بنت من الأساس، سابنا ومشي وراح يتجوز ويعيش حياته ولا كأن عنده بنت من الأساس، عمري ما هسامحه على كسرة نفسي، عمري ما هسامحه على كل دمعة نزلت من عيون أمي، مش هسامحه على ضربه ليا وإهانته ليا دايما ولأمي، لكنني ولحد دلوقتي مقدرتش أكرهه، لا بحبه ولا بكرهه، معملش ليا شيء واحد عشان أحبه بيه، لكن الحاجة الوحيدة اللي تشفعله عندي إنه بس والدي، مقدرش أغلط في حقه، حتى حقي في مسامحته ممكن أتنازل عنه وأسامحه.